فؤاد الهاشم

الإعلام والإخوان..كإبليس والقرآن!!

من أكثر المشاهد التي كانت «تكسر خاطري» وكذلك خواطر الزملاء في شارع الصحافة ممن يناصرون حق المرأة السياسي في الترشح والانتخاب قبل 30 سنة، منظر «مجموعة من حريم الديرة» وهن متجهات إلى مخفر شرطة من أجل «إثبات حالة» لطلبهن بتسجيل اسم كل واحدة منهن في سجلات الناخبين خلال شهر يناير من كل عام، لكن..كالعادة، ضابط المخفر يرفض والشرطي «يكشر»، ووكيل ضابط الأحوال «يطنش»!!
فنقوم – نحن في الصحافة- بتدوين ماحدث صورة وخبراً وننشر التفاصيل في اليوم التالي، وفي اليوم الذي يليه، تنسى الناس حكاية «حريم المخفر»، ونعود إلى دائرة الهموم اليومية المعتادة لنغوص في قضايا..«الإسكان والصحة والتعليم والبدون و..فراش البلدية الأزلي»!!

في عام 1985، كان الوضع مختلفاً بعض الشيئ، الحماس يدب في الصدور حول ميلاد مجلس أمة قوي يحوي كل التيارات السياسية في البلد، الناس متفائلة ومقبلة على التصويت وعازمة على المشاركة، العديد من الشباب ممن بلغ السن القانوني يحرص على تسجيل اسمه في سجل الناخبين، الأقلام الكويتية في الجرائد الخمس -وقتها- تتجه للحديث عن ضرورة «منح المرأة الحقوق السياسية»، ندوات في العديد من جمعيات النفع العام التي لا تتبع جماعة «متأسلمة» من أى نوع تتطرق للأمر ذاته و…هكذا!!

كان المرحوم -بإذنه تعالى- رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعى- الذراع السياسي لحركة الإخوان المسلمين في الكويت «عبدالله العلى المطوع» من أشد المعارضين لهذا التوجه، ويرفض مبدأ الحقوق السياسية للمرأة جملة وتفصيلاً، لكن..لسبب مجهول يوافق على ممارسة الطالبات في جامعة الكويت لحق الانتخاب والترشح في الإتحاد العام للطلبة الذى تسيطر عليه القائمة الائتلافية التابعة للإخوان المسلمين!!
المهم إن جمعية الإصلاح فوجئت بذلك الزخم من الدعم لمشروع حق المرأة السياسي من..«الليبراليين والعلمانيين والزنادقة والملاحدة الكويتيين العاملين في الصحافة الشيوعية الكويتية»، فانفجرت من الغضب، وأصدرت بياناً هدد فيه الراحل «بوبدر» بـ..«تسيير مظاهرات من الأحمدى إلى الجهراء تندد بهذه المطالب»، وكذلك إحتوى سطوراً عنيفة ضد القوى الليبرالية باستخدام أيه من سورة النمل تقول: «حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون»! كانوا يرون إننا..«نمل» وهم -الإخوان المسلمون- جنود سليمان!! وقتها، نشر البيان في مجلتهم المسماة بـ«المجتمع» والتي كان يرأس تحريرها «إسماعيل عبد الخضر الشطي» والذي أصبح نائباً بعد ذلك، ثم وزيراً ونائباً لرئيس مجلس الوزراء والآن يعمل مستشاراً لسمو رئيس الوزراء ليعطيه من رأيه الرشيد وعقله السديد!!
مشكلة «الإخوان»..وغيرهم من التيارات الدينية إنهم يملكون المال والسطوة والقاعدة الشعبية التي يجذبونها بالخطاب الديني لكنهم يفتقدون إلى العناصر الموهوبة في مجالات أخرى مؤثرة مثل..الأدب والصحافة والفن والمسرح و..غيرها!!
لا يمكن أن تجد «إخوانياً» يستطيع أن يكتب «سطرين على بعض» ويشد القراء إلى قلمه، وكذلك، لا يوجد أديب إخوانجي ولا موسيقار إخوانجي ولا فنان مسرحي إخوانجي، وبالطبع، لا يمكن أن نشاهد «مطرب إخوانجي» خاصة إن ملامح الإخوانجية -عموماً- أقرب إلى صور المشبوهين التي تنشرها الصحف لمجرمين أو مدمنيين أو لصوص..«أسلاك نحاس»!!
لذلك تجد أن «الإخوانجية» -وبقية التيارات الدينية- ترتعب من الصحافة والصحافيين «العلمانيين» والإعلام والإعلاميين «الليبراليين» كما يرتعب الأبالسة والشياطين من سماع قارئ.. القرآن!!
قبل ثلاثين سنة، كانوا يصفون غيرهم بأنهم «نمل» وهم كانوا «جنود سليمان»، واليوم، وعقب انكشاف سوأتهم على يد دمية جاؤوا بها لحكم مصر هى «مرسي»، صارت الشعوب في تونس ومصر وليبيا هي «جنود سليمان» وهم «النمل» الذي لم يعد لديه إلا الاختباء في جحر له فتحتان واحدة في «الدوحة» والثانية في..«إسطنبول»!!

***

أتمنى على المحامين القطريين الذين يلاحقونني بالقضايا أمام المحاكم الكويتية أن يرفعوا ضدي قضايا أمام محاكم بلدهم، فيصدر ضدي حكم بالسجن، فيرسلون الحكم إلى «الإنتربول»، فأسافر أنا إلى برلين، فيتم اعتقالى في المطار، فأصرح أنا قائلاً: «النظام الألماني تحالف مع النظام في قطر»، ثم يفرج عنى فأقول: «ألمانيا بلد الديمقراطية»، فأعقد مؤتمراً صحافياً أصرخ فيه بأعلى صوتي: «شكراً لأحرار العالم الذين ساندوني» واختتم تصريحي بالقول: «كلنا -مو-قطر! كلنا مو-قطر، كلنا مو-قطر..ألمانيا كعبة المضيوم»!!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *