اعتقد انه قد حان الوقت كي تنزع المعارضة ثوبها القديم لتكتسي ثوبا جديدا يتناسب مع الظرف الذي تمر به البلاد. لقد لعبت المعارضة الكويتية دورا مميزا في المشهد السياسي خلال الأيام الماضية، استطاعت أن تحقق خلاله بعض النجاحات، ولعل ابرزها اسقاط مجلس 2009 سيئ الذكر ورئيس وزراء تلك المرحلة، ثم تشكيل كتلة أغلبية برلمانية في مجلس 2012 تلتها مرحلة إبطال المجلس ومقاطعة الفعاليات السياسية والاجتماعية المعتبرة للترشيح لمجلس الصوت الواحد، وكذلك مقاطعة معظم الشعب الكويتي للانتخابات البرلمانية الأخيرة، وكان من أبرز الأنشطة واكثرها تأثيرا المسيرات والاعتصامات في ساحة الارادة. وهذه نجاحات لم تكن لتتحقق لولا المثابرة والتخطيط السليم والعمل الدؤوب والتنسيق الرائع بين مكونات الحراك الشعبي الممثل للمعارضة السياسية الكويتية.
اليوم تعيش البلاد مرحلة جديدة من الحراك السياسي، فوجود مجلس أمة – بغض النظر عن مشروعيته – واعتراف أجهزة الدولة الرسمية به وتعاملها معه، تستلزم فكرا جديدا وحراكا يتناسب مع المرحلة. ولعل اول خطوة يجب البدء فيها هي تفكيك مكونات الحراك الموجودة إما لانتفاء الغرض منها وإما لانعدام وجودها واقعا. خذ مثلا «نهج»، فقد تشكلت أصلا لاسقاط مجلس وحكومة 2009 وقد تحقق لها ذلك، أما كتلة الأغلبية فلا أظن ان عاقلا يعتقد بوجودها اليوم بعد اعلان نتائج مجلس الصوت الواحد، والكلام ينطبق على بقية الكتل البرلمانية في المجالس السابقة، أما المكونات الشبابية للحراك فقد كانت مطلوبة كوقود لهذا الحراك وبث الروح المتوقدة فيه ولاشك أنها لعبت دورا بارزا في تحقيق انجازات تلك المرحلة، لكن المرحلة الحالية تحتاج الى الفكر والعقل أكثر من الحماس والنشاط البدني.
لذلك، اعتقد أنه حان الوقت كي تعقد المعارضة، بجميع مكوناتها، اجتماعا تتفق فيه للانتقال للمرحلة المقبلة من العمل السياسي وهي مرحلة متابعة أداء السلطتين وكشف تجاوزاتهما القانونية والدستورية متى ما وجدت، واقناع أصحاب الشأن – واقصد هنا السلطة والشعب – بضرورة تصحيح الوضع الخاطئ واعادة الأمور الى وضعها السليم بحل هذا المجلس والعودة الى التطبيق الصحيح لقانون الانتخاب. هذا البرنامج السياسي الجديد يحتاج الى ثوب جديد تلبسه المعارضة، فتتشكل جبهة عمل جديدة بفكر جديد وروح جديدة كما ذكرت في بداية هذا المقال. وقد يستلزم ذلك استبعاد بعض الرموز القديمة التي قد لا تصلح لهذه المرحلة كما قد يستبعد منها بعض المجاميع الشبابية التي لا يروق لها العمل الهادىء، لكن لا بد من وجود بعض هذه المجاميع لاستمرار الحماس للعمل الدؤوب وتنفيذ الأداء اليومي له.
انني اعتقد أن استمرار الحراك على وضعه الحالي ومكوناته الحالية نفسها سيؤدي في نهاية المطاف الى تفككه وتشرذمه وانكفائه على نفسه نتيجة الخلافات التي ستنشأ بين هذه المكونات غير المتجانسة لهذه المرحلة.
انني اعتقد أن المسؤولية بالدرجة الأولى تقع على الحركة الدستورية الاسلامية والتكتل الشعبي لايجاد هذا التغيير وادارته، فهما الأكثر تنظيما والأكثر اتباعا ومؤيدين، وهم كذلك اول المستفيدين من نجاح المعارضة واكثر الخاسرين من فشلها، فهل نجد اذنا صاغية عندهما؟
* * *
• الزميل سعود السمكه كتب مقالا في القبس ينكر فيه دعم الشيخ ناصر المحمد له في الانتخابات الماضية، وأنا لم اقل إن الشيخ دعم سعود السمكه، بل أؤكد انه لم يدعمك يا أخ سعود، والسبب انه لم يكن بحاجة إلى هذا الدعم! وهذا ببساطة السبب. أما قولي انه لا هذا المجلس مجلس سمو الشيخ جابر المبارك ولا الحكومة حكومته، فهذا تحليل وليس خبرا حتى تطلب من سموه أن يثبت أو ينفي، ولست مستشارا عنده ولا اعمل لديه حتى يحسب كلامي على سموه.