عبداللطيف الدعيج

أيها المتخلفون صه

%99.999 ممن دان العملية الإرهابية ضد «شارلي إيبدو» من المواطنين العرب، وحكوماتهم معهم، هم في الغالب من المحرضين والمنتجين لهذا الإرهاب. الذين ذرفوا دموع التماسيح في «تويتر» يوم الأربعاء الماضي، مستنكرين العملية الإرهابية هم ولا أحد غيرهم من رعى وطور الإرهاب، وأعد منفذي العملية وشجعهم على ارتكابها. وهم، وأنا أعني وأعلم وأثق بما أقول، هم.. من قتل شهداء – غصب عليكم – عملية «شارلي إيبدو».

هنا في الكويت، بلد «الديموقراطية» أقر مجلس الأمة قانون إعدام من يسيء إلى الرموز الدينية، لاحظ إعدام. وعندما غيّرت السلطة آلية التصويت في محاولة لإنقاذ ما تبقى من الديموقراطية نزل إلى الشارع مؤيدو القانون، أو مؤيدو من أقره – لا فرق – بمئات الآلاف حسب الزعم، دفاعاً عن الأغلبية التي أقرت إعدام من يعبر عن رأيه! هؤلاء هم ذات من ملأ «تويتر» بتغريدات تندد بالعملية وبالإرهابيين!

أعضاء مجلس الأمة أنفسهم، ومؤيدوهم أنفسهم، تظاهروا في ساحة الإرادة، وطالبوا بإغلاق وسائل إعلامية، لا لشيء، إلا لأنها عبّرت عن رأي يخالفهم. والأعضاء الأشاوس لم يكتفوا بهذا، بل مضوا إلى حد استجواب وزير الإعلام لعدم اتخاذه القرار القراقوشي القاضي بإغلاق القنوات غير الطازة التي خالفتهم الرأي، أو التي عبّر أصحابها بشكل مستقل عن آرائهم.

ليس هناك فرق كبير على الإطلاق بين من تصدى لحرية الرأي بالقانون، أو بالرصاص، فالنتيجة واحدة ومتماثلة تماماً. فكلها قتل لحرية الرأي، وتنكيل بصاحبه. أحد «شهداء» – غصب عليكم – «شارلي إيبدو» قال قبل العملية بقليل إنه يفضل الموت على أن يحرم من التعبير عن رأيه، وقد دفَّعه المسلمون الإرهابيون مع الأسف ثمن إصراره على التمسك برأيه.

إعدام المسيء بقانون يشرعه مجلس الأمة المنتخب شرعياً – كما الادعاء – على نظام الدوائر الخمس، هو إرهاب. وهو إرهاب أدنى شجاعة وشرفاً من إرهاب عملية «شارلي إيبدو»، لأنه ينفَّذ تحت مظلة القانون، وحماية ورعاية مؤسسات الدولة القمعية، وناخبيها الرجعيين. ليس هناك فرق بين من أطلق الرصاصة على «شارلي إيبدو»، أو الإمام الخميني – الذي يقدسه عشرات الملايين من المسلمين – الذي أطلق فتوى قتل سلمان رشدي، الفرق الوحيد أن رصاصة الخميني لم تصل إلى رشدي بعد.

الإرهاب ليس القتل أو الإعدام فقط. الإرهاب هو مصادرة حقوق الآخرين. ولا فرق هنا كما قال شهيد – وأيضاً غصب عليكم – «شارلي إيبدو» بين القتل وبين مصادرة حق التعبير.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *