محمد الوشيحي

مسلمون تحت الصيانة

جميلة تلك الصور التي تنتشر في وسائل إعلامنا، ويظهر فيها مجموعة من الدعاة، وإلى جانبهم يقف آسيوي بائس، بنظرات مرتبكة، تحت لوحة كُتب عليها “المهتدون الجدد”.
طبعاً لا حاجة إلى التنويه إلى أن دعاتنا الأفاضل وعدوا الآسيوي المهتدي بمبلغ مالي حال نطق الشهادتين. ولا حاجة إلى التذكير بأنه في حاجة مسيسة، كما يبدو من مظهره، إلى هذا المال. لكن الأكثر أهمية هنا هو خوفه من هؤلاء الخليجيين إن هو لم يعلن إسلامه، مع أنهم لم يهددوه. لكن حظه الفقير في التعليم، وعقله الباطن الذي يصور له هؤلاء الدعاة بأنهم من أهل الحظوة والسطوة، إضافة إلى تفكيره الدائم بأهله وحاجتهم إلى الأموال التي يرسلها إليهم كل شهر، ووو… كل هذه الأمور تخيف بعضهم وتدفعهم إلى “الموافقة” على تغيير دينهم.
جهود هؤلاء الدعاة يُشكرون عليها، لكن ليتهم يشرحون لنا كيف استطاعوا إقناع هؤلاء المهتدين الجدد بالإسلام، رغم أن أوضاع المسلمين لا تسر حتى أعداءهم. وليتهم يلتقطون صوراً مع أميركان أو أوروبيين متعلمين، إضافة إلى هؤلاء الآسيويين الأميين، كي نطمئن إلى أن ديننا لا يغري فقط الأميين وفقيري التعليم، بل حتى مكتملي التعليم والثقافة.
وإن كان لي أن أتمنى على دعاتنا الأفاضل فسأتمنى عليهم أن يعيدوا ترميم بيوت المسلمين المتهالكة قبل التفكير في بناء مساكن جديدة. كيف؟ سأقول لك كيف.
لو ركز هؤلاء الدعاة جهودهم علينا نحن، وعلى المسؤولين المسلمين الحاليين، وبينوا لنا ولهم أن جوهر الإسلام ليس في دخول الحمام بالرجل اليسرى، ولا بوجوب تناول الطعام باليد اليمنى، ولا علاقة له بارتداء الغترة من دون عقال، ولا بقتل أبناء المذاهب الأخرى من المسلمين، ولا حتى غير المسلمين.
لو أنهم وضحوا لنا وللمسؤولين المسلمين قبلنا أن الإسلام ينهى عن أكل حقوق الناس وظلمهم، وأن العنصرية والطبقية ليستا من الإسلام، وأن الصفقات والمشاريع التي تأتي بمداهنة المسؤول الفاسد ليست من الإسلام، وأن جوهر الإسلام يقوم على احترام الإنسان وآدميته، وأن أموال المسلمين وأراضيهم ليست ملكاً للمسؤولين، يمنحونها من يشاؤون بلا حسيب ولا رقيب، وأن من يعترض على فساد المسؤولين لم يخرج من الإسلام، بل على العكس، هو يطبق الإسلام الصحيح. لو أنهم حدثونا عن الساكت عن الحق، والراضي بالفساد، والمتملق، والمداهن، ووو…
صدقاً، ليتهم يعلمون المسلمين الحاليين معنى الإسلام الحقيقي، ولو ساعة واحدة من كل يوم، ويعلمون المسؤولين عشر ساعات، على الأقل، في اليوم الواحد، قبل أن نلتقط كلنا صورة جماعية تحت لوحة كُتب عليها “مسلمون تحت الصيانة وإعادة الطلاء”.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *