عبدالعزيز الجناحي

بين مسجد «الصادق» .. والكنيسة «المرقسية»!

المشهد الأول كان قبل أربعة أعوام، وفي يناير من عام 2011 تحديداً، قررت السفر إلى مصر لمقابلة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا شنودة‏ للحديث عن التفجيرات التي هزت أمن الأقباط آنذاك، وبالفعل.. توجهت بعد التفجيرات بأسبوعين بعد أن حصلت على «الأوكي» من إدارة تحرير الوطن التي كنت أعمل صحفياً بها، وبعد تنسيق واتصالات مع سكرتارية البابا شنودة.. تم الاتفاق على إجراء المقابلة في مقر الكنيسة يوم الجمعة «الخامس والعشرون من يناير»، لكن مشيئة الله أنهت هذا اللقاء قبل أن يبدأ عندما «انفجرت» قنبلة ما زلنا نعيش في اهتزازاتها.. وهي «جمعة الغضب» التي أدت في نهايتها إلى إسقاط حسني مبارك، فبدلاً من أن أقابل «شنودة»، قابلت الشعب المصري في أشرس أيامه.. وأكثرها فخراً.
الشاهد هنا ليس وفاة البابا بعد زيارتي له بسنة.. الشاهد أن ملف تفجير الكنيسة هذا ظل مطموساً إلى ساعة «محاكمة القرن» في 2014 والتي كان أحد أطرافها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، حيث أشار دفاعه إلى أن “جهات خارجية” حاولت أن تهز مصر بصراع مسيحي-مسلم بعد هذا التفجير لنوايا ورغبات طامعة، وأنهم اتصلوا بالبابا شنودة لإقناعه بتقسيم مصر إلى دويلات إلا أنه رفض.
أما المشهد الثاني فهو الذي ظهر في إحدى حلقات مسلسل الخديوي -المقتبسة قصته من التاريخ- أن “مؤامرة خارجية” قد دبرت في عصره، لإحراق مسجد الأزبكية وقتل ما فيه من ناس بسطاء لهم امتدادات عائلية، الخطة التي ذكرت ضمن سيناريو المسلسل، أن الباب العالي -وهو مركز الحكم في الدولة العثمانية- أرادت الوقيعة بين المسلمين والأقباط في مصر بعد هذا الحريق الذي سيؤدي إلى احتشاد المسلمين أمام الكنيسة للمطالبة بدم الشهداء، لتحدث المصادمات، وينكر أسقف الكنيسة علاقته، فيلجأ لملك مصر، الأمر الذي سيعطي الباب العالي سبباً «لابتلاع» ودخول مصر بحجة الثأر للمسلمين..لكنها فشلت.
بعيداً عن الكنائس، وفي مشاهد تفجير الحسينيات في القطيف والدمام وآخرها في مسجد الإمام الصادق في الكويت تحديداً، علينا أن نفكر بعقلانية، وبهدوء، ونتساءل معاً.. من المستفيد من إلهاء الحكومة السعودية عن معركتها مع الحوثي في الجنوب؟ من المستفيد من الإيقاع بين الشيعة والسنة في الشرقية «ليبتلع» المنطقة الشرقية؟ ماذا تعني لنا دعوة المعمم -الذي طرده أهالي الضحايا- الذي يدعو مباشرة بعد تفجير القطيف إلى تأسيس حشد شعبي لحماية الحسينيات في الشرقية؟ لماذا تستهدف الحسينيات ومساجد الشيعة في المنطقة الشرقية والكويت دون غيرها؟ من المستفيد من خلق صراع سني-شيعي؟
هذا العمل الدنيء الإجرامي الذي استهدف مسجد الصادق، أصاب بيوت الكويت سنة وشيعة بموجة حزن وضيق، لكنه أصاب “المخطط” و”المدبر” بمقتل بعد المشهد الأبرز؛ مشهد طوابير الكويتيين “السنة” أمام بنك الدم..

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عبدالعزيز الجناحي

صحفي وكاتب حاصل على بكالريوس هندسة كهربائية من جامعة الكويت

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *