سعيد محمد سعيد

العودة الى «خنوع الشعوب العربية»

 

يتمنى أتباع «العقلية المتخاذلة»، وهم يتابعون أوضاع الثورات العربية وارتداداتها، أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل اشتعال تلك الثورات! فتلك أيام «سكينة» وهدوء واطمئنان «وكفى الله المؤمنين شر القتال»، حتى وإن كانت تحت سيطرة الحكم الشمولي الاستبدادي! الركاز الذي يعتمدون عليه في نظرتهم تلك هو حالة الاضطراب المستمرة في دول الثورات التي لم تهدأ حتى الآن، وكأن الناس ثارت لكي تطيح بطاغية مستبد وتنتخب آخر والسلام، حتى وإن بدأ يلعب بذيله.

العودة الى زمن «خنوع الشعوب العربية» أمر مستحيل، فالأمة اليوم أمام جيل شبابي لا يقبل بالحلول المخادعة ولا أنصاف الحلول، ولا يمكن استدراجه للوقوع في شباك شكل جديد من الحكم استغل انتفاضة الشباب العربي ليصعد على أكتافهم ثم يمارس شكلاً جديداً من الحكم الاستبدادي.

الشعوب العربية تقودها اليوم حركات الشباب المتعلم الذي لن يقبل بأن تكون الأمة، تحت نظام حكم، لا يعترف بالشعوب كمصدر للسلطات. ولن يتباكى ليقول: «ليت الماضي يعود وكفى»! فهو يؤمن بأن لكل مواطن عربي الحق في أن يعيش حرّاً لا عبداً لأي نظام حاكم يدير البلد وفق هوى حزبه.

ما تعيشه الأمة العربية، سواء في بلدانها التي لاتزال الثورات فيها ممتدة عبر مسارات جديدة، أم تلك التي ستصلها لا محالة، ارتدادات تلك المسارات (إن لم تبادر الأنظمة إلى الإصلاح الحقيقي الذي تنشده شعوبها)، ما تعيشه هو انتفاضات شبابية عصية على الاستيعاب الإيديولوجي كما يقول الباحث الموريتاني السيد ولد أباه في كتابه: «الثورات العربية الجديدة: المسار والمصير.. يوميات مشهد متواصل»، الذي ناقش الحركات الاحتجاجية في أكثر من بلد عربي ليجزم بأن رهان تلك الحركات يتمثل في إنتاج صيغ عيش جديدة، وخروج من منطق القمع والوصاية، والتأكيد على قيم الحرية الفردية والفاعلية الإنسانية في مجتمعات متكلِّسة ضاقت فيها فرص الاندماج الجماعي والإبداع الفردي وفرص التداول على السلطة.

والمطالب السياسية، كما يرى المؤلف، تدخل نفسها في هذا المنطق، باعتبارها تتجاوز التسيير الديمقراطي للحقل السياسي، ومن هنا نُدرك أن هذه الثورات الشبابية العصيَّة على الاستيعاب الإيديولوجي، تنضح بالمُثل الليبرالية الحالمة، وتجسِّد حالة الانفصام العميقة بين الطبقة السياسية والأجيال الصاعدة في العالم العربي. بل ويؤمن المؤلف بأن أحداث تلك الثورات وأدواتها الاحتجاجية لم تكن إلا تعبيراً واضحاً عن هذه السِّمات المذكورة، فلا فرق هنا بين منطق الانتحار بالاحتراق والاحتشاد الاحتفائي في الميادين العامة، فكلاهما استخدام ناجع لسلاح الجسد في فظاعته التعبيرية المؤلمة في «الاحتراق»، أو في متعته الاحتفالية! فقد جاء الجسد هنا مُحمَّلاً بقدرات ائتلافية ترابطية، لا تحتاج إلى خطابة السياسيين والدعاة والحكماء. ومِن هنا تكمن المصاعب الجمّة لصياغة مطالب الشباب الثائر في مشاريع سـياسية أو رؤى إيديولوجية منسجمة. (انتهى الاقتباس).

القوى الشبابية ذاتها الفاعلة على الساحة العربية اليوم، ليست منساقةً إلى فكرة أن القوى الإقليمية ستعينها في حركاتها المطلبية للتحرر من الأنظمة الاستبدادية، وقد تناول الباحث صبحي غندور (موقع اتجاهات)، البحث في مصير الحراك الشعبي العربي، وله وجهة نظر مهمة يؤكد فيها على أنه «ساذج» من يعتقد بأن «القوى الدولية الكبرى حريصةٌ الآن على مصالح وحقوق شعوب المنطقة، بعد أن استعمر هذه المنطقة عددٌ من هذه القوى الكبرى ولعقودٍ طويلة، واستعمارها هذا كان هو المسئول الأول عن تخلّفها وعن أنظمتها وعن تقسيمها، ثم عن زرع إسرائيل في قلبها، وعن احتلال فلسطين وتشريد شعبها واستنزاف الدول المجاورة لها في حروبٍ متواصلة، وقد كانت هذه الدول الكبرى، ولاتزال، مصدر الدعم والتسليح والتمويل لهذه الحروب الإسرائيلية ضدّ الفلسطينيين والعرب، وها هي الآن تتحدّث عن الحرّية للشعوب العربية، بينما لايزال محظوراً لدى هذه الدول أيُّ تفكيرٍ لتجديد الانتفاضة الشعبية الفلسطينية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، فكيف بمقاومته عسكريّاً! الانتفاضات الشعبية العربية تحدث في أوطانٍ غير مستقرّة، لا دستوريّاً ولا اجتماعيّاً، ولا هي (أي هذه الانتفاضات) موحّدة سياسيّاً أو فكريّاً، ولا هي متحرّرة من أشكال مختلفة من التدخّل الأجنبي والإقليمي، وهذا الأمر يزيد الآن من مسئولية قوى التغيير والمعارضات العربية، ومن أهمّية تنبّهها لألا تكون وسيلةً لخدمة أهداف ومصالح غير أهداف ومصالح شعوبها».

والباحث يلقي باللائمة أيضاً على القوى السياسية المعارضة في الوطن العربي حينما عجزت عن البناء السليم لنفسها: فكراً وأسلوباً وقيادات، فساهمت عن قصدٍ أو غير قصد في خدمة الحكومات والحكّام المستبدين الفاسدين، فهناك ملاحظات كثيرة على ماهيّة «الأفكار»، وطبيعة «القيادات» التي تستثمر «أساليب» الانتفاضات العربية، فلا يجوز طبعاً أن تكون «الأساليب» السليمة لخدمة أفكار ومشاريع وقيادات غير سليمة، تسرق التضحيات والإنجازات الكبرى، وتُعيد تكرار ما حدث في السابق في المنطقة العربية من تغييراتٍ كانت تحدث من خلال بعض الانقلابات العسكرية أو الميليشيات المسلحة، ثم تتحوّل لاحقاً إلى أسوأ ممّا كان قبلها من واقع. أيضاً، لا نجد الآن في كلّ الانتفاضات الشعبية العربية، التوازنَ السليم المطلوب بين شعارات: الديمقراطية والعدالة والتحرّر والوحدة الوطنية ومسألة الهوية العربية.

التغيير الإيجابي المطلوب في عموم المنطقة العربية، هو مدى تحقيق هذه الشعارات معاً، وليس شعار الديمقراطية فقط – كما يحلل صبحي غندور – إلاّ إذا كان ما يحدث الآن هو تنفيذٌ لما دعا إليه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن في العام 2004 في قمّة «الناتو» في إسطنبول، من تشجيع للتيارات السياسية الدينية على الأخذ بالنموذج التركي الذي يجمع بين الإسلام والديمقراطية، في دولةٍ هي عضوٌ في «الناتو» ولها علاقات طبيعية مع «إسرائيل»!

سامي النصف

الخيارات السياسية لبعض القوى الاقتصادية!

يشتهر عن الشعب اللبناني الشقيق تفوقه وذكاؤه وعبقريته في العمل الاقتصادي، يقابلها اخفاق كبير عندما يمارس العمل السياسي، في الاقتصاد يعمر اللبناني بلدان الآخرين وفي السياسة لا يستطيع ان يدير شؤون وطنه الصغير فينتهي في كل مرة بأزمات وحروب ودماء ومصاعب ومصائب واشكالات سياسية لا تنتهي حتى صنف لبنان الاخضر ضمن الدول الفاشلة والمتخلفة في العالم.

***

تلك الحقيقة الجلية تمتد تاريخيا وحتى يومنا هذا لبعض الطبقة التجارية الكويتية التي كانت الاكثر علما وثقافة وسفرا واطلاعا في الماضي، بدءا بالخيارات «السياسية» الخاطئة عام 38 والتي لو تحققت لكنا جزءا من التاريخ الدموي الحديث للعراق الشقيق، ومثلها الاخذ بالخيار الناصري في الخمسينيات والستينيات، رغم قمعه ودمويته وعدم ديموقراطيته ومحاربته لرجال الاقتصاد الحر في مصر وسورية وطردهم وتأميم املاكهم، فكيف تم الايمان به على حساب حاكم ديموقراطي تاريخي كحال المغفور له الشيخ عبدالله السالم؟! لا اعلم.

***

ورغم ان الطبقة التجارية والاقتصادية هي الحليف الطبيعي للانظمة في كل البلدان ومنها بلداننا الخليجية، الا انها اختارت في الكويت مسارا سياسيا غريبا ومختلفا هو التحالف مع القوى الماركسية والاشتراكية والقومية ضد نظام الحكم، كما دفعت للاخذ بالخيار الديموقراطي وهو امر جيد لنا كشعب وكمواطنين عاديين، الا انه خيار سياسي غير ملائم لها كون اللعبة الديموقراطية تعتمد على العدد الذي تفتقده تلك الطبقة المؤثرة نوعا لا كما.

***

وفي السبعينيات تسبب خيارها السياسي الخاطئ بالمعارضة والتحالف مع القوى اليسارية في تحول النظام من الاعتماد عليها الى الاعتماد على التيار الديني المحافظ فتم انشاء بيت التمويل وبيت الزكاة وانشاء عشرات المقرات للقوى الدينية المحافظة، كما تمت محاولة الاستفادة من البترودولار المتدفق بعد حرب اكتوبر 1973 في خلق طبقة اقتصادية كويتية جديدة ذات توجهات سياسية معتدلة وغير معارضة، الا ان الامر انتهى بكوارث ازمة البورصة عام 1976، والمناخ عام 82، كما مالت تلك الطبقة سياسيا للعراق ابان حربه مع ايران 1980 – 1988 بينما كان يفترض ان تكون العنصر الضاغط لالتزام الكويت بموقف الحياد بين البلدين كي تستفيد اقتصاديا منهما وهو الدور الذي لعبته الطبقة الاقتصادية في الامارات مما جعلها تحتل المكانة التجارية والمالية الدولية المرموقة التي تحتلها الآن، واثمان اقتصادية تدفع لاخطاء سياسية اخرى.

***

آخر محطة:

1) لو ان التوجه الاقتصادي او حتى الوطني هو الذي قرر المقاطعة هذه الايام لما اصطفت القوى الاخرى معه او خلفه، بل لعملت جاهدة على تنحيته وحصد الكراسي النيابية التي تخلى عنها.

2) في خيارها السياسي الخاطئ هذه الايام، تصبح تلك القوى الاقتصادية والوطنية خاسرة في كل الاحوال فإن فشلت المقاطعة كما حدث اصبحت معزولة عن مركز الحدث، وان نجحت المقاطعة فستحصد القوى الشعبية والمحافظة – لا هي – الكردت لهذا النجاح.

3) امام تلك القوى الاقتصادية خياران، إما طلاق نهائي للعمل السياسي والتفرغ للاقتصاد فقط او تعيين مستشارين سياسيين لها تتطابق أجنداتهم مع أجنداتها، لا ضدها كما هو الحال الآن.

 

احمد الصراف

صرصار لافونتين

يعتبر «جين دو لافونتين» (1621-1695) Jean de La Fontain واحداً من أكبر شعراء فرنسا في القرن الـ17، وكان يعرف بحبه لرواية الأساطير، والمبالغة المفرطة فيما يكتب من خزعبلات وحكم أحياناً. ويعتبره البعض من أوائل من عرف تركيبة اللغة الفرنسية وأسرارها، حتى قبل أديب فرنسا الكبير فيكتور هوغو، وقد كرّمته فرنسا عام 1995 بإصدار مجموعة من الطوابع باسمه. وفي تحريف طريف لإحدى قصصه الخيالية عن الصرصار والنملة قال المرسل: كان يا ما كان في قديم الزمان نملة وصرصار، وكانا صديقين حميمين! وفي الخريف، كانت النملة الصغيرة تعمل من دون توقف، تجمع الطعام وتخزّنه للشتاء. ولم تكن تتمتّع بالشمس، ولا بالنسيم العليل في الأمسيات الهادئة، ولا بالأحاديث الطيبة بين الأصدقاء، وهم يتلذذون بتناول البيرة المثلّجة بعد يوم كدٍّ وتعب. وفي الوقت نفسه، كان الصرصار يحتفل مع أصدقائه في حانات المدينة، يغني ويرقص ويتمتّع بالطقس الجميل، ولا يكترث للشتاء الذي أوشك على الحلول. وحين أصبح الطقس بارداً جدّاً، كانت النملة على أتم الاستعداد لاستقباله، فقد ملأت بيتها بمونة الشتاء حتى السقف، واستعدت لأن تخلد للنوم دون خوف أو فزع، ولكنها ما كادت تغلق الباب في وجه الريح الباردة حتى سمعت من يناديها من الخارج، ففتحت الباب، ودهشت لرؤية الصرصار يدعوها إلى الخروج لرؤية سيّارته «الفرّاري»، وكان يرتدي معطفاً غالياً، وقال لها: مساء الخير يا صديقتي النملة، جئت لأخبرك بأنني سوف أقضي الشتاء في باريس، هل تستطيعين، لو سمحت.، الانتباه لبيتي خلال فترة غيابي؟ فأجابت النملة: طبعاً، فلا مشكلة لدي. ولكن قل لي: ما الذي حصل؟ من أين وجدت المال للذهاب إلى باريس؟ وكيف اشتريت هذه «الفراري» الرائعة وهذا المعطف؟ فأجابها الصرصار: تصوري، كنت أغنّي في الحانة الأسبوع الماضي، فأتى منتج وأعجبه صوتي، فوقعت معه عقداً لإقامة حفلات في باريس طوال فصل الشتاء. آه، كدتُ أنسى. هل تريدين شيئاً من باريس؟ أجابت النملة: نعم! إذا رأيتَ الكاتب الفرنسي لافونتين قل له: صديقتي النملة تسلم عليك وتقول لك: يلعن أبوك، على أبو نصايحك! والعبرة هنا، من خلال التغيير الجذري في سياق القصة/ الحكمة، أن علينا التمتع بالحياة، وإيجاد التوازن اللائق بين العمل والراحة، لأن الفائدة من العمل المبالغ فيه غير موجودة إلا في الأساطير، أو قصص لافونتين. وإن علينا العيش للعمل وللتمتع بالحياة وليس بأحدهما فقط، فلن يستمتع من وراء امال لبخيل غير ورثته. وفي هذا السياق يقول الكاتب المصري الراحل جلال عامر: نحن الشعب الوحيد الذي يستخدم «المخ» في السندويشات! ويقول: لم يعد أحد في مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة الغاز. ويقول إن من السهل عزل الملوك، ولكن من الصعب تغيير السلوك. ويقول: الحرب يخطط لها «الدهاة».. ويصنعها «الشجعان».. ويرثها «اللا مؤاخذة»! وأخيراً: البلد فيها ناس عايشة كويس، وناس كويس إنها عايشة.
* * *
• ملاحظة: ورد في مقال يوم الأربعاء الماضي بعنوان «أحلام بثينة ومركز وعكر» اسم اعتقد البعض أنه مقصود به شخصية محددة، وهذا غير دقيق، فالاسم وفحوى المقال من وحي خيالي، وبالتالي لا وجود لشخصية «بثينة»، كما ورد في المقال، على أرض الواقع.

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

الليالي الاحتجاجية ومجلس الأقليات

لن أجادل الحكومة كثيرا في نسبة الـ40% للمشاركين في انتخابات ديسمبر 2012، ولكن نظرة خاطفة إلى مقار الاقتراع وصناديقها شبه الفارغة في الكثير من الدوائر الانتخابية وغياب اكبر القبائل وأغلب التيارات تدفعنا إلى التساؤل: هل كل هؤلاء لا يشكلون إلا ما نسبته 20% مقاطعة؟!

***

مجلس الأقليات: يعزو الكثير ممن يطلق عليهم الأقليات السياسية فوزهم إلى عدالة التمثيل البرلماني الذي حققه قانون الانتخاب الجديد ذو الصوت الواحد – ويستشهدون بحصد الكتلة الشيعية ثلث مقاعد البرلمان، وفوز بعض مرشحي القبائل الصغيرة بمقعد أو مقعدين في البرلمان.

والحقيقة أن السبب الرئيسي وراء التغير الجذري لتركيبة مجلس الأمة الحالي هو مقاطعة أغلبية التيارات السياسية والكتل الاجتماعية الكبيرة للانتخابات الأخيرة.

أكاد أجزم باستحالة استمرار البرلمان الحالي ليس لأنه لا يمثل أفكار وطموح أغلبية الشعب، بل لأنه يصطدم معها.

***

ليال احتجاجية: من المؤكد أن المعارضة السياسية ستستمر في حراكها السلمي ضد القانون الانتخابي الجديد ومجلس الأمة الذي أنتجه، وهنا يجب على الحكومة أن تسمح للمعارضين بالتعبير عن رأيهم بكل حرية سواء كان على شكل تجمع سياسي وخطابي أو مسيرة شعبية، فانتشار المظاهرات بين الأحياء السكنية ينذر بكوارث كبيرة لن يستطيع أحد تحملها

ربما بات من الضروري أن يدعى إلى مؤتمر وطني للوصول إلى حلول وسط بين المعارضة والسلطة، فالمضي قدما من كلا الطرفين لن يؤدي الا لمزيد من التوتر ولن تتوقف عجلة التنمية فقط بل حتى الأمن والسلم الاجتماعي أصبح مهددا.

***

ملاحظة ختامية: التواجد الأمني بين المناطق لن ينفع، فالشباب المتظاهرون سعداء بما يحدث، وباتوا يخططون للمواجهات مع القوات الخاصة، ويطورون من أنفسهم ومهاراتهم ويبدو أنهم ينجحون في ذلك.. ومن الأفضل لو سمح لهم بالتظاهر في ساحات عامة في كل محافظة من المحافظات الخمس درءا للفتن.

 

حسن العيسى

ماذا يريد الشباب؟

النواب السابقون خالد السلطان ومحمد هايف ووليد الطبطبائي، وهم من السلف يدعون اليوم إلى وقف المسيرات الاحتجاجية، والاكتفاء بالتجمعات في المناطق المختلفة، فالقانون لا يطلب الترخيص المسبق للتجمعات السلمية، حسب ما صرح النائب وليد، ولا أعلم كيف يفرق فقهاء السلطة بين التجمعات السلمية والاجتماعات العامة والمسيرات؟ وكيف يفسر حكم المحكمة الدستورية فيها؟ فكلها عند السلطة "صابون"، ورأي مخالف لإرادتها غير القابلة للنقاش.
لكن مهما يكن الأمر، لا أحد يريد العنف؛ أياً كان مصدره، ولو كانت الأمور بالتمني، فأنا أتمنى قبل نواب السلف أن تقف معارك العنف بين المتظاهرين "الشباب" والقوات الخاصة، لأن الضرر لم يعد قاصراً على جسد عباس الشعبي أو بعض الشباب المتظاهرين، إضافة إلى رجال القوات الخاصة وسكان المناطق التي تمت فيها المسيرات، الضرر الأكبر والأخطر اليوم أن يصبح العنف منهجاً في حياة الدولة، وهذا لن يتوقف عند حدود القنابل الدخانية ومحاولات الدهس العشوائية، بل سيمتد إلى الرصاص الحي، ومواجهات خطرة لا نعرف أين ستنتهي.
ليس هذا وقت التنظير، والبحث عن المسبب في كل هذا، فهذا سهل، فهي سلطة تفرض رأيها بالقهر، يقابلها شباب يشعرون أنهم همشوا، وتم استبعادهم من الحراك السياسي، وحين أرادوا التعبير السلمي قابلتهم السلطة بالعنف والمنع، متذرعة بحكم القانون، مع أن القانون، الذي يحظر المسيرات السلمية بدون ترخيص مسبق (هذا الترخيص منح مرة واحدة قبل الانتخابات، ولن يتكرر)، ليس مقدساً، حاله كحال قوانين القهر والظلم التي تضج بها تشريعات الاستبداد. الشباب اليوم يتحدون ذلك القانون، ولا يكترثون لضريبة ذلك التحدي، ومن يتصور أن نواب الأغلبية "المستبعدة" من المجلس يمكنها أن تلجم ذلك المسار العنفي فهو واهم، فالأمور خرجت من أيديهم، كل ما يستطيعه هؤلاء النواب المستبعدون هو المحاولة، ولا أكثر من ذلك. القضية لم تعد قضية صوت واحد أو أربعة أصوات، فجذور الأزمة أعمق وأبعد، يمكن أن نقول إن من أسبابها (ليس بالتحديد) مجلس 2009 وموقف الحكومة السابقة من شراء الذمم النيابية، ويمكن القول، أيضا، إن من أسبابها جمود الأوضاع "شبه" الديمقراطية في الدولة منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وعجز السلطة عن فهم ومسايرة التطورات التي تهز المنطقة العربية دون استثناء، وتصور السلطة أنها يمكنها "شراء الرفض" بمسكناتها التقليدية التي لا تعرف غيرها، حين رفعت شعار "ادفع وهب" حتى ينسى الرافضون ما يرفضونه. كلها كانت أعمال شراء وقت وتأخير وتسويف لن تجد نفعا آخر الأمر.
نحن الآن أمام صراع أجيال، وهناك هوة كبيرة تتسع بين من يمسك زمام الأمور وبين الشباب المتململين الذين زهدوا هذا الواقع المتحجر.
الواجب الآن أن تفتح السلطة أبوابها للحوار مع هؤلاء الشباب، وتنصت جيداً لما يقولونه، وتفهم، بصدر واسع وحلم كبير، ماذا يريدون ومما يشكون، وتتفاعل معهم، فلهم تطلعاتهم ولهم أحلامهم، فلنشاركهم أحلامهم.           

احمد الصراف

من القديس ومن المجرم؟

من يهتم في عالمنا بامرأة مثل القديسة الأم تريزا البرتغالية، التي تركت وطنها الأوروبي لتعيش مع فقراء الهند ومنبوذيها. ومن يحترم ويقدر شجاعة وأعمال الخير التي قدمتها أوبرا وينفري، مقدمة البرامج السابقة، وعشرات الممثلات والكاتبات والفنانات الأخريات اللاتي بذلن الكثير وتبرعن بالأكثر للتخفيف من شرور العالم وجرائم طغاته، ومساعدة فقراء أفريقيا وتولي تربية وتعليم المئات منهم، إن لم يكن مئات الآلاف؟ أليست الرائعة إنجلينا جولي، التي لم تترك مخيما للاجئين عربا أو مسلمين وغيرهم إلا وزارته، بصفتها الشخصية أو ممثلة للأمين العام للأمم المتحدة، خير مثال على ما تقدمه المرأة الفنانة للإنسانية مقارنة بغيرها من الجالسات في البيوت و«المتفرغات للحش»، وما اكثرهن؟! وكيف يمكن أن نقدر ما قامت به هذه الجميلة التي لديها كل شيء تقريبا من راحة ومال وشهرة، مع هذا تقوم بزيارة أكثر دول العالم خطورة كأفغانستان ومخيمات اللاجئين السوريين في تركيا والأردن مرورا بالعراق، التي لم يزرها «رجالنا» إلا لالتقاط الصغيرات منه للفتك بهن جنسيا؟
أليست إنجلينا جولي، التي يضعها الكثيرون في خانة الكافرات السافرات او كما يصفهن وجدي غينم، بــ«العاهرات»، أكثر شهامة ونخوة من الملايين من اصحاب الشوارب، وحتى من حالقيها منا؟ وكأن كل ذلك لا يكفينا لنشعر بالخجل من تواضع ما قدمناه للبشرية، مع كل ما نخلقه من ضجيج حولنا، لتأتي سيدة استرالية لتثبت لنا عجزنا حتى عن الاهتمام بابنائنا ليس فقط من المعاقين، بل حتى من الأصحاء. فقبل فترة بهر معاق عراقي العالم بصوته وفنه الجميل عندما ظهر في برنامج تلفزيوني شهير، ولم يكن غير واحد ممن تلقوا مساعدة السيدة مويرا كيللي التي تدير منذ عقود مؤسسة للعناية بأطفال العالم، دون تمييز بين جنس أو عرق أو دين وآخر.
وعلى الرغم من انها لم تبلغ الخمسين بعد، فقد بدأت مبكرة جدا وكانت بدايتها الجدية وهي في الــ21 عندما باعت سيارتها والتحقت بالأم تريزا في الهند، ومن هناك زارت مناطق حروب ومجاعة وكوارث دون أن يوقفها شيء، وعندما ذهبت إلى العراق قبل سنوات تبنت الشقيقين أحمد وايمانويل ونقلتهما من وسط ملايين المسلمين المعدمين والمهملين في العراق الى استراليا لتمنحهما اسم عائلتها، وليصبح بعدها إيمانويل مطربا عالميا، بعد مشاركته في برنامج للهواة حصل بعد ظهوره فيه على اعجاب وتعاطف ملايين المشاهدين في العالم، وكانت Moira Kelly معه تقف خارج المسرح تشاهده يغني وهي تبكي من فرحتها بنجاحه! ولا حاجة لنعرف رأي غالبية «متأسلمي» أوطاننا بما تقوم به وقامت به هذه المرأة «الكافرة»، التي يمكن أن تصيبها يوما رصاصة من إرهابي جاهل، والتي أخذت أطفالاً مسلمين، حتى من المعاقين والمهجورين، ليعيشوا في بيئة غير إسلامية، معتقدين أن من الأفضل بقاءهم بيننا مع اعاقاتهم وجوعهم، ودون أي التفات إلى حقيقة أنهم كانوا يعيشون بطريقة أقرب للحيوانات منها للبشر، لتجعل منهم هذه السيدة بشرا أسوياء. فهل مقتل هذه السيدة هو جواز المرور لملاقاة الحور العين مثلا؟ والجواب معروف خاصة انها تعمل دون رجل محرم، ولا ترتدي النقاب، وترفض الجلوس في البيت، أو غلق الباب عليها، وتظهر علنا، دون محرم، وتعزف الموسيقى لأطفال لم نستحق شرف العناية بهم؟ ومن المخطئ المارق هنا، ومن الذي يستحق محبة الله وجنته، هي وأمثالها أم الذين يسعون لقتلها بعد أن أحلوا دمها؟
لا نطالب بتمثال لكيللي وأمثالها ولا بتسمية شارع، أو حتى زنقة، باسمائهم، بل فقط بأن «نحل عنهم» ونتركهم لحالهم لكي يبدعوا وينتجوا ويقوموا برعاية من عجزنا عن رعايتهم!

أحمد الصراف

سامي النصف

حكومة السكين التي وصلت للأعناق!

واضح ان النظام السياسي الكويتي أصبح على محك أكبر تحد يوازي او يفوق تحدي أغسطس 1990 فيما نراه قائما هذه الأيام من تحركات مشبوهة تغرر وتحرض الشباب كي يساهموا بعفويتهم بمشروع تحويل أمننا إلى خوف وبقائنا في بلدنا الى هجرة قسرية دائمة هذه المرة، وذلك عبر إشعال فتيل فتنة ربيع عربي مدمر آخر في قلب بلد آمن يتمتع شعبه بحريات فائضة ورغد عيش لا مثيل له بين الأمم، وقيادة أبوية حانية لا تقمع ولا تبطش ولا تدعي العصمة السماوية فترفض ان يطعن أحد في قراراتها.

***

لقد وصلت السكين هذه المرة الى الأعناق بسبب توجهات وتحركات بعض القيادات السياسية التي تنفذ ما تخططه لها شياطين وفروخ مفاقس حاضنات المخابرات العالمية لقاء ثروات خيالية تدفع لتلك القيادات الزائفة التي تدعي كذبا تدثرها برداء الوطنية والدين، والاثنان منها براء. ان الكويت بلد شديد الثراء لذا يشترى في أسواق النخاسة الدولية بأبهظ الأثمان مقابل نشر الفوضى والدمار في ربوعها وسلب ثرواتها وجعلها خزينة لبعض دول الربيع العربي المدمر الذي تردت أحوال بلدانه الاقتصادية حتى باتت مهددة بالانقسام والانشطار والفناء وهناك من يريدنا ان نسير في ركبهم.

***

إن على الحكومة القادمة برئاسة الشيخ جابر المبارك ان تختار أفضل الكفاءات الكويتية من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها، فقد وصلنا الى نقطة اللاعودة، فإما الاستسلام للأعداء ـ لا سمح الله ـ أو محاربتهم عبر كسب ثقة الناس عن طريق تطبيق القانون على الجميع ومنع الاستثناءات والتجاوزات وتحريك عجلة العمل وتغيير الصورة السالبة السابقة الى صورة جديدة زاهية وهو مطلب يمكن الوصول اليه بسهولة ويسر فنحن في النهاية بلد قليل السكان وافر الثروات لا جبال ولا زلازل ولا أعاصير فيه فما الذي يمنع سرعة الإنجاز متى ما توافرت الحكومة المخلصة ومجلس الأمة الذي قلبه على الكويت؟!

***

آخر محطة: (1) حتى ننهض بأسرع وأقصر الطرق علينا ان نستورد الأنظمة الإدارية من الدول الخليجية الشقيقة التي وصلت للعالمية في تطورها وهو أمر سيرضي الناس ممن سبب تذمرهم الدائم هو البيروقراطية والفساد وعدم الإنجاز، فما يحتاج الى ساعة لدى الجيران، يحتاج الى شهر في الكويت، وهو ما يجعلهم يتوجهون الى المعارضة.. كالمستجير من الرمضاء بالنار.. تخفيف تذمر الناس يعني تغيير قناعاتهم السياسية الى الأفضل.

(2) ماذا بقي من الدستور المتباكى عليه لدى دعاة «إلا الدستور» بعد مطالبات الحكومة الشعبية والدائرة الواحدة وإشهار الأحزاب وجميعها مطالب غير دستورية، وما أضافوه أخيرا من عدم قبولهم بأحكام المحكمة الدستورية (السلطة القضائية) أو قرارات مجلس الأمة الجديد (السلطة التشريعية) فيما يخص التصويت بالصوت الواحد المعمول به في جميع الديموقراطيات الأخرى، وهل بقي شك في العقول حول ما يريدونه للكويت وشعبها؟!

 

احمد الصراف

أحلام بثينة ومركز وعكر

ذهبت بثينة للدراسة في أميركا، ثم عادت للكويت وعاشت فترة، ولكن أجبرها وضعها على العودة لأميركا لإكمال دراستها، وهناك وقعت في الحب وتزوجت واستقرت في وطنها الجديد.
تقول بثينة إنها طالما تساءلت، وحتى وهي صغيرة، لماذا كانت أمها تحرص على عزلها عن اخواتها، ولماذا كان الجميع حولها يود ان يشعرها بأنها، كأنثى، «مشكلة» وعالة وقضية يجب الانتباه إليها، ولم تدرك إلا في مرحلة متأخرة أن إنسانيتها، بنظر حتى الأقربين لها، ناقصة، ولا يمكن أن تتساوى مع غيرها من الذكور، حتى ولو كانت أفضل منهم في كل شيء! وتقول إنها رضيت بنصيبها، أو كادت، وكان من الممكن أن تتخذ الموقف ذاته مع بناتها مستقبلا، لولا التطور الذي طرأ على حياتها. وتقول إن ما لم تتقبله ابدا في محيطها هو ذلك الحرص على ألا نكون سعداء في حياتنا، وأن نكون جادين أكثر من اللازم، فالضحك، خصوصا بصوت عال أمر ممجوج، والقهقهة، وبخاصة إن صدرت من فتاة، فإنها معيبة، ومن تفعل ذلك فهي «بيعارية» أو أنها «ما تستحي»! وانها عندما تقارن الطريقة التي تحتفل بها مختلف المجتمعات بأعيادها، وخصوصا في أميركا، تشعرها بالحزن على ما يلقاه أهلها، وبخاصة الشباب منهم، من شح احتفالي، مقارنة بما تلقاه هناك من اجواء مبهجة طوال العام تقريبا، فالأعياد والمناسبات المفرحة تتوالى طوال السنة من عيد فطر جميل إلى نوروز وكريسماس وهالاويين وعيد الشكر، مرورا بالهانوكاه وغيرها الكثير. وتتساءل عن سبب تأجيلنا للسعادة لما بعد الموت، وهل نحن محقون في ذلك، ولماذا علينا طلب الستر والرحمة عندما نضحك كثيرا في مجلس ما ونأمل في ان ينتهي الأمر على خير؟ فما سبب كل هذا الحذر وهذا الميل للشعور بالتعاسة؟ ولماذا تكون حتى أعياد ميلاد انبيائنا و«ائمتنا» مدعاة للحزن أكثر منها للفرح والبهجة، بحيث لا تختلف طريقة الاحتفال بها عن طريقة إقامة مجالس العزاء بمناسبة ذكرى وفاتهم؟ وتقول إنها عاشت في بيئة سعيدة ومريحة، ولكنها لا تتذكر انها رأت أمها يوما فرحة، بمعنى الفرح الحقيقي، فكل شهر والآخر هناك عزاء ومجلس و«قراية»، وانها لا تتذكر مناسبة واحدة فرحة في حياتها وهي طفلة غير الذهاب لبيت جدها لتستلم، بطريقة مهينة إلى حد، «العيدية النقدية» ممن هم أكبر منها سنا، والذكور بالذات! وتقول انها لم تسمع يوما الموسيقى في بيت أهلها غير ما يصدر مصادفة من التلفزيون، فلا رقص ولا موسيقى ولا اختلاط ولا ضحك! وتنهي رسالتها بالقول إنها وقد بلغت الخمسين الآن، كانت سترضى بكل ذلك لو أنها لمست، بعد كل هذا الحزن والشعور بالتعاسة والغم والهم المستمر الذي يحيط بنا، انه سيؤدي في مرحلة منا لجعلنا بشرا أفضل من غيرنا، ولكنها بعد نصف قرن تقريبا، لم تلاحظ أي تطور أو تحسن في أخلاقياتنا ومثلنا وطريقة معيشتنا، بل بقينا كما نحن، هذا إن لم نتخلف أكثر ونتشدد مذهبيا أكثر ونوغل في عدائنا للآخر أكثر، وما اكثر عدد هذا الآخر، كما لم يكن لهذا الحزن أي فعل إيجابي، فلا اختراعات ولا اكتشافات ولا تميز ولا فوز بأي جائزة، ولا إبداع في أي مجال ولا حتى شجاعة غير عادية، بالرغم من أننا ننادي يوميا بالتضحية وبحب الشهادة، ونردد «لا حول ولا قوة إلا بالله»!
اسئلة بثينة كثيرة ومثيرة وتحتاج الى مجلدات للإجابة عنها.
• • •
• ملاحظة: ورد في موقع وعكر، نداء لمقاطعة شركات ومنتجات «النصارى»! وحدد شركات إعلام واتصال وأغذية في غالبيتها مصرية أو لبنانية! ولم يجرؤ طبعا على المطالبة بمقاطعة شركات الأدوية والسيارات والطائرات والأجهزة الطبية الغربية، لأنه يعرف أن لا أحد سيرد عليه، ولا حتى هو، الأكثر حاجة من غيره الى دواء الأعصاب!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

راحت السَّكرة

انتهت انتخابات الصوت الواحد، وشارك من شارك وقاطع من قاطع، ونجح خمسون من المرشحين الذين كانوا ينافسون على مقاعد برلمان الصوت الواحد‍‍، وماذا كانت النتيجة؟!
• أغلبية الشعب الكويتي رفضت المشاركة لقناعتها بان هذا المجلس غير شرعي، وان الضرورة لم تكن متوافرة كي يصدر لها مرسوم، وأقول أغلبية الشعب، لأن الأربعين في المائة الذين لا يصوتون عادة، ذهب كثير منهم للتصويت نتيجة الزخم الاعلامي الداعي للمشاركة، وبسبب فتاوى بعض العلماء بوجوب الذهاب للتصويت واعتباره واجبا شرعيا‍‍! واعتبار عدم المشاركة عصيانا لولي الأمر‍‍! ومع هذا، معظم شرائح الشعب الكويتي لم تشارك لعدم قناعتها بجدوى المشاركة.
• انتجت لنا الانتخابات مجلسا غاب عنه أهل الكويت! مع احترامي لمعظم أعضائه الذين نجحوا، غير أنهم لا يمثلون المناطق التي خرجوا منها. فالمعروف أن الديموقراطية هي حكم الأغلبية، بينما غابت الأغلبية عن مخرجات هذه الانتخابات نتيجة المقاطعة القوية – باستثناء الدائرة الأولى – فنجد عوازم سلوى والسالمية لا ذكر لهم، وفي «الثانية» يسقط أبناء العوائل وتنجح الأقليات من الصليبخات، وفي «الثالثة» يتسيد تيار رئيس وزراء سابق النتائج، وهو الذي بسبب سلوكه في مجلس الامة، تم حل المجلس، وفي «الرابعة» تغيبت أكبر قبائل الدائرة (مطير)، وتفوز الأقليات بألف صوت فقط، بينما الدائرة فيها مائة ألف ناخب! وكما تردد، تنتشر ظاهرة شراء الأصوات بشكل سافر حيث ساعدت على الوصول بسهولة ويسر الى المجلس، وفي «الخامسة» حدث ولاحرج، يغيب عن برلمانها أهل الدائرة، ويصل اليه من نجح بأقل من ألف صوت وأقل بكثير بينما تحتوي الدائرة على 110آلاف ناخب!
• البعض يعتب علينا لعدم مشاركتنا ويتهمنا بأننا سمحنا لهذه النوعيات بالوصول إلى المجلس وتمثيل الأمة‍‍، وأقول لهؤلاء المحبين إن عدم مشاركتنا جاء نتيجة قناعتنا بان مرسوم الضرورة غير دستوري، وبالتالي يكون المجلس غير شرعي، لذلك لم نتمكن من المشاركة، وهذه كانت قناعات التيارات السياسية والعوائل والقبائل الكبيرة التي التزمت بالمقاطعة، وتبعها معظم مكونات الشعب الكويتي، بينما مشاركتنا كانت تعني أن الغاية عندنا تبرر الوسيلة، وان كان هناك من يتحمل نتيجة ما أفرزته الانتخابات فهو من تسبب بهذا الوضع من مشرع له الى مشارك فيه.. «اللي عقد روس الحبال يحلها».
• البعض يرى أن الصوت الواحد ألغى ظاهرة شراء الأصوات، والحقيقة عكس ذلك. والبعض يرى أن الصوت الواحد أعطى للأقليات فرصة، وهذا غير صحيح، فالمقاطعة أعطت هذه الفرصة لهم والا ما وصلوا‍‍.
المهم الآن نستطيع القول إن المعارضة، التي نجحت في اقناع الكفاءات والقوى السياسية ورموز العوائل والقبائل بعدم المشاركة، ترشيحا وتصويتا، تثبت اليوم أنها كانت على حق. فهذا المجلس لا يمثل الامة، وعاجلا أم آجلا سيحرج الحكومة وسيحرج الكويت سياسيا مع جيرانها، كما حدث مع نائب سابق وحالي عندما دعم وما زال نظام المجرم في سوريا.
المطلوب الآن تكاتف كل القوى الاسلامية والوطنية والقبائل والعوائل لمنع هذا المجلس المسخ من تنفيذ مخططه التدميري بمتابعة أعماله وعدم اعطاء بعض منه فرصة لتخريب البلد من حيث نعلم أو لا نعلم. راحت السكرة.. وجاءت الفكرة… واصح يا نائم!.
***
• أتمنى من الشباب المعارضين للانتخابات غير الشرعية أن يتجنبوا المسيرات داخل المناطق السكنية، وان يلتزموا بالفعاليات التي تعلنها الجبهة الوطنية للدفاع عن الدستور حتى لا تضيع صيدتنا بعجاجتنا‍‍.

احمد الصراف

لجنة التيتي

تشكو الكويت، كغيرها من الدول المتخلفة، من تخمة في القوانين غير العملية، وغير المطبقة اصلا، مع فقر واضح في التشريعات الضرورية، بحيث نكتشف مثلا أن قانون التجارة في دولة تجارية منذ نشأتها يحتاج الى أن يمرر بمرسوم ضرورة، ربما لأن مجالس الأمة المتعاقبة منذ نصف قرن لم تفكر في دراسة هذا القانون وإقراره بطريقة سليمة. وبالتالي لم يكن مستغربا وجود كل هذا الكم الهائل من المخالفات لدينا وفي أي دولة عربية أخرى، إن بسبب نقص القوانين و«تفاهة» العقوبات في الموجود منها، أو بسبب التقصير المرعب في تطبيق القانون، وخير مثال على فساد الجهاز الإداري النتيجة التي انتهت اليها جرائم المتاجرة بالبشر وبيع الإقامات والمتاجرة بالأغذية الفاسدة، كما أن هذا الوضع دليل آخر على عجز أغلب مشرعينا، منذ نصف قرن، في معرفة متطلبات الدولة الحديثة، هذا غير تخلف معظمهم وفسادهم!
وما ان قامت الحكومة قبل بضعة اشهر بالإعلان عن «تجميد» أعمال لجنة إزالة المخالفات، بمناسبة بدء الصيف (!!)، وبعد استقالة رئيسها الشهم الفريق محمد البدر، كتبنا ناعين عملها، من دون طلب الرحمة لها، وقلنا ان الفوضى والتسيب وسرقة أملاك الدولة وإساءة استخدامها ستعود كلها لسابق عهدها، وان آلاف المواطنين «المؤمنين» سيفرحون بقرار تجميد أعمال اللجنة، التي أتعبت الكثير من السراق، الذين لم تمنعهم صلواتهم اليومية من استغلال رصيف لإقامة خيمة ولا من إقامة ديوانية في ساحة للدولة، لاعتقادهم، لا بل ولإيمانهم، بأنهم إنما يأخذون بعضا من مال عام لهم نصيب فيه!
وأتذكر أن الفريق البدر اتصل بي وقتها مطمئنا، وبأن من تولى رئاسة اللجنة رجل فاضل، وان الأمور لم تتغير، فقلت له بأن الأمر لا علاقة له بالرجل بقدر علاقته بنوايا الحكومة، التي ربما سئمت من نشاط اللجنة الزائد، وكان عليها بالتالي أن «تخفف الرمي»، وربما تسمح لبعض المخالفات بالعودة، انسجاما مع الكثير من عاداتنا وتقاليدنا! ومع بدء موسم إقامة المخيمات فقد بدأت بالفعل المخالفات بالظهور، بعد ان أحس المخالفون باختفاء آليات لجنة الإزالة، وبعد أن اطمأنوا إلى أن مخالبها قد أزيلت! وهذه المخالفات إن لم تزل في اسرع وقت فستتحول حتما لديوانيات وبقالات ومساجد مؤقتة، وتكتسب مع الوقت «شرعية وضع اليد»! وأعلمني مصدر قريب من اللجنة أنها في حالة شلل تام، خاصة أن الكثير من معداتها وآلياتها المستأجرة لم يتم تجديدها منذ بداية الصيف الماضي، لعدم وجود ميزانية، علما بأن الدولة امتلكت ميزانية 14 مليون دولار لإنفاقها على أعمال نارية فاشوشية. كما يقال ان عدد موظفي اللجنة قد تقلص للحد الأدنى اللازم للقيام بالأعمال الورقية! ويقال ان من ضمن وسائل شراء رضا المواطنين، بخلاف العطايا والهدايا، غض النظر عن مخالفاتهم!
وهنا نتمنى ألا تدفن منجزات اللجنة، فقد قامت بمجهود كبير تشكر عليه، وألا يأتي وقت نقول فيه: «تيتي تيتي مثل ما رحتي مثل ما جيتي»!

أحمد الصراف