غنيم الزعبي

نهر الكويت العظيم.. افتحوا الحنفية

في قديم الزمان وفي غابر الأيام عندما كنت في المرحلة المتوسطة ذهبت مع فصلي في رحلة مدرسية إلى إحدى محطات تقطير المياه في الكويت.

شرح لنا المهندس المرافق عن وجود عدة مراحل للتقطير تتكون من عدة احواض عملاقة. أولها تدخل فيه مياه البحر مباشرة عن طريق فتحات صغيرة لمنع دخول الأسماك والحيوانات البحرية الأخرى وعند امتلائه يتم إغلاقه وضخ مادة كيميائية لقتل الكائنات الدقيقة التي تسربت خلال تلك الفتحات الصغيرة.

وكذلك تتم معالجة هذا الماء على عدة مراحل إلى أن يصل لمستوى الماء العذب بل يكاد يكون افضل منه.

تذكرت هذه الرحلة القديمة عندما شاهدت منظرا طريفا في إحدى الفضائيات الكويتية وهي تغطي حفل افتتاح أحد مشاريع مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا، وفي بداية الحفل اقترب أحد مهندسي المشروع وقدم كأسي ماء من نتاج هذا المصنع لشخص أجنبي اعتقد أنه المسؤول التنفيذي الكبير في الشركة المنفذة ولمسؤول كويتي في الجهة الحكومية المشرفة على تسلم وتشغيل المشروع.

الذي حدث ان المسؤول الأجنبي شرب الكأس كله مع ابتسامة كبيرة، بينما رفض المسؤول الكويتي الشرب وصراحة لا ألومه فمجرد ذكر اسم الصرف الصحي تتبادر للذهن أشياء مقززة وصعب أن تقربها من فمك.

البرنامج الذي شاهدته هو من عدة سنوات وقد تغيرت النظرة كثيرا للمياه المعالجة بل وبسبب ازدياد الطلب عليها، قامت وزارة الأشغال بالتوسع في هذا النوع من المنشآت وبناء المزيد منها.

ويجب ان تتغير تلك النظرة السلبية لها فهي كما قال مدير المشروع الأجنبي مياه نقية تماما واثبت ذلك بشربه منها وهي لا تقل جودة عن مياه البحر المقطرة إن لم تكن أنقى منها. فبسبب التلوث الحاصل في سواحلنا الكويتية لا أعتقد ان مياه البحر تفرق كثيرا عن مياه الصرف الصحي.

لذلك أتمنى أن تصل المياه المعالجة للبيت الكويتي وليكن هذا الخيار متوافرا للمواطن كأحد طرق تخفيف فاتورة المياه التي ستكون مضاعفة في حال تم إقرار رفع رسوم خدمات وزارة الكهرباء والماء.

ولتكن في البداية في خزانات مياه مستقلة لتستخدم في الغسيل والنظافة وربما بعد فترة للشرب.. ليش لا؟

نقطة أخيرة: نحن في بلد صحراوي جاف وجاف جدا ونحتاج كل فكرة جديدة توفر الماء سواء للشرب او الزراعة فلنبدأ بإعطاء هذه المياه فرصة في بيوتنا وهي إن حسبتم كميتها فستعادل تقريبا نفس المياه الهادرة من أي نهر عظيم، فقط افتحوا الحنفية ليس فقط لهذه المياه بل للكثير من الأفكار والمبادرات سواء من الشركات او الشباب ففي الكثير منها مشاريع عظيمة ستسهم في حل الكثير من المشكلات في هذا البلد. افتحوا الحنفية.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

غنيم الزعبي

مهندس وكاتب
twitter: @ghunaimalzu3by

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *