مع صدور هذا العدد من القبس تكون نتائج الانتخابات قد ظهرت، وعرفنا من نجح ومن لم ينجح، وعرفنا كذلك نسبة المشاركة إن كانت تتجاوز الخمسين في المائة أم أقل! وعرفنا – وهو الأهم – إن كان هذا المجلس يستحق أن يمثل الشعب الكويتي أم أنه مجلس طارئ!
من المؤشرات الأولية، نقول إن حملة المقاطعة نجحت ابتداء، حيث لم يترشح لهذه الانتخابات إلا قلة قليلة من أصحاب الرأي والخبرة والتاريخ النظيف، ومعظم من تم ترشيحهم ليس لديهم تاريخ سياسي معروف، ولا هم من أصحاب الفكر والرأي! والمؤشر الآخر على نجاح المقاطعة هو مسيرة «كرامة وطن 3»، التي خرج فيها حشد غير مسبوق قُدّر بمائتي ألف مواطن. وقد تميّزت هذه المسيرة بمشاركة واضحة من مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي.
نرجع إلى المجلس الجديد، حيث من المتوقع نجاح بعض أصحاب السوابق الجنائية، الذين شطبتهم اللجنة العليا للانتخابات بمن فيهم نواب القبيضة السابقون، الذين لم يتم الإفراج عنهم من النيابة إلا بكفالة خمسة آلاف دينار، مما يؤكد وجود شبهة في تضخم حساباتهم بشكل مشبوه.
كما من المتوقع أن ينجح نواب الطائفة الشيعية، الذين سيزيد عددهم إلى أكثر من عشرة نواب، ولأول مرة في تاريخ المجالس النيابية! أما البقية الباقية من هذه التشكيلة، فهم إما مرشحون نزلوا ربما بقوة المال السياسي الذي دفع لهم أو بقوة دعم مراكز قوى اجتماعية واقتصادية، أو من العناصر التي لم تشبها شائبة، نجحت بأصوات من جاء يشارك اقتناعاً بأهمية المشاركة ودعماً لما يظنه إصلاح المؤسسة التشريعية!
السؤال الآن: من الذي لن نراه في هذا المجلس؟!
والجواب ببساطة: هم نواب الرأي والفكر، من اليسار واليمين، ونواب القبائل الكبيرة في الكويت، الذين استطاعوا أن يمثلوا قبائلهم بامتياز، وتمكنوا من تشريف من يمثلونه بمواقفهم الوطنية واستطاعوا أن يغيّروا من صورة نائب المناطق الخارجية الانبطاحي إلى نائب المواقف القوية.. سيختفي نواب مستقلون، تمكنوا من إقناع قواعدهم بأدائهم المتميز.
وأخيراً.. ماذا عن هذا المجلس؟!
أعتقد أن هذا المجلس معرض للفشل أكثر من إمكانية النجاح له! السبب.. أكثر من سبب.. الإمكانات البشرية الفكرية المتاحة غير مؤهلة لتمرير مشاريع مدروسة بنجاح بحجم المشاريع المعروضة عليه! كما أن الحكومة، التي ستشكل وتدير وتنفذ المشاريع المقرّة، لن يتوافر لها الدعم الناصح من البرلمان، حيث ستجد أمامها برلماناً مطواعاً لا يعرف كلمة «لا»، وإن قيلت «لا» فهي للابتزاز ليس إلا!
وهذه مشكلة ستواجه رئيس الوزراء المقبل، فبعض النواب من تجربتنا السابقة معهم، إما تمرر له معاملاته غير القانونية، وإلا «راح اصعدك عالمنصة!» وما أكثر هذه النوعية في هذا المجلس.
إذاً فلا الحكومة مؤهلة، ولا المجلس قادر على النجاح. فكيف إن توافرت معارضة عاقلة مدركة حكيمة، تسعى لإيجاد برلمان ظل يفضح خراب البرلمان الموجود؟!
يبقى القول إنه من المتوقع وجود نوعيات قليلة جيدة ذاتياً، وعناصر مؤهلة في هذا البرلمان، لكن الكثرة تغلب الشجاعة!
***
• أثناء مسيرة «كرامة وطن3»، وعندما كنت أستمع إلى الصيحات والشيلات، تذكرت الحاضر الغائب العميد الشاعر -المرحوم بإذن الله- مطلق عباس حبيب مناور، وتذكّرت معه دواوين الإثنين وشيلاتها، كما لم يغب عن ذهني الشهيد مبارك النوت. عليهما رحمة الله.