محمد الوشيحي

سافل إكلينيكياً

حتى الحشرة، وهي حشرة، لا يمكن أن تشمت أو تتشفى في أحد. لن تجدها تشمت في حشرة أو في طائر أو سمكة أو إنسان. ليش؟ لأن لديها حدوداً دنيا من “الحشرية” والقيم التي تمنعها من التشفي بالآخرين في عز مصابهم.
وبالأمس، رأينا من يتشفى بمن سُحبت جنسيته، ويعلن فرحته، تقرباً لأصحاب القرار، ظناً منه أنهم سيحترمونه، أو يقرّبونه، أو حتى يمنحونه الجنسية، إن كان من “البدون”.
وخير من وصف هذه النوعية من الكائنات هو كتكوت “اللمبي”: “ده بني آدم مفيش بني آدمين جواه”.
ولو فحصنا هذه النوعية بالأشعة المقطعية، لوجدنا في قلوبهم صدأ ومياهاً عكرة آسنة وأشياء أخرى يأنف القلم ويقرف من كتابتها. أجل الله القارئ.
يتشدق الواحد منهم، أو على رأي العلامة علي الوردي، يتمشدق بالوطنية، وبحب المسؤولين، وهو لا يحب إلا حذاء سيده، بعد أن بلغ به الانحطاط مبلغاً لم تكتشفه النظريات حتى اللحظة.
هو لا خصوم له ولا أحباب، هو يبحث عن ذوي السلطان، فيمتدح أحبابهم بتملق ودجل، ويهاجم خصومهم بقذارة وسفالة.
وفي المقابل، نجد أناساً أنقى من الشموع، كما يقول الكهنة. مهما كانت درجة اختلافهم معك، لا يمكن أن يشمتوا بك أو يسخروا من مصيبتك. إنسانيتهم ترفعهم، حتى لو أرادوا الهبوط. وخصومتهم معك تنتهي متى ما حلت بك كارثة، أو طمّتك طامة.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *