علي محمود خاجه

للبيع

"للبيع أرض في الصديق، موقع مميز على مدخل المنطقة 1000م، بطن وظهر شارع رئيسي وارتداد كبير 25م، سعر البيع 1.150.000 مليون دينار". هذا نص إعلان في الصفحة الأخيرة في واحدة من أكثر الصحف انتشاراً في الكويت بعدد الثلاثاء الموافق 14-10-2014. طبعا أن يتكبد صاحب الإعلان مبلغا وقدره لنشر إعلان كهذا في الصفحة الأخيرة لصحيفة ذات انتشار كبير ليس من فراغ، بل لأن هناك طلباً على هذا النوع من العقارات وبهذا السعر. الوضع ليس طبيعيا بكل تأكيد وكذلك سعر الأرض، فأن تعرض أرض فضاء في منطقة لا جمعية فيها ولا حديقة عامة ولا إطلالة بحرية على الأقل، ويكون سعر المتر المربع فيها يفوق الألف دينار كويتي، فهو بالتأكيد ضرب من الجنون، وأن يقوم أحد بشراء عقار بهذا السعر بغرض السكن فهو جنون أكبر بكل تأكيد. ووفق هذا السعر فإن المواطن الكويتي سيحتاج إلى توفير 5000 دينار شهرياً لمدة عشر سنوات ليشتري نصف مساحة تلك الأرض في الإعلان السابق، ويحتاج إلى سنتين إضافيتين على الأقل ليبني الأرض، علما أن أسعار الأراضي في المناطق المأهولة في الكويت لا تقل عن السعر المذكور في الإعلان إلا بنسبة ضئيلة. قد يعزو البعض جنون الأسعار هذا إلى شح الأراضي المتاحة فقط، وهذا الأمر غير صحيح بكل تأكيد، فحتى لو تم الانتهاء من جميع الطلبات الإسكانية الحالية فإن هذا لن ينهي المبالغة في الأسعار أبداً بحكم أن الكويت عبارة عن منطقة واحدة يحتاجها معظم السكان يومياً تمتد من مدينة الكويت إلى الشويخ، وهو ما يعني أنه حتى إن تم توزيع أصحاب الطلبات الإسكانية على المناطق الجديدة البعيدة فإن ذلك لن يغنيهم عن مدينة الكويت مركز الدولة؛ مما سيجعل المناطق الأقرب نسبيا للمدينة تحافظ على أسعارها الجنونية لميزة واحدة فقط هي القرب الجغرافي. لا بد من الشروع في نظام المدن في الكويت، بحيث لا تتكدس الكويت صباح كل يوم في منطقة واحدة، فتكون كل محافظة مدينة قائمة بذاتها يستطيع الناس العيش فيها دون الحاجة إلى الابتعاد عنها يوميا بسبب العمل أو الدراسة، فتحوي بذلك كل محافظة على المناطق التجارية والوزارية والتعليمية والصحية التي تمكن قاطني المحافظة من تخليص جميع احتياجاتهم اليومية دون الخروج منها، على أن يعمم هذا النظام حتى على المناطق الجديدة والمحافظات الجديدة كذلك إن وجدت، بتلك الحالة فقط سنتمكن من الدخول في حالة المنطق السعري بعيدا عن هذه الأسعار الخيالية، وأنا إلى اليوم لم أسمع من المسؤولين أي نية لتطبيق هذا النظام، وهو ما يعني أن تصاعد الأسعار سيستمر إلى أن نصل إلى العجز في الميزانية وشح السيولة. ما أقوله ليس عبقرية أو فكرا فذا، بل هو مجرد معالجة منطقية لأزمة واحدة ولدت أزمات كثيرة، وبالإضافة إلى سعر العقار أزمة شلل الطرق، فعدم وجود مدن جعلنا نعيش في ازدحام مستمر لأن الطرق التي توصلنا إلى "الديرة" لا تتحمل كل هذا التدفق اليومي. لدي لي قناعة أقرب إلى اليقين عما يحدث اليوم بأن مسؤولي الدولة يريدون لهذه المعاناة أن تستمر، فعلى الرغم من تعاقب المسؤولين فإن أحدا فيهم لم يبادر بهذا الحل، وهو ما يجعلنا أمام اختيارين لا ثالث لها: إما أن يجهل المسؤولون الواقع أو أن الاستمرار في تغذية هذه الأزمة ما هو إلا سياسة عامة مخطط لها. ضمن نطاق التغطية: في مايو الماضي قام النجم السينمائي أورلاندو بلووم ببيع منزله في لوس أنجلس والمشيد عام 1940 بمساحة 990 مترا مربعا، ويحوي على حديقة وحوض سباحة بمبلغ يقدر بـ1.100.000 مليون دينار كويتي.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *