سامي النصف

قبل العقاب لنعرف الأسباب!

في السعودية خمسة إخوة أكبرهم عمره 28 عاما ويعمل طبيبا تفترض مهنته إنقاذ الأرواح لا إزهاقها، والثاني عمره 24 عاما ويعمل مهندسا، أي انهما في عمر ومستوى فهم وتعليم يصعب التغرير بهما وخداعهما، وباقي اخوتهم أعمارهم في العشرينيات وأقل من ذلك، اضافة الى شريك سادس قريب لهم، قاموا جميعا بجريمة قتل وحشية لابن خالتهم الشهيد الشاب بدر الرشيدي المتزوج قبل سنوات قليلة ولديه طفلان، وزوجته حامل، ويرعى والدته وشقيقه المعاق، والقتلة وبحكم قرابتهم اللصيقة به يعملون في كل تلك الظروف التي «تصعب على الكافر» .

***

لا يمكن لأي دين أو عقل أن يفهم لماذا قام الشباب الستة بتلك الجريمة الشنعاء بدم بارد مع تصوير الجريمة التي تدينهم ولا تسمح لاحقا بأي ظروف مخففة للحكم عليهم بعد أن ثكلوا أم الشهيد ورملوا زوجته ويتموا أطفاله الصغار، وفي زمن قريب من تلك الجريمة النكراء قام داعشي آخر في الكويت بقتل أحد رجال الأمن ومحاولة قتل آخرين، وبدلا من الندم بعد ان تم القبض عليه نسبت جريدة النهار الكويتية له قوله «لو عاد بي الزمن لنفذت الجريمة بدقة أكثر».

***

نعلم ان رجال الأمن في السعودية سيصلون في القريب العاجل للفاعلين فهذا عهدنا بهم، ونعلم ان السلطات السعودية لا تقبل الشفاعة في قضايا القتل والإرهاب، وما نرجوه ونتمناه على السلطات السعودية ومثلها الكويتية أن تتم دراسة تلك الحالات ببطء وتأن لمعرفة كيف نجحت المنظومة الاستخباراتية لداعش في تحويل الشباب الواعدين الى وحوش انسانية معادية لأوطانها ودينها ونفسها، حيث تخرج كي تقتل الآخرين وتقتل معهم؟! وكيف علموا الشباب في داعش؟ وكيف انضموا إليها وكيف تم غسل أدمغتهم؟ وهل كان عن بعد فقط، أي عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط؟ وما الحل الأمثل لذلك؟ أم إن هناك من أوصل اليهم عقاقير تلاعبت بعقولهم وغيبت مشاعرهم؟!

***

وبعد تلك التحقيقات والدراسات البطيئة من قبل المختصين في علوم الأمن والاستخبارات والنفس والاجرام والإرهاب ورجال الدين، يمكن وضع العلاج الناجع لها لمنع تكرارها مع الآخرين.

وفي هذا السياق، فإن تسجيل اعترافات مصورة لهؤلاء الوحوش وهم يبدون ندمهم الشديد على جرائمهم وتصوير الحالة الانسانية لأهالي الضحايا وتكرار بث تلك التسجيلات على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، قد يساهم بشكل فاعل في ردع شباب كثر لأسباب عديدة منها ان البعض منهم قد لا يمانعون في القيام بالجرائم الكبرى إلا أنهم يستثقلون وقد لا يرضون ان يظهروا لاحقا أمام أهاليهم وأمام الملايين وهم يدينون أنفسهم وأفعالهم ويظهرون مشاعر الندم قبل القصاص!

***

آخر محطة:

(1) نرجو أن تظهر الحالة الإنسانية لأهالي الضحايا لا الجناة ممن يجب ان يصوروا كوحوش، لا ان يتم عرض جوانبهم الإنسانية وهم يأكلون ويضحكون ويبثون قناعاتهم، كما حدث في أحد الأفلام التوثيقية التي بثت مؤخرا.

(2) دماء كل الشهداء هي في ذمة شيوخ الفتن واستباحة الدماء ممن أفتوا بتكفير رجال الأمن وجواز قتلهم.

(3) ومثل هؤلاء من برر أعمال داعش وحبب الشباب فيهم كالشيخ الذي ذكر أن 99.9% من الداعشيين «مسلمون صادقون مخلصون» ثم عاد ليقول إنهم أجرم الناس بعد ان انضم الشباب اليهم وامتثلوا لأوامرهم، وما بين الفتويين استبيح الدم الحرام!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *