عبدالله غازي المضف

الإلحاد.. وناصر القصبي!

ما زلت أذكر قبل نحو الشهرين عندما دخلت أحد المنتديات الإسلامية على الإنترنت، فقرأت حينئذ نقاشاً نارياً فور إعلان أحد المنتسبين بداية شكوكه في إسلامه، لم يكد هذا المتأرجح أن ينهي جدله وأسئلته حتى انهال عليه منتسبو هذا المنتدى الإسلامي بكيل من التكفير والاستخفاف والطعن، ولن أنسى أبداً إسفاف مدير المنتدى الاسلامي عندما كتب متهكماً: «يبدو أنك تعاني من مرض نفسي يا بني… أنصحك بالذهاب إلى أقرب طبيب نفسي لأن حالتك جداً صعبة!».

أيها السيدات والسادة، شئنا أم أبينا، فالإلحاد بات مستشرياً في مجتمعاتنا «العربية» و«الكويتية» أكثر من أي وقت مضى.. وانتشار الإلحاد لن يهز شعرة واحدة في بعض الأنظمة العربية أبداً، حيث تقول في قرارة نفسها إن نار الملحد أنعم مليون مرة من جنة الإسلامي المتشدد! فالملحد لا خطر منه أبداً، وغاية مناه أن يعيش في نعيم وسلام ورخاء بهذه الدنيا. أما الإسلامي، فالجهاد أعلى مراتبه، ومفاهيم الجهاد انضربت اليوم بالخلاط ولم نعد نعرف الفرق بين الجهاد الصحيح والانتحار وجرائم القتل! إذن، من يحمل راية الهداية اليوم؟! إنهم هؤلاء المشاركون في المنتدى الإسلامي، ومن يشبههم! وبعض الجمعيات الإسلامية التي مازالت تتبع ذات «النهج الكلاسيكي» منذ أزل: الترهيب، والترويع، والتهديد بعذاب القبر، وعقاب الآخرة، وبلاء الدنيا! وما أجفلوا عنه أن «شباب اليوم» انفتح على مصراعيه نحو الأمم الأخرى، وشبكة الإنترنت اختصرت عليه آلاف الأميال إلى هناك، ولا عجب أن تتلقفه عشرات المقالات والدراسات «الأجنبية» التي تحاكي «عقله» عن أمور كان غافلاً عنها، ولا ريب إن أصابته تلك الكتابات بالصميم وأردت إيمانه في مقتل! فالعقل العربي كان معطلاً ولايزال، وإيمانه كان يتجلى فقط في تلك الرعشات التي تصيبه وقت الندم! ذلك العقل الذي كرم الله -عز وجل- به الإنسان عن بقية المخلوقات، هو ذات العقل الذي خاطبه الفنان الكبير ناصر القصبي بشكل رائع ومبتكر في عمله الرمضاني «سيلفي»، حين ضرب ناقوس العقل في حلقته عن «داعش»، ودفع جميع مشاهدي هذه الحلقة إلى أن يتخيلوا أنفسهم في ساحة إعدام «داعش» في مشهد مهيب هيج به الضمائر والعقول: اصحوا.. فهذا ليس الإسلام! هكذا أطلقها القصبي بشكل عصري وصارخ ومدو فأطفأ سكرة عقول الكثيرين.. تلك «الصرخة» التي أجفلت عنها بعض الأنظمة العربية منذ زمن، وتعندت عنها معظم الجمعيات الإسلامية.. وضاع بسببها الكثير من شباب الأمة الإسلامية!
***
همسة:
استوقفني خبر جميل بثته إذاعة «بي بي سي» الإخبارية حول عثور أحد الباحثين الإنكليز في «جامعة برمنغهام البريطانية» على مصحف يعود إلى زمن سيدنا محمد، هذا المصحف وكما قالت مسؤولة الجامعة السيدة سوزان ورال يعد المصحف الأقدم على وجه الارض! بل إنه الخبر الأعظم للمسلمين جميعاً في هذا القرن! لماذا؟ السبب الأول: اكتشاف هذا المصحف نسف هُراء المشككين والمستشرقين والملحدين الجدد الذين أطلقوا نظريتهم بأن القرآن كُتب في زمن ما بعد النبي لتبرير الفتوحات الإسلامية وقتذاك.. أما السبب الثاني: فإن هذه المخطوطة القرآنية هي طبق الأصل للمصاحف الموجودة الآن – ما عدا نوع الخط – لذا، فإن جميع الأقاويل والادعاءات والتشكيكات التي يطلقها خصوم الإسلام ستموت حتماً أمام هذا المصحف الذي ستنشره جامعة برمنغهام للجمهور قريباً.. لم أكد أفرغ من قراءة هذا الخبر الجميل حتى هرعت إلى وسائل الإعلام العربي لأقرأ تفاعلهم مع هذه البشرى، فلم أجد عندئذ سوى أخبار نجوم الإسلام الجدد: «الخليفة البغدادي»، و«أبو طلحة البرمائي»، و«أبو قندرة الجهادي»!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *