علي محمود خاجه

«جمبزة»

العلة باختصار أننا شعب متناقض مزدوج المعايير، ينتقد هذا الفعل هنا، ويصفق للفعل نفسه هناك، يذمّ هنا ويمجّد هناك، يحذّر هنا ويشجع هناك، يشكك هنا ويصفق هناك، فتكون النتيجة التراجع هنا والمجد هناك.
قبل أيام بل أسابيع قدمت الحكومة الكويتية وثيقة تحت مسمى الإصلاح الاقتصادي تهدف إلى تصحيح المسار ومعالجة الاختلالات، سأستعرض جزءاً منها دون التعليق على إمكانية تطبيقها من عدمه، ولكني سأستعرضها لإثبات وجهة نظر معينة ستتعرفون عليها في نهاية المقال، إليكم بعض ما ورد في تلك الوثيقة:
– ربط التقييم الوظيفي بالإنتاجية ووقف إنجاز أجهزة حكومية وهيئات جديدة، وتقنين المهام الرسمية الخارجية، وخفض مكافآت اللجان الحكومية، وإعادة النظر في مكافآت أعضاء مجالس إدارات في المؤسسات والهيئات العامة، وتقييد الأوامر التغييرية في المشروعات العامة.
– استحداث ضريبة على أرباح الشركات، تطبيق ضريبة القيمة المضافة كما هي الحال في دول مجلس التعاون، إعادة تسعير الانتفاع بأراضي الدولة، سرعة تحصيل مستحقات الدولة وفرض غرامات جزائية على المتأخرين.
– تأهيل المشروعات العامة المرشحة للخصخصة على أسس تجارية وطرحها في اكتتاب عام يشارك فيه المواطنون، والمشاريع المرشحة للخصخصة المطارات والموانئ، وبعض مرافق وأنشطة مؤسسة البترول، وإدارة المدارس والمستشفيات الحكومية.
– إزالة كل القيود عن الاستثمار الأجنبي الخاص المباشر وفتح قطاعات الاستثمار أمامه خصوصا في القطاعات غير النفطية.
– تخصيص 40% من أسهم المشروعات التي سيتم تخصيصها للمواطنين، وطرح مشروعات متوسطة يشارك الشباب الكويتيون في تملكها وإدارتها، ويتم تمويلها من قبل الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ما سبق هو جزء مما ورد من تلك الوثيقة دون التعليق عليها كما ذكرت، بل مجرد استعراضها، ننتقل الآن إلى رؤية السعودية 2030 التي تم الإعلان عنها قبل يومين ونستعرض بعضها أيضا:
– إدراج بعض الشركات المملوكة للدولة في السوق المالية ومنها “أرامكو”.
– فرص أكبر للقطاع الخاص لتملك بعض الخدمات في قطاعي الصحة والتعليم.
– تسهيل استثمار القطاع الخاص في قطاع ثرواتنا الطبيعية ومقدراتنا المعدنية كالفوسفات والذهب واليورانيوم والنحاس.
– الوصول بمساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي من 40% إلى 65%.
– زيادة الطاقة الاستيعابية لضيوف الرحمن إلى 30 مليون، وتصنيف 3 مدن سعودية بين أفضل 100 مدينة بالعالم، وتوطين ما يزيد على 50% من الإنفاق العسكري.
لست بصدد المقارنة ولا الحديث حول إمكانية تحقيق تلك الرؤى سواء في الكويت أو المملكة، ولكن ما لا أفهمه أبدا هو التصفيق الكويتي للرؤية السعودية والانتقاد والهجوم الحاد من الكويتي نفسه على الوثيقة الكويتية، فمن غير المعقول أن تكون الخصخصة في الكويت سرقة، وتلك الخصخصة نفسها تكون وعيا وإدراكا للواقع العالمي خارج الكويت.
إن التشكيك في كل خطوة ومحاولة وضع العراقيل يعتبر جزءاً أساسياً من تراجعنا دون أي إعفاء لضعف الإدارة الحكومية وسوء تدبيرها، لكن هذا لا يعني أننا لا نتحمل جزءاً من مسؤولية هذا الانحدار الذي نعيشه، فنحن نصفق لكل ما يحدث بالخارج ونطعن به إن حدث في الداخل.
إن الأحلام الخليجية قد تتحول إلى واقع إذا ما وجدت الدعم والتحفيز ومنح المختصين حرية اتخاذ القرار دون تكبيلهم، وهو ما يحدث في دبي مثلا وقطر، وقد يتحقق في السعودية أيضا، ونتمنى لهم ذلك، وأنا على يقين لو أن فكرة استثمار الجزر الكويتية التي طرحت قبل مدة ولم تلق سوى السخرية من الكويتيين أنفسهم، أقول لو أن تلك الفكرة كانت قد طرحت في أي دولة جارة لوجدنا الساخرين نفسهم يهتفون بإعجاب بتلك الأفكار.
لنتخلص من ثقافة السخرية ولنحولها إلى تشجيع ومحاسبة في حال التنفيذ عل وعسى نتمكن من انتشال أنفسنا من القاع.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *