بشار الصايغ

سعادة جبل واره .. تجنيت واخطيت

في البداية .. لا بد من توجيه الشكر للأخ “جبل واره” على سعة صدره بتقبل نقدنا في مقالنا السابق الموجه له، وما يدور حاليا من نقاش حول أحمد السعدون فقط هو إثراء لوضع سياسي بحاجة الى التوقف عنده، ولكن يجب أن يمتد لمن هم حول السعدون أجمع.

واتفق مع “جبل واره” أن هالة القدسية حول الرجل السياسي، أو شيخ الدين، أو حتى أبناء الأسرة الحاكمة من الأخطاء الفادحة التي دمرت العمل السياسي، رسختها في المجتمع مجاميع من الشباب يشتكون منها اليوم .. وعلى رأسهم الأخ “جبل واره” .. فكان انتقاد السعدون خطيئة .. وانتقاد فيصل المسلم كبيره ..  وانتقاد مسلم البراك كفر .. وانتقاد محمد هايف كارثة .. وانتقاد محمد الجاسم شقا للصف .. الخ.

وعجبي لحديثك عن الهاله القدسية للسعدون .. وانت من يضع نفسها لرئيس مصر المخلوع مرسي!

يصر “جبل واره” في مقاله الجديد على حصر فشل حراكهم في شخص أحمد السعدون متجاوزا بذلك حقائق سياسية أدت الى سقوط حراكهم أو معارضتهم الى الحضيض، ولأنني عايشت تلك الفترة وعملت في أجزاء منها، فلا بد من ذكر بعض الحقائق .. وهي ليست لتبرأة أحمد السعدون بل لوضع الحقيقة أمام ما يسمى بشباب الحراك قبل أن ينجرفوا بتحميل السعدون منفردا كوارث “الأغلبية” و”التنسيقية” و”ائتلاف المعارضة”.

ولنبدأ بمقولة السعدون “المجلس سيد قرارته” ..

لقد كان هذا المبدأ من الأخطاء التاريخية الجسيمة في تاريخ السعدون أولا والمجلس الذي كان يترأسه في حينه ثانيا والذي قبل بها، وهو ما كنا ننتقده دوما ولكن كنتم – بما فيهم أنت – تضعون التبريرات القانونية واللائحية لها حتى جعلتموها عرفا ملزما لنا! ولكن لماذا اتهمت مجلس بصوت واحد ورئيسه بالإستفادة منها، وتناسيت مجلس الأغلبية المبطلة ورئيس السن خالد السلطان حين قرر تغيير آلية التصويت “منفردا” دون العودة الى المجلس؟ وأليس هذا الفعل أخطر من “المجلس سيد قرارته”؟ وكم مرة استخدم هذا المبدأ في مجلس اغلبيتكم!؟

لقد كانت المقولة سلاحا “ايجابيا” حين كنتم في موقع الإدارة .. وأصبحت سلاحا “سلبيا” عليكم حين فقدتم مراكزكم!

يقول الأخ “جبل واره” أنه كان يبحث عن السعدون في جلسات محاكمات الشباب فلم يجده، وهذا صحيح! ولكن هل كان فقط السعدون من أصل 33 عضوا في “الأغلبية” بعيدا عن محاكمات الشباب؟ يا سيدي .. لقد كان أغلب حضور النواب السابقين لجلسات المحاكمات من أجل “الصورة” في تويتر .. قد تكون هذه الحقيقة التي لا تود ذكرها اليوم .. بل وكان الحضور يعتمد على من يحاكم وليس المبدأ نفسه! فهل تنكر ذلك؟ لا تستطيع .. ولكنك لم تجد سوى صدر السعدون لتوجه له سهامك خشية من خسارة الآخرين ..

لقد كانت الصورة أهم من سجن الشباب .. وكنتم خير “مرتوتين” ..

أما الحديث عن جمع الكفالات، فاستغرابي أنك لم تبحث عن خالد السلطان وهو أكثر ثراء – الله يزيد الجميع – من السعدون، ولم تبحث عن د. وليد الطبطبائي الذي كشف الوقت أنه تاجر عقار، ولم تسأل عن د. فيصل المسلم الذي يعلم القاصي والداني أن “الله منعم عليه” .. ولم تبحث عن الدكاتره من الأغلبية في جامعة الكويت وأنت تعلم جيدا قيمة مدخولهم الشهري! فانت هنا أخفيت حقيقة أشد مراره من السابقة، حين كان الشباب يبحثون عن متبرعين في تويتر وفي الواتساب! فلماذا لوم السعدون وحده؟

يا سيدي .. تمنيت اليوم لو لم يترشح السعدون لمجلسكم المبطل! وأنتم من دفع به الى واجهة الرئاسة!؟ لقد كان لكم “الرئيس” قبل الانتخابات النيابية، وكان “الرئيس” لكم قبل انتخابات الرئاسة! يا رجل .. لقد وضعت “الأغلبية” يومها على المنصة “حراس” يكشفون أوراق التصويت حتى لا تذهب الى محمد الصقر! لقد غيرتم طريقة التصويت لضمان وصول السعدون الى سدة المجلس .. لقد وقفت تصفق له طويلا بعد فوزه بالرئاسة .. أبعد هذا تقول تمنيت ألا يترشح؟ .. لا نريد في هذه الفقرة سوى قليلا من العقل في الحديث!

لقد كان السعدون لكم رمزا حين نجحت أغلبية المبطل الأول .. لقد كان السعدون لكم رمزا حين نجحت المقاطعة الأولى .. وأصبح السعدون عبئا بعد أن فشلتم؟ ابحث في أسباب الفشل بعيدا عن الأشخاص .. ابحث عن من قسم أغلبيتكم الى “تنسيقية” و”ائتلاف”؟ ابحث عن من أصدر بيانات دينية ضد مسيرات كرامة وطن .. ابحث عن من طعن في سيدات الحراك حين كانت هناك دعوة للمبيت .. ابحث عمن رفض الأحزاب .. ابحث عمن رفض الدائرة الواحدة .. ابحث عمن أراد أسلمة الدستور .. ابحث عمن شرع أحكام الإعدام .. ابحث عمن أعلن دعمه للمشاركة في الانتخابات الماضية علانية وهو لا يزال بينكم! ابحث عمن يحضر دواوين شيوخ الفساد ومزارعهم ..

ابحث بحيادية حتى ترى الجانب المظلم من حراككم بعيدا عن الشخصانية لعل البوصلة تعود الى وجهتها السليمة.

ونعم أنت متناقض حين تقول أن التغاضي عن هفوات السعدون “التاريخية” لمصلحة الحراك .. وذكرها لمصلحة الحراك! فلو التفت يمينا ويسارا لمن هم حولك  في” الأغلبية” والدوائر المحيطة بها.. ستجد الكثير من الهفوات والاخفاقات .. ستجد حولك سراق للمال العام ومدافعين عنه .. فلم التغاضي اليوم بما أنك قررت فتح الجراح؟ أم أنها بالنسبة لك “فيروسات” ستبعث بها الحياة متى ما اختلفت معهم فقط؟

ولن يكفي المقال لأذكر لك كل عضو في أغلبيتكم وهفواته .. ولا أعتقد أن وقت القارئ يسع لأذكرك بكل عضو في أغلبيتكم واخفاقاته ..

“جبل واره” .. أنت تصف في مقالك الجديد أحمد السعدون بـ “الرئيس الفخري” للمعارضة، فمن وضعه وأعطاه تلك الصفة؟ إن كان أخذها بالقوة فهو فعلا يستحق أن يكون رئيسا لها .. وإن كان أخذها بالتاريخ السياسي .. فهو الأنظف بينكم .. وإن أخذها بلطف من “الأغلبية” والشباب .. فاللوم يوجه لهم وليس له!

أخيرا .. أنت تلقى اللوم على السعدون لفشل الحراك بسبب تغريدات مجهولة النسب .. وهو لم يعارض أي مسيرة .. ولم يعارض اقتحام المجلس .. ولم يعارض مشروع “الإئتلاف” .. ولم يعارض أي مقاطعة للانتخابات .. ولم يعارض أن يستضيف في ديوانه من شتمه ليل نهار .. ولم يعارض ندوات “الإرادة” ..

الخلل ليس في السعدون وتغريداته ذات طابع الألغاز .. الخلل في مكان آخر .. الخلل فيكم أنتم!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *