سامي النصف

الإخوة كواشي

حتى السبعينيات كانت هناك 4 دول أوروبية لا تعترف بإسرائيل ولا تتبادل معها التمثيل الديبلوماسي لقربها ومصداقيتها للعرب هي: اليونان وإسبانيا والبرتغال وقبرص، وبدلا من شكرها اختصتها بعض التنظيمات الفلسطينية المتطرفة كحال منظمة أبو نضال بعملياتها الإرهابية (ومثلها الدول الأوروبية ذات القيادات المعتدلة الداعمة للقضية الفلسطينية كحال فرنسا وإيطاليا والنمسا) وما إن تبادلت تلك الدول العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل حتى توقفت فجأة تلك العمليات الإجرامية، وفيما بعد كشف الباحث البريطاني الشهير باتريك سيل أن الثائر والوطني الكبير أبو نضال كان بندقية للإيجار وعميلا لمن يدعي العداء الشديد له.

***

وفي نفس حقبة السبعينيات انتشرت الأحزاب الشيوعية الرسمية في بعض دول أوروبا الغربية، وكانت قاب قوسين من تسلم مقاليد الحكم فيها، وكان لا بد من محاربتها من داخلها أي العمل من خلال خطة العدو لتنفير الناس منها؛ فتم خلق منظمات ماركسية متطرفة كالألوية الحمراء وبادر ماينهوف وغيرهما لتخطف وتقتل وتفجر وتروع الآمنين فترتد كراهية الشعوب منها إلى ما تمثله؛ فنتج عن ذلك الانحسار الشديد للأحزاب الشيوعية الكبرى في دول أوروبية مؤثرة مثل: فرنسا وإيطاليا واليونان… إلخ.

***

ومع سقوط الاتحاد السوفييتي وتفككه أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات كان لزاما خلق عدو مؤثر تمثل في الإسلام وإشاعة ما سمي بـ «صراع الحضارات»، وكانت قواعد اللعبة تقتضي خلق حركات إرهابية متطرفة تتدثر وتتسمى باسم الإسلام وتقوم بالجرائم البشعة وتنسبها إليه، فظهر تنظيم القاعدة والزرقاوي ولاحقا داعش وفروخهم ومازال المشوار في بدايته، وإذا كانت الطلقة الجيدة يعاد استخدامها مرة واحدة لدى الشعوب الأخرى خوفا من انكشاف من يطلقها، فإن قلة الوعي العام والثقافة لدى شعوبنا تسهل عملية إعادة استخدامها ألف مرة بنجاح تام فالغوغاء يرددون بغباء ما يسمعون لا ما يرون ومازالت عملية القضاء على الإسلام باسم الإسلام قائمة ومستمرة.

***

آخر محطة:

(1) لو كان القصد الحقيقي من جريمة فرنسا ـ صديقة العرب والمسلمين ـ الشنعاء الانتقام من رسام الكاريكاتير لأمكن وبسهولة قتله في أحد الأزقة دون أن يعرف أحد من قتله بدلا من القتل الجماعي الذي ذهب ضحيته الشرطي المسلم ومصحح الجريدة المسلم كذلك.

(2) في عمليتي تفجير مبنى التجارة، الأولى عام 1993 والثانية 2001 قام الفاعلون بتأجير سيارات وبأسمائهم الحقيقية بدلا من استخدام سيارات مسروقة أو أسماء مزورة عند التأجير، وفي عملية الأخوين كواشي استخدما سيارة سوداء تركاها على بعد 3 كم من موقع الجريمة وبها الهوية الشخصية لأحد الفاعلين، وكأن الهدف من جميع تلك الأمور التأكد من عدم تسجيل الجرائم ضد مجهول، بل يجب أن تنسب لفاعل مسلم!

(3) للتذكير.. عندما دار لغط كبير حول الفاعل في جريمة هدم مبنى التجارة عام 2001 وقتل الآلاف، ترك بن لادن في أحد مخيماته المهجورة.. شريطا مصورا يعترف فيه لأصحابه بارتكابه تلك الجريمة وسط ذهول ناطقه الرسمي الكويتي الذي ظهر كالأطرش في الزفة!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *