سامي النصف

ماذا لو قبلت إيران المبادرة القطرية؟!

نتصور وبشكل واقعي جدا ما سيحدث لدول المنطقة وشعوبها لو قبلت ايران ممثلة بقيادتها الروحية والسياسية بشكل جدي المبادرة القطرية لحل إشكالاتها مع الدول الخليجية والعربية، كما حلت اشكالاتها مع الدول الغربية، ومن ثم توقفت سياسة تصدير مبادئ الثورة والتدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتسبب في ضرب استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي وتأجيج الشحن المذهبي:

أولا: ستتوقف كنتيجة للاتفاق وعلى الفور الحروب وعمليات القتل والتدمير في العراق وسورية واليمن وجميعها دول إسلامية، وستتوقف بالتبعية عمليات التهجير داخل تلك الدول وخارجها وسيعود عشرات الملايين الى ديارهم ومدنهم وبيوتهم وسيمكن للدول العربية وإيران التفرغ لإطفاء نار الحرب الأهلية الليبية التي يغطي عليها حاليا دخان نيران الحروب الأخرى.

ثانيا: ستوفر إيران على الفور مئات المليارات من الدولارات التي تصرف لتمويل الجماعات المسلحة في العراق وسورية ولبنان وفلسطين وأفغانستان وباكستان وستصرف المليارات على خطط التنمية في إيران ليستفيد منها الشعب الإيراني وستتحول إيران مع الزمن ومعها الدول الخليجية والعربية الى أسود غرب آسيا ليعادلوا نمور شرقها.

ثالثا: ستوفر الدول الخليجية والعربية مئات المليارات التي تصرف على شراء السلاح للخشية من إيران وكثمن لحروب الوكالة القائمة بالمنطقة ومثلها ما يصرف لتعمير ما هدمته وتهدمه الحروب المشتعلة في الدول العربية وستذهب تلك المليارات لخلق فرص عمل وتعليم وصحة لشعوب دول الحروب.

رابعا: ستنتهي مع اللحظة الأولى للاتفاق ـ ان تم ـ الحساسية المذهبية القائمة بين أكبر طائفتين في الإسلام وستستخدم مواردهم الضائعة على الخلاف لنشر الإسلام في العالم والذي تضررت سمعته بسبب الخلافات وحروب الوكالة ولربما يصل الأمر في يوم ما إلى إنشاء مرجعية إسلامية مشتركة تصدر للمسلمين أجمعين فتاوى تواكب العصر وتنهض بالأمة وتدحض مقولة راجت وهي ان الاسلام دين تخلف ودماء وليس دين سلام بدلالة ما يحدث بين المسلمين من حروب معلنة وخافية.

خامسا: ستحل على عجل الإشكالات السياسية في لبنان بين جماعتي 8 و14 آذار وسيختفي المسميان وستجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية وسيتفرغ الجميع لخدمة شعب لبنان وسيتحول الى إحدى أغنى دول العالم كحال دول الخدمات والمراكز المالية الأخرى مثل سويسرا ولوكسمبورغ ودبي وسنغافورة وستصل الكهرباء لكل بيت وترجع مقولة «نياله من له مطرح عنزة في لبنان».

سادسا: ستحل كذلك الاشكالات السياسية في فلسطين بين السلطة وحماس وستجرى الانتخابات الرئاسية والنيابية وسترجع الضفة وغزة جزءا من فلسطين واحدة وسيمكن، مع اختفاء النزاعات الأخرى التي ألغت القضية الفلسطينية من محور الاهتمام ولسنوات طوال، أن يتم التركيز على إيجاد سلام عادل ودائم للقضية الفلسطينية عبر تطبيق القرارات الدولية والاتفاقات التي تمت بين اسرائيل وفلسطين.

***

آخر محطة:

(1) مع السلام المنتظر والذي طال انتظاره بين ايران وجاراتها العربية ستبدأ مشاريع التنمية والاستفادة الحقيقية من الثروات الطبيعية وعلى رأسها النفط قبل نضوبها، فالحروب وشراء الأسلحة ليسا البديل المناسب للنفط الناضب!

(2) السيناريو السابق ليس من الخيال بل إنه أمر واقعي وحقيقي بنسبة 100% ولا يحتاج إلا الى قرار إيراني على أعلى مستوى يعكس رغبة حقيقية في تحسين العلاقات مع الجيران والتوقف عن التدخل في شؤونهم الداخلية الذي لم ينتج عنه سوى الحروب الداخلية والانسدادات السياسية كي يتم التحول بالعلاقة الإيرانية ـ العربية إلى «win-win»، ولا توجد صعوبات حقيقية أمام ذلك التحول.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *