أحاول قدر المستطاع أن أنظر إلى هذه الانتخابات التي قاطعتها بتجرد، وقد لا تسعفني العاطفة في ذلك، لكن أقدم هذه القراءات لعلها تكون صائبة:
– تعد انتخابات ديسمبر 2012 أقل انتخابات برلمانية في تاريخ الكويت الدستوري من حيث نسبة المشاركة على الإطلاق، تلك هي الحسبة بلغة الأرقام المجردة.
– إحدى حجج المشاركين في الانتخابات أن مرسوم الصوت الواحد يعطي فرصة للأغلبية الصامتة التي تعادل نسبتها 40 في المئة من الناخبين تقريباً في كل الانتخابات النيابية وفق نظام الدوائر الخمس بأربعة أصوات، تعطيهم فرصة المشاركة واختيار من يمثلهم، ورغم ذلك فقد انتهت النسبة إلى 38.7 في المئة من إجمالي الناخبين، بمعنى أن أكثر من 60 في المئة لم يشاركوا، وهو ما يعني أن رقعة الصامتين ارتفعت ولم تقل.
– سخرية البعض من الأسماء التي نجحت يوحي بأن الأسماء في المجالس السابقة كانت متميزة على صعيد الطرح والرؤى، وهو منافٍ للواقع تماماً، فالطرح المتدني وغياب الموضوعية بل وتزوير إرادة الشعب من خلال الفرعيات كان سمة المجالس المتعاقبة.
– لم يحقق مرسوم الصوت الواحد الهدف المعلن له، وهو القضاء على التفرقة والطائفية مثلاً، فالشيعة بالغالب صوتوا للمرشحين الشيعة، ومن شارك من القبائل صوت بالغالب لأبناء القبائل، والحضر المشاركون صوتوا بالغالب للحضر، أكره هذه التقسيمات ولكنها واقع نشاهده.
– يحسب لهذه الانتخابات أنها نبذت البعض القليل من دعاة التفرقة البارزين خصوصاً المرشح الذي حصل على 8 آلاف صوت في فبراير ليخسر كل هذه الأصوات في ديسمبر، وكذلك عدم حصول أمين عام ما يسمى بثوابت الشيعة على أكثر من 30 صوتاً.
– يحسب على هذه الانتخابات أنها قدمت أكثر من 10 نواب لا يمثلون حتى 2 في المئة من ناخبي الدائرة، وهي نسبة لا تنسجم مع تمثيل الأمة بأسرها أبداً.
– كمية الكذب والتزوير والانقسام الذي شهدته هذه الانتخابات أثبت أن مرسوم الضرورة لم يوحد الكويتيين كما كان منشوداً، بل زاد من حدة تنافرهم وفرزهم.
– يشير البعض إلى أن المجلس قدم أقليات لم تكن تحظى بفرصة من ذي قبل، وأعتقد أن الأقليات وصلت إلى المجلس، ليس بسبب الصوت الواحد بل بسبب المقاطعة من 60 في المئة من الناخبين.
لقد أفضى الشق السياسي والشعبي للتصويت وفق مرسوم الضرورة الجديد للانتخابات، حسبما أرى، إلى سقوطه شعبياً، فلو اعتبرنا أن انتخابات ديسمبر بمنزلة استفتاء شعبي لقبول مرسوم الضرورة أو رفضه، فإن النسبة تبين عدم قبول الشعب به، ولو كنت مكان الحكومة لدعوت فوراً إلى مؤتمر وطني وظيفته الأساسية تقديم نظام انتخابي جديد للكويت لا يخدم حكومة ولا تيارات، كاقتراح د. سعد بن طفلة أن يكون تقسيم الناخبين وفق أحرفهم الهجائية، أو كاقتراح د. محمد المقاطع أن يكون التصويت وفق تاريخ الميلاد، على أن يحدد لهذا المؤتمر فترة زمنية معينة للخروج بنظام انتخابي موضوعي ومدروس. وإن لم يحدث ذلك فعلى الحكومة أن تحترم هذا الرفض الشعبي لمرسومها.
أما الشق القانوني لمرسوم الضرورة المتمثل في عدم دستورية المرسوم كما أعتقد، ويعتقد كثيرون غيري، فأتمنى أن تسرع المحكمة الدستورية في بحث هذا الطعن بأسرع وقت ممكن تجنباً لمزيد من اللغط.
الشهر: ديسمبر 2012
قراءة في نتائج الانتخابات
بكل حياد.. نسبة 40% للمصوتين تعني الفشل الذريع للمقاطعين حيث ان النسبة كما هو معروف لا تبدأ من 100% بل من 50 ـ 60% وهي النسبة المعتادة للتصويت في الكويت، نسبة 40% هي كذلك نسبة التصويت المعتادة في اميركا واوروبا واليابان وغيرها من الدول المتقدمة.
***
لا نعلم من اين اتى البعض بـ «اختراع» الحكم على الانتخابات طبقا لنسب المصوتين التي لم ينص عليها اي دستور في العالم.
***
من راهن على مبدأ ان تدني النسبة الى 10% او ما يقاربها يعني حل مجلس الامة الجديد فعليه ان يمتثل لما يفرضه الوجه الآخر للعملة من ضرورة التزامه الصمت وعدم الخروج للشوارع ما دام الشعب الكويتي بأغلبيته قد قرر المشاركة ما لم يكن الخروج للشوارع مقصودا بذاته وبأوامر خارجية للتخريب والتدمير وتحويل الكويت الى ربيع عربي مدمر آخر.
***
أثبتت النتائج بديهية ان الصوت الواحد لا يضر بالقبائل الكبيرة كونها من يملك الاغلبية في دوائرها والقضية هي نسبة وتناسب بدلالة فوز قبيلة الرشايدة الكريمة بـ 4 كراسي نيابية.
***
أظهرت نتائج انتخابات الصوت الواحد شرائح وانتماءات لم تظهر قط منذ انتخابات المجلس التأسيسي قبل نصف قرن.
***
أرجع النظام الجديد النساء للمجلس واثبت ان وصولهن عام 2009 ليس بيضة ديك غير قابلة للتكرار ومبروك للنائبات د.معصومة وصفاء وذكرى وهن بحق اضافة للمجلس.
***
اختفت في انتخابات الصوت الواحد الفرعيات وتقلصت او اختفت ظاهرة شراء الاصوات وتوقفت الطائفية وتوقف كذلك الطرح السالب تجاه حكومة لم تشكل بعد وساد الهدوء والتعقل.
***
من لم تعجبه نتائج الانتخابات الحالية من المقاطعين فلا يلومن الا نفسه، ومتى كان للسلبية وعدم المشاركة اي فائدة؟!
***
تعلما من تجربة عام 2009 القاسية نرجو من النواب الشيعة وهم المواطنون الكويتيون المخلصون قبل اي انتماء آخر الا يشكلوا تكتلا يقوم على الطائفة منعا لاستفزاز الآخر ومن ثم دفعه للنزول للشوارع بقصد حل المجلس الذي نتمنى ان يتم عامه الرابع.
***
شهدت الانتخابات فوز زملاء اعلاميين ورجال اعمال بارزين وأطباء ومهندسين ومحامين وطيارين، في تنوع مميز لم تشهده الكويت سابقا.
***
آخر محطة: 1 – الحكومة تتشكل في جزء منها على القراءة الأيجابية للنتائج الانتخابية عبر عرض حقائب وزارية على الكتل المؤثرة في المجلس الحالي، وفي جزء آخر على تعيين وزراء من الانتماءات التي لم تنجح في الانتخابات بسبب مقاطعة البعض منهم.
2 – نرجو ان تشهد الكويت اعلان اعتزال بعض الساسة العمل السياسي بعد الخسارة الثقيلة التي منوا بها هذه الايام كي يرتاحوا ويريحوا البلد.
كوريا وفخرو
كتب الطبيب والوزير البحريني السابق علي محمد فخرو مقالا قبل فترة، تساءل فيه عن سبب نجاح كوريا خلال 40 عاما في زيادة معدَّل دخل الفرد فيها من 64 دولاراً ليصبح 20 ألف دولار؟ وكيف تحولت من دولة زراعية متخلّفة الى إحدى الدول الصناعية المتقدمة، وامتلكت شركات صناعية عملاقة تعمل في عصب الحياة العصرية، من تكنولوجيا الإلكترونيات والعلوم الحياتية والمركبات بأنواعها، وحتى أكبر شركات المقاولات. وتساءل كيف استطاعوا، بمساعدات أميركية متواضعة، لم تزد على 60 مليار دولار (دفعت من 1946 وحتى 1978)، بناء أسس نهضة اقتصادية، بحيث إنها تحولت من بلد يستجدي إلى بلد يقدم المساعدات! ويقول إن أسئلته طرحها في ندوة دعي إليها في الإمارات، تعلقت بالتعاون الكوري الخليجي. وقال ان ما لفت نظره أن المتحدثين في الندوة ركزوا جلّ اهتمامهم على الجوانب المظهرية والتجارية للعلاقات الثقافية، من تبادل أخبار وأفلام وصحف وترجمة كتب الطرفين والسياحة، وزيارات الأساتذة والطلبة والباحثين، وكلها لا تمس جوهر الموضوع الثقافي. ويقول ان جوهر الموضوع يظهر جلياً عندما نقابل الأسئلة السابقة الذكر بشأن كوريا الجنوبية، بطرح أسئلة مماثلة عن منطقتنا. فخلال تلك العقود الستة واتتنا فرص تاريخية، عندما وصل الدخل الإجمالي عبر فترة وجيزة إلى عدة تريليونات من الدولارات، وكان باستطاعة تلك الثروة نقل بعض من أقطارنا إلى دول صناعية متقدمة، كما فعلت كوريا الجنوبية، أو على الأقل أن تكون لدينا شركات بترول عملاقة، مع إمكانات علمية وبحثية في حقول الطاقة بالغة التقدم وتضاهي مثيلاتها في العالم. لكن ذلك لم يحدث، بل تراجعت قدراتنا وانتكست آمالنا بشكل مفجع، ورجعنا إلى الاعتماد شبه الكامل على الشركات الأجنبية في استخراج البترول أو الغاز وتصفيته ونقله وتوزيعه وتطوير تكنولوجياته! ويقول فخرو إن كوريا نجحت في بناء نفسها بسبب اختلاف ثقافتها، فلديهم ثقافة أدت إلى بناء نظام تعليمي يعد من بين الأفضل في العالم، والذي بدوره جعل مستوى تعليم الفرد هو أساس المنافسة والفرص في داخل مجتمعهم، وهذا خلق إنساناً مالكاً لسلوكيات العمل الجاد والانتظام واحترام الوقت والالتزام الضميري تجاه الإتقان والجودة في ميادين العمل والنشاطات الإنسانية الأخرى.. إلخ المقال. ما تطرق إليه السيد فخرو سبق أن كتبنا عنه عدة مقالات، وما عجز عن قوله هو ان طريقة معيشتنا وممارستنا لواجباتنا اليومية، وفهمنا لما تعنيه الثقافة ومناخ الاضطهاد الذي تعيشه كل مجتمعاتنا فيما يتعلق بالحريات السياسية والدينية والثقافية، هو السبب الأساسي لتخلفنا، فمن المستحيل تقريبا في الظروف الحالية التخلي عن «عاداتنا وتقاليدنا»، وعلينا بالتالي أن نختار بين الدنيا أو الآخرة، فلا حلّ سحرياً يجمع بينهما.
أحمد الصراف
الكويت تشهد بزوغ طبقة سياسية جديدة
التهنئة القلبية للخمسين عضوا في مجلس الأمة الجديد الذي نرى ان يبدأ أعماله بنهج جديد وثقافة جديدة تخلقها الطبقة السياسية الجديدة التي اختارها الشعب الكويتي عبر انتخابات حرة نزيهة، ان القادم لا الفائت هو الأفضل وبإمكان المجلس الحالي ان يكون وبحق افضل مجلس امة في تاريخ الكويت فيما لو ركز على التنمية وابتعد عن الأزمات خاصة بعد السنوات الست الأخيرة التي حصدت مجالسها لقب أسوأ المجالس وأكثرها عرقلة لطموحات الكويتيين وإضرارا بمستقبل أبنائها وشبابها.
****
إن أفضل ما يبتدئ به المجلس الجديد أعماله التوافق على إيقاف عمليات الاستجواب الكرنفالية القائمة على «الشخصية» لا على «القضية» والتي كانت المتسبب الأول في انتشار الفساد التشريعي والإثراء غير المشروع ومن ثم العودة الى مسار الآباء المؤسسين ومجالسهم المنجزة التي أوصلتنا إلى موقع الريادة في المنطقة كونها لم تشهد عمليات الاستجواب التي يقصد منها التكسب وادعاء البطولات الفارغة على حساب مصلحة البلد كما كان يحدث في مجالس العشرين عاما الماضية.
****
إننا بحاجة لخلق طبقة سياسية جديدة ذات ثقافة جديدة تقوم على رماد الطبقة السياسية المدمرة الماضية، طبقة وثقافة جديد تهتم كل منهما بالنهوض بالكويت من كبوتها وتنمية ثرواتها والحفاظ على مستقبل أجيالها بدلا مما كنا نراه من حرص على تنمية ثروات الطبقة السياسية المنقرضة وتحويل ابنائها الى ابناء أباطرة وقياصرة.
****
وليس هناك ما هو أفضل من الأعمال التي تحقق المراد بأقصر الطرق، فمن لا ينجز من مسؤولي الوزارة الجديدة يتقدم النواب بطلب إعفائه ومحاسبته مقدمين القرائن والبراهين لكبار المسؤولين دون الحاجة إلى إشغال البلد باستجوابات كرنفالية مطولة اثبتت التجارب انها تنتهي كل مرة الى لا شيء ولم يسترد قط فلس احمر للخزينة العامة من تلك الممارسات التي تشغل البلد ومسؤوليه عن القيام بأعمالهم لخدمة الشعب. ان مهمة البرلمان الجديد هي النهوض بالبلد والرقابة والمحاسبة الفاعلة عبر أقصر الطرق لا أطولها.
****
آخر محطة:
(1) نرجو أن تسرع الحكومة الجديدة والمجلس الجديد باستبدال التشريعات القديمة المعرقلة التي دمرت ـ بقصد وتعمد ـ البلد وتسببت في تخلفه بتشريعات جديدة متطورة يمكن استيرادها بأسهل وأقصر الطرق من الدول الخليجية الشقيقة.
(2) إسقاط الاستجوابات والأزمات السياسية من أجندة المجلس الجديد يعني إتمامه السنوات الأربع وهو ما يخدم مصالح البلد العليا كما انه جزء من الثقافة السياسية الجديدة التي تهتم بالانجاز لا بعرقلته.
«عين عنچوه»
"ولكم عين بعد"! خطابي هذا لليبراليي "القرود الثلاثة" ومنظريهم من كتاب وفلاسفة الصوت الواحد بالمجلس الوطني الجديد، أسألهم إن كان لهم "عين" ليكتبوا، وينظروا، ويبرروا "أيامنا الحلوة" القادمة بمجلس "الشيوخ أبخص".
أسألهم متهكماً عن عالم الحريات العظيم القادم بعد أن منعت السلطات الأمنية بدولة الكويت، العضو بمجلس التعاون الخليجي، الكاتبة السعودية بدرية البشر من دخول الأرض الكويتية بحجة لا يعلمها إلا الله!
أسألهم إن كان لهم عين كي يبشرونا عن عالم انطلاق حرية التعبير والتفكير بالعهد القادم، أسأل هؤلاء المقتدين بحكمة القرود الثلاثة "لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم"… هل من جديد لديكم؟! هل من تفسير عندكم لهذه الحكومة التي لا يناطحها أي مجلس أغلبية حين صادرت حرية بدرية في الدخول لوطنها الثاني، وقبلها بليلة واحدة أوقفت الكاتب مشعل الذايدي عند الحدود الكويتية السعودية، وأودع مكبلاً في المخفر بتهمة قوامها النبش في صدر الكاتب ونيته عن المقصود بمقال كتبه قبل فترة…؟!
أسألكم إن كان لكم عين كي تتبجحوا بكتاباتكم الهزيلة عن اليوم الليبرالي الموعود بعد التهم التي تكال لعدد من المغردين، والتي أضحت كالمخالفات المرورية مثلما كتب أحد المغردين، إن كان هذا مفهومكم لحرية التعبير في الكويت الجديدة القادمة، كويت الصوت الواحد، وإلا كيف تفهمون حرية التعبير، وكيف تفسرون ديمومة صمتكم عن قوانين "دراكو" الرهيبة حين تحاصر العقل الحر؟!
هل شاهدتم مسيرة الأحرار بشارع الخليج أمس الأول؟ أم كنتم عمياناً، ولم تروا ما يقارب ربع سكان الكويت يسيرون برؤوس مرفوعة ويهتفون "لا للصوت الواحد"، هل رأيتم المسيرة وأعداد المشاركين الرهيبة أم أنكم مثل القرد الأول… لا يرى شيئاً؟!
هل سمعتم "شيلات" الشاعر المبدع أحمد سيار العنزي تزلزل الأرض أم أنكم مثل القرد الثاني الذي لا يسمع؟! هل ستصرخون مطالبين بحرية وجودكم التي صودرت من السلطة أم أنكم مثل القرد الثالث لا يتكلم، ولا ينطق، هو يتأتئ بلغو غير مفهوم؟
ماذا تفعلون الآن… هل تنتظرون المعجزات المذهلة لنوابكم القادمين السائرين بهدي توماس جيفرسون وبيكون وروسوكي، لكي يشرعوا لكم أبواب الحريات الموعودة…؟!
أبشروا بالخير… فقد استبشرت قبلكم حين منعت من الدخول بدرية البشر.
أسألكم في النهاية… إن كان لكم عين كي تتبجحوا متعالين على خلق الله الأحرار الذين سمعت صوتهم وعرفت نتائج تصويتهم بمسيرة "حرية وكرامة" بشارع الخليج… أم أن عيونكم عين "عنچوه" المتبجحة؟! لم أكن أعرف من هي أو "هو" عنچوه… لكني عرفته الآن… هو أنتم لا غيركم.
هذا مجلسكم
مع صدور هذا العدد من القبس تكون نتائج الانتخابات قد ظهرت، وعرفنا من نجح ومن لم ينجح، وعرفنا كذلك نسبة المشاركة إن كانت تتجاوز الخمسين في المائة أم أقل! وعرفنا – وهو الأهم – إن كان هذا المجلس يستحق أن يمثل الشعب الكويتي أم أنه مجلس طارئ!
من المؤشرات الأولية، نقول إن حملة المقاطعة نجحت ابتداء، حيث لم يترشح لهذه الانتخابات إلا قلة قليلة من أصحاب الرأي والخبرة والتاريخ النظيف، ومعظم من تم ترشيحهم ليس لديهم تاريخ سياسي معروف، ولا هم من أصحاب الفكر والرأي! والمؤشر الآخر على نجاح المقاطعة هو مسيرة «كرامة وطن 3»، التي خرج فيها حشد غير مسبوق قُدّر بمائتي ألف مواطن. وقد تميّزت هذه المسيرة بمشاركة واضحة من مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي.
نرجع إلى المجلس الجديد، حيث من المتوقع نجاح بعض أصحاب السوابق الجنائية، الذين شطبتهم اللجنة العليا للانتخابات بمن فيهم نواب القبيضة السابقون، الذين لم يتم الإفراج عنهم من النيابة إلا بكفالة خمسة آلاف دينار، مما يؤكد وجود شبهة في تضخم حساباتهم بشكل مشبوه.
كما من المتوقع أن ينجح نواب الطائفة الشيعية، الذين سيزيد عددهم إلى أكثر من عشرة نواب، ولأول مرة في تاريخ المجالس النيابية! أما البقية الباقية من هذه التشكيلة، فهم إما مرشحون نزلوا ربما بقوة المال السياسي الذي دفع لهم أو بقوة دعم مراكز قوى اجتماعية واقتصادية، أو من العناصر التي لم تشبها شائبة، نجحت بأصوات من جاء يشارك اقتناعاً بأهمية المشاركة ودعماً لما يظنه إصلاح المؤسسة التشريعية!
السؤال الآن: من الذي لن نراه في هذا المجلس؟!
والجواب ببساطة: هم نواب الرأي والفكر، من اليسار واليمين، ونواب القبائل الكبيرة في الكويت، الذين استطاعوا أن يمثلوا قبائلهم بامتياز، وتمكنوا من تشريف من يمثلونه بمواقفهم الوطنية واستطاعوا أن يغيّروا من صورة نائب المناطق الخارجية الانبطاحي إلى نائب المواقف القوية.. سيختفي نواب مستقلون، تمكنوا من إقناع قواعدهم بأدائهم المتميز.
وأخيراً.. ماذا عن هذا المجلس؟!
أعتقد أن هذا المجلس معرض للفشل أكثر من إمكانية النجاح له! السبب.. أكثر من سبب.. الإمكانات البشرية الفكرية المتاحة غير مؤهلة لتمرير مشاريع مدروسة بنجاح بحجم المشاريع المعروضة عليه! كما أن الحكومة، التي ستشكل وتدير وتنفذ المشاريع المقرّة، لن يتوافر لها الدعم الناصح من البرلمان، حيث ستجد أمامها برلماناً مطواعاً لا يعرف كلمة «لا»، وإن قيلت «لا» فهي للابتزاز ليس إلا!
وهذه مشكلة ستواجه رئيس الوزراء المقبل، فبعض النواب من تجربتنا السابقة معهم، إما تمرر له معاملاته غير القانونية، وإلا «راح اصعدك عالمنصة!» وما أكثر هذه النوعية في هذا المجلس.
إذاً فلا الحكومة مؤهلة، ولا المجلس قادر على النجاح. فكيف إن توافرت معارضة عاقلة مدركة حكيمة، تسعى لإيجاد برلمان ظل يفضح خراب البرلمان الموجود؟!
يبقى القول إنه من المتوقع وجود نوعيات قليلة جيدة ذاتياً، وعناصر مؤهلة في هذا البرلمان، لكن الكثرة تغلب الشجاعة!
***
• أثناء مسيرة «كرامة وطن3»، وعندما كنت أستمع إلى الصيحات والشيلات، تذكرت الحاضر الغائب العميد الشاعر -المرحوم بإذن الله- مطلق عباس حبيب مناور، وتذكّرت معه دواوين الإثنين وشيلاتها، كما لم يغب عن ذهني الشهيد مبارك النوت. عليهما رحمة الله.
جمبازية السياسة والإعلام الجمبازي
لعلَّ من أفضل «حسنات» حركات المواطن العربي المطالبة بالحقوق المشروعة التي شهدناها منذ ثورة الياسمين في تونس واستمرارها في مختلف بقاع الوطن العربي حتى اليوم تحت مسمى الربيع العربي، هي افتضاح أمر الكثيرين من جمبازية السياسة… وخصوصاً المحسوبين على الحكومات! وسقوط الإعلام الجمبازي بعد أن قفز بصورة غير مسبوقة في الحياة اليومية للمواطن العربي.
طيلة العامين 2011 و2012 تابع ملايين العرب ألعاب جمباز مسلية جدّاً ظهر فيها أولئك الساسة على الشاشات الفضائية وهم يمارسون الجمباز السياسي في أعلى درجات الإتقان والمهارة بالصورة التي تفوقوا فيها كثيراً على وزير الإعلام (الشهير في عهد المقبور صدام حسين) محمد سعيد الصحاف، حتى أن طرفة انتشرت بين العراقيين وغيرهم تقول إن الصحاف عقد مؤتمراً صحافيّاً أعلن فيه أن اسقاط أحد تماثيل صدام كان (إنزالاً) بهدف «الصيانة» وليس كما يدعي «العلوج»! وتندر آخرون بالقول إن الصحاف «مات»! لكنه اتصل من قبره مؤكداً أنه لا يزال على قيد الحياة وسيوافيكم بالتفاصيل قريباً.
على أية حال، أسهمت «جمبازية» الساسة والمتحدثون باسم الأنظمة الديكتاتورية المتهاوية في إضافة حالة من الوعي بين الجماهير، وخصوصاً مع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني الهائل؛ بحيث أصبح من اليسير كشف تناقضهم وتحايلهم بتقديم التصريحات المتناقضة نصوصاً ومقاطع صوتية ومرئية، وكان لنماذج النفاق والانقلاب واللعب على الحبلين أثرها في وضع أصحابها في قائمة الكذابين المتملقين المنبوذين.
*سئل أحدهم في حوار فضائي بينما كان ملايين المصريين يحتشدون في ميدان التحرير منذ انطلاقة ثورتهم يوم (25 يناير كانون الثاني 2011) عما ستؤول إليه الأوضاع في مصر، وهل سيتنحى مبارك أم لا؟ فقال :»إزاي وليه يتنحى الريس؟ فكل هؤلاء الذين يقفون الآن ضده؛ إنما هم يطبقون أجندات خارجية، ويتآمرون مع قوى اقليمية للإضرار بمصر وشعبها… شعب مصر مش هيتنازل عن الريس أبداً… فليكن معلوماً».
وبعد سقوط مبارك، شارك الرجل ذاته في مداخلة بأحد البرامج وكان «يلعلع» بعالي الصوت بأن عهد مبارك كان عهد الاستبداد والظلم والفساد والعبث بمقدرات مصر وأبناء مصر وحكم القطب الأوحد… وأنه من الناس الذين كانوا سيضحون بكل ما يملكون من أجل إسقاط ذلك الطاغية!
آخر عرفه الشعب المصري بهجومه المستمر على المتظاهرين في الميدان، وكان في كل مرة يتفنن في اختيار الصفات والتهم والافتراءات، لكنه بعد سقوط مبارك صار يتحدث عن الإنجاز التاريخي الذي حققه أبناء مصر المخلصون الأوفياء الذين (تفخر بهم مصر ويفخر بهم الجميع).
أما في اليمن، فالنماذج كثيرة، لكن أحد المشايخ؛ هاجم ثورة الشعب اليمني باعتبارها همجية وعواقبها بلاء، وأن كل الثورات لا تأتي على المجتمعات الإسلامية الا بالنكبات، ناصحاً بالعمل بالمنهج الشرعي في التعامل مع ولي الأمر وليس بهمجية «ارحل… ارحل»، حتى أنه قال: هل ترضى أميركا بأن يقال لمسئوليها :»ارحل… ارحل؟ وأن تظل غنماً بلا راعٍ؟»، فتلك الثورات في نظره ثورة ماسونية والثوار شأنهم شأن المجرمين يريدون إفساد البلد، وما أن تطورت الأحداث وتنحى علي عبدالله صالح حتى سارع في الثناء على شباب الثورة وإخلاصهم وتفانيهم وحبهم لوطنهم ووقوفهم صفّاً واحداً في وجه الاستبداد.
جمبازية السياسة أولئك ما كانوا ليظهروا ويتجاوزوا حدودهم ثم يسقطوا بعد ذلك لو كان الإعلام العربي يمتلك خطاباً مهنيّاً ووطنيّاً وأخلاقيّاً، وهذه واحدة من أهم القضايا التي ناقشتها ورشة عمل قيمة عقدت في القاهرة بتاريخ (27 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي 2011) تحت عنوان: «آفاق الإعلام العربي في عصر الثورة»، بتنظيم من المنظمة العربية لحقوق الإنسان.
الجميل في تلك الورشة أن أسماء إعلامية لامعة ومحترمة في الوطن العربي شاركت فيها من أمثال محسن عوض، خولة مطر، علاء شلبي، محمد فائق وغيرهم، انتقدوا فتح المجال (لجمبازية السياسة)! فالمشهد الإعلامي العربي – كما شخصوه – قائم على تعظيم ثقافة الاستهلاك والتسطيح السياسي والفكري والاعتماد على التحريض والإثارة في مواجهة الجماهير، وأن أخطر ما قام به الإعلام العربي هو «خنق الحقيقة» عبر التعتيم عليها وهو دور يتجاوز التزييف، بدلاً من أن يقوم بشرح الحدث وإيقاعاته وإنزال الرسالة إلى مجرى الحياة اليومية.
خطر جمبازية السياسة والإعلام الجمبازي المساند لهم أيضاً يكمن في كونه مجرداً من الإطار المرجعي الوطني والمهني والأخلاقي، ولهذا انتشرت في الإعلام العربي مصطلحات من قبيل :»الفلول – العملاء – الخونة – المتآمرون – الفوضى – الانتقام والتشفي – الاعتصام والتظاهر – الضرب – القتل – الهمج – أعداء الوطن» وقائمة طويلة غير منتهية من المصطلحات والاتهامات والشتائم، ساهمت في تشتيت المواطن العربي أكثر مما رفعت قدرته ووعيه على الاختيار، حتى نفع ذلك في تحقيق ميزة أكبر وهي :»عدم تشرف الإنسان العربي بجمبازية السياسة والإعلام الجمبازي» ووضعهم في خانة (عباقرة الخداع والتضليل).
شارعنا وغودو
لاحظت في الفترة الأخيرة زيادة لافتة في عدد السيارات الفارهة في شارعنا، لأن غالبية قاطنيه، او ابناءهم، من موظفي الدولة، وحيث انني لم اسمع بفوز أي منهم بيانصيب فمن الطبيعي الافتراض بأن أوضاعهم المالية تحسنت بصورة مفاجئة وغير متوقعة نتيجة الزيادات الفلكية في الرواتب، وذهبت غالبيتها لاقتناء سيارات غالية الثمن، وهو تصرف غير راشد ونتيجة «غير طبيعية» لزيادات غير منطقية! وقد ذكرني ما لاحظته في شارعنا بقصة «وزير السلطان»، الذي كان يمر يوما بمنطقة زراعية فرأى فلاحا يكدح في أرضه والعرق يتصبب منه، فأوقف موكبه ونزل عن حصانه ليسأله إن كان بحاجة لشيء، فشكره الرجل وقبّل كفيه ووضعهما على رأسه، في إشارة الى قناعته ورضاه بنصيبه! فسأله وزير السلطان عما يجنيه من مال من عمله الشاق، فقال المزارع انه يكسب من الأرض مبلغا صغيرا يصرف ربعه على حاجياته وطلبات زوجته وأولاده الضرورية، ويذهب الربع الثاني لشراء الطعام والشراب، والثالث يصرف للعناية بأخته المريضة، اما الرابع فيدفعه أجرة لصاحب الأرض! أعجب الوزير بقناعة الرجل وحسن تصرفه بما يجني، واهتمامه بأخته المريضة وهو شبه المعدم، فأصدر أمره لحاشيته بشراء الحقل من صاحبه وأن يوهب للمزارع! بعدها بأيام قام المزارع ببيع الأرض، وتطليق زوجته، والسفر إلى تايلند. فهكذا قرارات ينتح عنها هكذا تصرفات!
ما أود قوله ان موجة شراء رضا المواطنين وقبولهم عن طريق زيادات رواتب واسقاط قروض المصارف عنهم، أو فوائدها، وزيادة قروض بنك التسليف المخصصة للزواج أو الترميم وغير ذلك من مشهيات مادية، لن ينتج عنها غير إفساد المواطنين وخراب بيوت ونفوس الكثيرين منهم، ودفعهم أكثر للاتكال على الحكومة، التي طاب لها تشجيعهم على الصرف الاستهلاكي، والإيمان بمقولة «اصرف ما في الجيب وسيأتيك ما في الغيب»! وكان الأجدر بها، وهي التي تحب أن توصف بـ«الرشيدة»، إن كانت فعلا تبتغي زيادة رفاهية المواطن ورفع الغبن عنه، الاهتمام أكثر بما تقدمه من خدمات له، ورفع معاناته في الوزارات والمستشفيات وتحسين مستوى معيشته، وبناء مستشفيات ومستوصفات كافية، وإنشاء مدارس أفضل، واعتماد مناهج دراسية أكثر رقيا، وبناء طرق أكثر أمانا، وتشييد مسارح أكثر فائدة ومكتبات أكثر غنى بما فيها من معارف، وغير ذلك الكثير مما ينقص المواطن ويقلل من مستوى معيشته، والذي كان ينقص ذلك الفلاح ولم يهتم الوزير بتوفيرها له! ولكن هذه المشاريع تحتاج لتخطيط وتفكير وتنفيذ ومراقبة وبرمجة وإشراف مالي وإداري وهندسي، وجميعها أعمال مثيرة لضجر الحكومة ورئيسها، وتأخذ عادة سنوات لتنفيذها، إن نفذت أصلا، والأفضل بالتالي شراء ود المواطن وولاءه بعطايا نقدية ومنح مالية ورواتب مجزية وخصومات فلكية، وكفى الحكومة شر التخطيط والتدقيق والمراقبة، ولنذهب جميعا لتايلند… لأن الأمر لا يبدو أنه سيأتي يوما، كـ«غودو»!
أحمد الصراف
لأجل الغد.. أدلِ بصوتك اليوم!
بودنا ان نعرف ما الفائدة التي سيحصدها من سيضحي بحقه الدستوري ويقاطع الانتخابات اليوم؟! واضح ان هناك مشاركة موجبة من قبل كثيرين والمقاطعة ستحرمك من اختيار الاكفاء والامناء والاقرب لتطلعك الشخصي لكيفية ادارة البلد، فلا يكفي ان تلعن الظلام بل عليك ان تضيء شمعة عبر ادلائك بصوتك اليوم، والا فلماذا خلق الآباء الدستور ولماذا ارتضينا بالديموقراطية اذن؟!
****
وهل سمع احد قط بدستور ينص على ان الانتخابات تسقط شرعيتها طبقا لعدد المصوتين؟! وهل ربط احد صحة انتخاب الرئيس اوباما، على سبيل المثال، بنسبة عدد المشاركين في الانتخابات الاخيرة مقارنة بالعدد الكلي للشعب الاميركي؟! ان ما يسر الخاطر حقيقة ان المجلس القادم سيستمر اربع سنوات مليئة بالانجاز الذي سيفرح كل محب للكويت بعد السنوات العجاف التي مررنا بها وستبدأ نهضة الكويت الحقيقية منذ يومنا هذا، وسيظهر الشعب الكويتي معدنه الحقيقي ومدى اخلاصه وحبه لوطنه وسيفشل مخططات تدمير الكويت التي تهدف إلى الخروج الدائم للشوارع ونشر الفوضى وخلق ربيع مدمر آخر في البلد.
****
ونذكر ونكشف حقيقة ان نظام التصويت عام 1981 قد تغير من 10 دوائر وحق كل مواطن في انتخاب 5 اعضاء الى 25 دائرة والتصويت لمرشحين فقط عبر «مرسوم ضرورة»، ولم نسمع بهمسة احتجاج واحدة ممن يدعون للمقاطعة اليوم، ثم اتى التغيير الى الدوائر الخمس والاربعة اصوات الذي يمثل انتخاب 40% من النواب بعد أن كان الناخب نفسه ينتخب 100% من ممثلي الدائرة، ولم نسمع كذلك احتجاجات ومقاطعات، فما حدا ما بدا عدا البحث عن الذرائع والاعذار لتحويل الكويت لدولة ربيع عربي اخرى يُهجّر شعبها وتجري دماؤه انهارا!
****
ولا أعلم سببا واحدا لاعتراض المقاطعين على نظام الصوت الواحد الموجود في «جميع» الديموقراطيات الأخرى والسبب «الوحيد» لإعطاء الآباء المؤسسين الناخب حق انتخاب 5 مرشحين (فيما بعد إلى مرشحين عام 1981 و4 مرشحين عام 2006 مما يعني أنها ليست قضية ثابتة) هو قلة عدد الناخبين (10 آلاف ناخب للمجلس التأسيسي، 16 ألفا للمجلس الأول) ووفرة عدد المرشحين آنذاك مما يعني أن يصل النائب عن «الأمة» للمجلس بعدد لا يزيد عن 30 ـ 40 صوتا لذا اقتضى الأمر اعطاءه 5 أصوات كي يضاعف ذلك الرقم 5 مرات وهو أمر انتفى هذه الأيام بعد وصول عدد الناخبين لما يقارب نصف المليون ناخب.
****
آخر محطة:
1 ـ رسالة لكل كويتي وكويتية: ان اردتم ان تساهموا بمستقبل زاهر لكم ولاجيالكم المقبلة، فتحولوا من السلب الى الايجاب، ومن المقاطعة الى المشاركة، فقطار البلد بدأ بالتحرك السريع من المحطة التي ارغم على الوقوف بها لعقود من الزمن، وخير لك ان تنتخب اليوم وتركب ذلك القطار من ان تكون مقاطعا ومتظاهرا على الرصيف المقابل.
2 ـ من سيقاطع اليوم فلا حق له بالاحتجاج في الغد على نتائج الانتخابات ووصول من لا يوده للبرلمان، فالكويت تولد من جديد.. اليوم، فشارك في تلك الولادة المباركة.
فضائل الإنترنت وفضائحه
أصبح الإنترنت مع الوقت أداة نعمة ونقمة، فهو من جهة وسيلة معرفة وتواصل سريع، ومن جهة أخرى وسيلة فعالة لتخريب سمعة أي شخص، أو إعطاء معلومات تاريخية أو صحية أو تعليمية أو علمية خطأ من خلال وضعها في قالب جذاب ومخادع، بحيث تنطلي على الغالبية! ولهذا قامت جهات تبحث عن المصلحة العامة بإنشاء مواقع إلكترونية يمكن الرجوع إليها للتأكد من أي معلومة صحية أو تاريخية قبل القبول بها! وكمثال على هذا النوع من الرسائل المسيئة والكذب ما انتشر على الإنترنت من أن جد الملك عبدالله، ملك الأردن، توفي عن 96 عاما، ودفن في المقابر الملكية في عمان، ولكنه دفن بمراسم يهودية، وبحضور حاخام إسرائيلي، وأن الملك قطع جولته في الخليج ليشارك في تشييع جده الكولونيل الإنكليزي والتر بيرسي غاردنر، الذي كان له دور في تربيته، خاصة بعد انفصال أمه، أنطوانيت، عن أبيه الملك حسين، بعد رفضها دخول الإسلام، إلى غير ذلك من مبالغات! فقد تبين من البحث أن والتر غاردنر، ولد عام 1914 وتوفي عام 2010، وكان رجلا عصاميا فاضلا، وأنه جاء للدنيا وغادرها مسيحيا، كما أن ابنته أنطوانيت دخلت الإسلام وتسمّت بــ «منى». وكان غاردنر، الذي سبق أن التحق بالجيش البريطاني، وهو في سن الــ14 كنجار، في فترة من حياته، مسؤولا عن توفير المياه للقوات البريطانية المنسحبة من دنكرك، إبان الحرب العالمية الثانية، كما كان له دور عسكري رائع في أكثر من موقع أوروبي وشمال أفريقي، ونال أكثر من وسام شرف، وترك العسكرية عام 1946 ليعمل كمالك عقارات. ولكنه عاد إلى الجيش عام 1952، حيث أرسل إلى ماليزيا ليبقى فترة هناك قبل أن يعود بعدها إلى الشرق الأوسط مع أسرته في بداية خمسينات القرن الماضي، ليساهم بخبرته الطويلة بالمياه في إدارة وحدة الهندسة في الجيش الأردني، وأثناءها التقى الملك حسين بابنته وتزوّجها. وفي عام 1961 عُيّن غاردنر رئيسا لسلطة مياه الأردن، وتمكّن بخبرته من اكتشاف عدة مصادر مياه جوفية، وبناء خطوط مياه لمدن وقرى لم تعرف يوما المياه الجارية.
نعيد ونكرر أن علينا أخذ الحيطة الشديدة في قبول أو رفض ما يرد إلينا على الإنترنت، وكنت شخصيا ضحية لأكثر من خبر خطأ، وناشرا لأكثر من معلومة غير صحيحة، وجميع هذه التجارب السيئة جعلتني أكثر حذرا، وميلا لرفض تصديق غالبية ما يردني. كما علينا التحقق من صحة أي خبر مسيء لجهة وشخص ما، قبل قبوله ونشره.
***
يقول الحكيم الصيني
«ما تصد قوني»: إن رحلة الألف ميل تبدأ عندما تتعطل بك السيارة في طريق صحراوي طويل وغير مطروق.
أحمد الصراف
www.kalama nas.com