سامي النصف

خداع «داعش» وأسباب تصويرها لجرائمها!

حضرت مبكرا ذات صباح يوم أحد إلى حديقة الهايد بارك في لندن لمشاهدة مظاهرة حاشدة دعت اليها جماعات السلام البريطانية المناهضة للحروب وللأسلحة النووية، ولم تكن هناك إلا قلة بانتظار وصول المتظاهرين، ولاحظت ان حزب التحرير الذي تدور ومازالت حوله الشبهات قد قام بحركة اعلامية مخابراتية ذكية هي قيام ما يقارب العشرة من اتباعه بنشر اللافتات الحاملة لاسمه حول منصة الحديث بحيث تصبح مئات الآلاف القادمة خلف تلك اللوحات وكأنهم من اتباع ذلك الحزب المخرب.

***

جماعة داعش التي تدور الشكوك خلفها وانها صنيعة مخابراتية ذكية تقوم بشيء مماثل حيث تضع أعلامها بسرعة على كل حدث يقع في الشام أو العراق كي تعطي نفسها بطريقة الخداع الاعلامي قوة لا تملكها، وفي هذا السياق لا يمكن لأي مراقب الا ان يتساءل وجميع جرائمها المروعة ترتكب تحت راية تحمل اسم الجلالة ورسوله، هل أوصى رب العباد ورسول الرحمة بالقيام بمثل تلك الفظائع والقتل بدم بارد أم أوصيا بالاستتابة والعفو عند المقدرة، واذهبوا فأنتم الطلقاء؟! أليس في تلك الجرائم البشعة ضرر بسمعة الاسلام وضرر مماثل بمن يدعون تمثيله والدفاع عنه، ونعني أهل السنة ممن تحرض تلك الأفعال اعداءهم الاقوى منهم بحكم انهم من تسخر لهم موارد الدولة في سورية والعراق على نحرهم وقتلهم والتنكيل بهم كمعاملة بالمثل حتى ينتهي الأمر باستحالة التعايش بين مكونات المجتمع فينتهي الأمر بانشطار البلدين وهذا هو الهدف الاسمى الذي ما خلقت ارحام المخابرات «داعش» إلا لأجله.

***

واذا كانت داعش تؤمن بحق بصحة ما ترتكبه من جرائم كبرى كحال جريمتها الاخيرة في طلاب الكلية الجوية بالموصل وان هذا يأتي متوائما مع احكام الدين الاسلامي، فلماذا يكون الفاعلون ملثمين دائما لا يعرف احد هويتهم؟ وهل أتى في الأثر ان هذا ما كان يقوم به الرسول وصحابته من إخفاء لهوياتهم؟!

في المقابل، ان كانوا يعلمون أن تلك الافعال النكراء خارجة عن تشريعات السماء والقوانين الارضية فلماذا يصورونها اذن ويبثونها لاثارة الاحقاد والانتقامات المضادة؟!

***

آخر محطة: (1) ان رد الفعل السريع على جرائم داعش المصورة والمعلنة عبر القيام بمذابح جماعية بالاتجاه المعاكس يخدم تماما أهداف ذلك التجمع المخابراتي المشبوه ويجعل قادته ومن يقف خلفهم يصفقون فرحا لما يحدث ولنجاح مخططهم الهادف لسفك دماء المسلمين من الطرفين انهارا وتقسيم بلدانهم بالتبعية واضاعة ثرواتهم فيما لا ينفع.

(2) لذا، فالشكر المستحق للقيادات العراقية الشعبية الحكيمة التي لم تنجر خلف ذلك المخطط التدميري بل ضبطت النفس واكتفت بالالتزام بالآية الكريمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) والواجب الآن على قيادات الغرب والشمال الحقيقية ان تحارب وتلفظ «داعش» كما لفظت وطردت في السابق تنظيمي القاعدة والزرقاوي المشبوهين، حيث ان تلك الحركات لا ترفع راياتها في بلد إلا وحل الخراب والدمار بأهله وسفكت دماؤهم.

 

@salnesf

سعيد محمد سعيد

مخابرات السيد «المسئول»!

 

من بين الدراسات الاجتماعية الجميلة التي اطلعت عليها مؤخراً دراسة بعنوان: «الوشاية وأثرها على أمن المجتمع» للباحث وليد إبراهيم المهوس (من المملكة العربية السعودية)، ويكمن عمقها في أن الباحث التفت إلى ظاهرة منتشرة في المجتمع الخليجي بشكل مذهل، وهي واحدة من أهم أسباب سوء الإنتاجية والتدهور المهني والأخلاقي في الكثير من أماكن العمل، حكومية وغير حكومية.

ولعل من أهم صور تلك الظاهرة في أماكن العمل، الاستعانة بفريق «مخابرات السيد المسئول» الذي يكلف مجموعة من الموظفين والموظفات للعمل كآذان وأبصار تنقل له كل شاردة وواردة، حتى أن الباحث جمع في سلوك أمثال أولئك الوشاة صفات الحسد والرذيلة والكذب والنميمة والغيبة والبهتان وشيوع المفاسد الخلقية والاجتماعية وقتل الثقة بين أفراد المجتمع.

في الحقيقة، قد تنتابك حال من الضحك الهستيري إلى درجة البكاء وأنت تستمع إلى معاناة موظف أو موظفة وقعا تحت نيران «المسئول» وقصفه المستمر، بسبب «وشاية» نقلها إليه أحد الموظفين أو الموظفات من «ناقلي الكلام والفتانين كما نقول بالعامية»، ومن دون تَثبُّت من صحة النقل أو عدمه، فتنتفخ أوداج المسئول ويستشيط غضباً ويجعل الموظف المتهم هدفاً لتشفية الغليل فيحرمه من الترقية، ويضيق عليه الخناق، وقد يكتب التقرير تلو التقرير عن سوء أداء الموظف.

وليس الباحث «المهوس» من تناول هذه الظاهرة المضرة وحقق تجاوباً كبيراً كون الناس يشعرون بها، فهناك دراسات اجتماعية أيضاً تناولت ممارسات بعض المسئولين الذين يوظفون إمكانات بعض موظفيهم لا من أجل المزيد من الإنتاج وتطوير العمل، ولكن من أجل المراقبة والترصد ونقل الكلام، وينقلون ما صح وما لم يصح، إلى السيد المسئول… وللأسف، فإن هناك الكثير من المسئولين يعشقون هذا الفعل فيستمعون بأذن واحدة ويرون بعين واحدة.

قبل عدة سنوات، وقبل أن ينتشر استخدام البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائط التقنية الحديثة والمواقع الالكترونية، كتبت تحقيقاً صحافياً كان عنوانه «الرسائل الصفراء»، وتلك الرسائل كانت عبارة عن وشاية تصل إلى مكاتب بعض المسئولين من مصادر مجهولة، وفي مضامينها الكثير الكثير مما يندى له الجبين، فمن اتهام لمسئولٍ ما بالطائفية، إلى تشويه سمعة موظف أو موظفة، إلى كشف عمليات سرقة واختلاسات ومن بين تلك الرسائل، هناك الكثير من محاولات الإطاحة بموظف أو موظفة عبر معلومات هي في غالبها مكذوبة.

ولكن الغريب في الأمر، أن بعض الجهات، حكومية وخاصة، من انتشرت فيها الرسائل الصفراء، كانت تحقق بشراسة مع الموظف أو الموظفة (المقصود) في الرسالة مجهولة المصدر، وكأن كل ما ورد فيها صحيح، ويلزم على من أنكر أن يأتي بالبيِّنة! يعني أن المتهم هو الذي يتوجب عليه تقديم البيِّنة، وليس المدعي قطعاً لأنه… مجهول!

قد لا أتفق مع الباحثين الذين خلصوا إلى توصيات من قبيل قيام مؤسسات المجتمع التربوية بغرس روح الجماعة وأسس الإيمان وتوعية المجتمع بأثر الوشاية السيء على كل أفراده، وإقامة المحاضرات وحث الدعاة والمربين والباحثين للتصدي لها، فهذه كلها نقاط جميلة… لكن الأهم والأسرع والأكثر تأثيراً من وجهة نظري هو الدقة في اختيار المسئولين، ومن يثبت أنه يمارس هذه الممارسات الشنيعة، فلا أقل من مساءلته ومعاقبته فهو وجه سيء لفاقدي القدرة على حمل الأمانة الوطنية، ولقمة عيش الناس ليست لعبةً في يد أمثال أولئك المرضى النفسانيين.

د. شفيق ناظم الغبرا

ما الذي تغير منذ ثورات الربيع العربي؟

الفارق بين ثورة الشريف حسين بن علي (الثورة العربية الكبرى) في ١٩١٦ والثورة العربية التي بدأت بحرق محمد بو عزيزي لجسده احتجاجاً على الإهانة والبؤس عام ٢٠١٠ أن الثورات العربية الجديدة حركتها مجموعات صغيرة وأفراد من الشبان والشابات العرب ممن تميزوا بالنقاوة والحس المستقبلي. فمنذ الثورات والحركات الإصلاحية العربية الممتدة في الإقليم العربي نلاحظ أن مصادر القوة لم تعد، كما كانت في السابق، بيد النخب المتنفذة رغم قدراتها وإمكانياتها المالية والأمنية. بل هناك قوى جديدة لا زالت في طور النمو، لا تنتمي الى النخب والقادة ولا الى الأحزاب، قادرة على التأثير في المجتمعات في مسائل تمس مصيرها وحقوقها ورغباتها وتطلعاتها. لقد تغير العالم العربي. ففي السابق كانت مصادر القوة والنفوذ بيد الجيوش والفئات المتنفذة وأجهزة الأمن والقادة، أما اليوم فمصادر القوة في البلدان العربية بدأت تميل ببطء نحو قوى اجتماعية تتوالد خارج الأطر السلطوية وتعيش في قاع المجتمعات وبين طبقاتها الوسطى. متابعة قراءة ما الذي تغير منذ ثورات الربيع العربي؟

محمد الوشيحي

ايدك ع جيبتك

لماذا لا تعيّن وزارة الإعلام موظفاً لها في كل مخفر من مخافر الدولة، اختصاراً للوقت والدورة المستندية؟
وزارة الإعلام تحولت إلى “وزارة البلاغات الكيدية”. ما إن ينتهي برنامج تلفزيوني، أو ما إن يكتب مغرد تغريدة في “تويتر”، وقبل أن يجف حبرها، يأتيه اتصال من المباحث: “أنت مطلوب للتحقيق”، ليش؟ لأنك متهم بالسعي لزعزعة الأمن الوطني وضرب الاقتصاد وتشويه صورة جمعية الفحيحيل التعاونية في أعين العرب والفرنجة. متابعة قراءة ايدك ع جيبتك

احمد الصراف

قمتان فنيتان

يعتبر الملحن اللبناني الكبير زكي ناصيف (1918ـــ 2004) واحدا من أفضل الملحنين العرب، ولكنه لم يلق ما يستحق من تكريم، بالرغم من تأثيره الكبير في الموسيقى الشعبية اللبنانية، وما قدمه من ألحان جاوزت الخمسمئة، شدا بها أشهر المطربين. ولد ناصيف في قرية مشغرة البقاعية، التي غنت فيروز لقمرها. وكان مولعا بالزجل، «المعنّا والعتابا وابو الزلف». وكان يتعاون مع الملحنين الكبار، أمثال الأخوين رحباني وحليم الرومي وتوفيق الباشا وفيلمون وهبي، وكان لهم جميعا فضل في انطلاق «الليالي اللبنانية» الأولى في «مهرجانات بعلبك الدولية».
درس ناصيف الموسيقى في الجامعة الأميركية في بيروت، وبخلاف الرحابنة، لم يرغب في دمج الموسيقى الغربية أو الكلاسيكية بالشعبية اللبنانية، بل أصر على إبقاء روح الضيعة في موسيقاه. ومن اشهر أعماله «راجع راجع يتعمر»، التي غناها خلال الحرب الأهلية. ولكني شخصيا اعتقد أن أغنيته «يا عاشقة الورد» هي من اجمل ما لحن، والتي تقول كلماتها: يا عاشقة الورد ان كنت على وعدي فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد/ حيران أينتظر؟ والقلب به ضجر، ما التلة ما القمر ما النشوة ما السهر، ان عدت. الى القلق هائمة في الافق سابحة في الشفق فهيامك لن يجدي، يا عاشقة الورد ان كنت على وعدي فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد.
أما الفنان والملحن والشاعر السوري صباح فخري، فقد ولد في حلب عام 1933، انه قد تجاوز الثمانين، وأبدع، على مدى نصف قرن، في غناء الموشحات الأندلسية. وقد لحن وصاغ كلمات واحدة من أجمل أغاني الغزل، وهي أغنية «يا ربة الوجه الصبوح»، التي يقول فيها: خمرة الحب اسقنيها.. هم قلبي تنس.ني.. عيشة لا حب فيها.. جدول لا ماء فيه. يا ربة الوجه الصبوح.. انت عنوان الامل.. اسكريني بلثم روحي.. خمرة الروح القبل.. ان تجودي فصليني.. اسوة بالعاشقين.. او تضني فاندبيني.. في ظلال الياسمين.
وهي من أغاني الفولكلور، مقام نهاوند، وغناها قبل أكثر من 40 عاما.
إن أمثال هؤلاء العمالقة هم من يجب أن نسعد بهم ونفخر، وليس كل هذا القبح والتعصب اللذين نراهما حولنا.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

جهة دولية محايدة

كالعادة تتعالى المطالبات دون آلية واضحة أو هوية مفهومة للتطبيق، تلك هي السمة البارزة للتحركات في السنوات الأخيرة فمنذ "ارحل نستحق الأفضل" دون تحديد مفهوم للأفضل، مروراً بـ"نهج جديد" دون تحديد نوعية النهج حينها، وانتهاءً بـ"جهة دولية محايدة" لفحص مستندات التحويلات التي أشار إليها مسلم البراك وعرضها حساب "كرامة وطن" في "تويتر". ولنفحص هذه المطالبة الأخيرة "جهة دولية محايدة" لتتضح الصورة أكثر، فالمتقبلون لنوعية الوثائق المطروحة في حساب "كرامة وطن" يطالبون بجهة دولية محايدة لفحص تلك الأوراق، علماً أن المستندات المعروضة لا تتضمن اسم البنك، مع تلميح بسيط لاسمه من خلال سياق وثائقهم المعروضة، وهو ما يعني أن أي جهة سواء كانت دولية أو محلية لن تتعاطى أصلاً مع الأوراق دون تحديد اسم البنك في المقام الأول. وفي المقام الثاني من الذي سيلجأ أو يختار الجهة الدولية المحايدة أصلاً؟ هل هي الحكومة أم مسلم البراك أم حساب كرامة وطن؟ فإن كانت الحكومة هي من سيلجأ إلى تلك الجهة فهذا يعني أنها ستتحمل التكاليف المادية والمراسلات، وهو ما يعني أن تتسلم الحكومة من مسلم البراك أو "تويتر" الوثائق كاملة دون تغطية أسماء وتحديداً اسم البنك، وإن كان المطالبون أصلاً لا يثقون بالحكومة وجاءت النتائج عكس ما يشتهون، فمن السهل تبرير أن الجهة الدولية لم تتعاطَ مع الوثائق بشكل حيادي.  أما إن كان من سيلجأ إلى تلك الجهة هو مسلم البراك أو حساب "كرامة وطن" فلا حاجة أصلاً لمباركة الحكومة للخطوة، وعليهم اللجوء فوراً إلى الجهة الدولية المحايدة، علماً أن رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد صرح لـ"الجريدة" يوم أمس بالتالي "سنقوم بالتحقيق في تلك الوقائع، وسنتعامل مع مكاتب أجنبية خارجية، وكذلك مع السلطات البريطانية لبحث وبيان واسترداد الأموال التي تعتريها شبهة الفساد، إن وجدت"، مستنداً بذلك إلى المادة 24 من قانون الهيئة. شخصياً أعتقد أن أفضل حل لمن يساوره الشك في صحة الوثائق من عدمها، ويعتقد أنها ترقى للفحص هو الحل المقدم من مجلس الأمة؛ بتكليف ديوان المحاسبة بتلقي أي مستندات من المواطنين حول هذه القضية، على أن يقوم الديوان أو من تقدم بالبلاغ من المواطنين بالاستعانة بأي جهة دولية للتحقق من المستندات، وتنشر التقارير اللاحقة في الصحف اليومية. بهذه الطريقة سيتمكن كل مواطن يمتلك وثائق ومستندات حول هذه القضية من اللجوء إلى جهات دولية معتمدة، يحددها هو شخصياً للتحقق وتنتهي المسألة برمتها، فإن كانت النتيجة إدانة فسيكشف الأمر للرأي العام قبل المجلس والحكومة، وإن كانت نفياً فسيكشف الأمر كذلك، وهذه الخطوة لا تحتاج إلا أن يتقدم من يملك الأوراق كاملة دون إخفاء اسم البنك للتقدم إلى الديوان خلال مدة شهر من تاريخ صدور التكليف. تلك هي الطريقة لمن يبحث فعلاً عن الحقيقة. خارج نطاق التغطية: المفيد في القضية إياها دون نشر تفاصيلها هو أننا في حالة ما يسمى بـ"win-win situation" وهو ما يعني في حالة ثبوت صحة أو خطأ ما ورد في (…) فإنه يعني استبعاد طرف من طرفي القضية، والشعب كسبان.

سامي النصف

لا حل سياسياً أو أمنياً للعراق!

استضافتنا قناة العربية ضمن برنامج «بانوراما» للحديث حول إمكانية وجود حل سلمي للإشكال العراقي الدامي، وقد رأينا أنه لا حل سياسيا يلوح في الأفق لأسباب عدة منها أن ذلك الحل لو كان ممكنا لتم العمل به خلال الـ 11 عاما الماضية، ولتم بالتبعية الحفاظ على مئات آلاف الأرواح وتوفير مليارات الدولارات ومنع الملايين من النزوح من بيوتهم ومناطقهم.

* * *

كما لا يوجد بالمقابل حل أمني أو عسكري للمسألة العراقية، وهو أمر يثبته التاريخ، فلم تنفع قط حملات بكر صدقي في الثلاثينيات على قبائل الفرات الأوسط، كما لم تنفع الحملات العسكرية اللاحقة المتتالية على الأكراد وعلى رأسها حملات الأنفال الشهيرة التي استخدم فيها صدام الأسلحة الكيماوية، ثم حملة حسين كامل لقمع ثورة الجنوب عام 1991 وأخيرا الفشل الذريع لحملة الأشهر الأخيرة على مناطق الغرب والشمال.

* * *

لقد وصلت المسألة العراقية إلى أسوأ ما يمكن أن تصل له قضية شعب ما، فقد بات ما يعتبر انتصارا لجزء من العراق يعتبر هزيمة لجزئه الآخر، وما يضحك الغرب العراقي يبكي جنوبه بدلا أن يضم الجميع شعور واحد، وابتلى الله أرض الرافدين العزيزة بطبقة سياسية فاسدة تبحث عن مصالحها لا مصالح وطنها، فضمائرها مرهونة بأوامر الغير وقد تسببت في جعل العراق ساحة أخرى من ساحات حروب الوكالة التي تعددت ملاعبها في منطقتنا، فهناك سورية ولبنان وفلسطين واليمن وليبيا وغيرها.

* * *

إن العراق ليس ذاهبا لحرب أهلية أو طائفية كما ذكر بعض ضيوف اللقاء من العراقيين، بل انه كما رأينا عاش تلك الحرب القذرة طوال الـ 11 عاما الماضية، والجديد ان الحروب لم تعد طائفية وعرقية كما هو الحال في السابق، بل أصبحت حروب تحديد الحدود والاستيلاء على الثروات الطبيعية تمهيدا لقيام ثلاث دول أو أكثر مستقلة على أرض العراق، واللهم لا نسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه.

* * *

آخر محطة: (1) إن كان العراق ذاهبا في النهاية للتقسيم وهو أمر لا نوده ولا نتمناه كعرب وكخليجيين، فالأفضل أن يتم هذا الأمر بأقل كم من الدماء والدمار، فهناك فارق كبير بين انقسام سلمي مماثل لما تم في تشيكوسلوفاكيا وبين ما تم في يوغوسلافيا من دماء ودمار وعداء دائم بين المكونات.

(2) ترفع الشعوب الحية شعار «يموت فرد ولا تفنى أمة» وترفع بعض شعوبنا البائسة شعار «تفنى أمة ليحيا فرد»، فلا مانع لدى بعض ساستها ومفكريها من فناء الأمم وتقسيم الأوطان في سبيل بقاء زعامة حزبية في موقعها رغم ثبات فشل طروحاتها مرارا وتكرارا في الماضي، وهذا أحد إشكالات العراق الرئيسية القائمة.

 

@salnesf

احمد الصراف

العقل والمنطق الداعش

تحلم جهات عدة منذ عقود في أن ترى دولة إسلامية واحدة تجمع كل المسلمين تحت «راية» الدين. واصبح حلم البعض أكبر، وخاصة من الحركات الدينية الأكثر راديكالية وتسليحا، في أن ترى هذه الدولة تشمل العالم اجمع بملياراته السبعة وبعشرات آلاف لغاته ودياناته واختلافاته! وتستمد هذه الحركات الراديكالية غالبية أفكارها الساذجة في السياسة والحكم من أوهام قال بها مجموعة من رجال الدين على مر العقود القليلة الماضية، حاولوا فيها خلق وهم سياسي «متكامل» صالح للتطبيق على البشر أجمعين، وهذا لا شك سراب لا يخلو من الشطط، ويستحيل تطبيقه لا اليوم ولا بعد مليون يوم، وبالتالي ما سينتج عن كل هذه المحاولات البائسة في فرض منهج ديني محدد على الجميع، بالقوة غالبا، هو إراقة المزيد من الدماء والمزيد من الخسائر والمزيد من التخلف، وحركتا داعش والنصرة وتنظيمات الإخوان والقاعدة وذيولها ما هي إلا عناوين لمجموعات متخلفة تنطلق من أوهام العظمة والأفضلية على الغير، وشعور طاغ بأنهم على حق وغيرهم، كائنا من كانوا، على باطل، ويجب «سوقهم» للرشاد، فإن امتنعوا فالقول الفصل للسيف، غير مدركين انه، عبر التاريخ، لم تتمكن أي قوة عظمى من فرض رؤاها وأفكارها على الغير، إلا في أضيق الحدود.
فقد فشلت الإمبراطوريات الفارسية واليونانية والرومانية والعثمانية، والدول الاستعمارية الحديثة كفرنسا وبريطانيا، وتاليا الإمبرياليتان السوفيتية والأميركية، فشلت جميعها، بكل ما توافر لها، ولا يزال يتوافر للبعض منها، من أساليب القوة والبطش من فرض رؤاها ومعتقداتها، أو حتى لغاتها إلا على مساحات وأقليات محدودة، مقارنة بحجم الأرض وسكانها، وكل ما حققته لم يساو يوما ما بذل في سبيله من أرواح وأموال!
فإذا كان هذا كل ما استطاعت مختلف الامبراطوريات العظيمة أن تحققه، فما الذي بإمكان مجموعات مسلحة شديدة التخلف والسذاجة، لا يزيد عدد أي فصيل فيها على بضعة آلاف، أن تفعله أمام كل هذا التقدم التكنولوجي والتعقيد العسكري الذي بحوزة أعدائها، الذين بإمكانهم إفناء أمم، من خلال الضغط على بضعة أزرار في جهاز تحكم عن بعد من غرفة تقع في سرداب مجهول من قاعدة عسكرية صحراوية لا يعلم أحد خارجها أين تقع.
إن القوة والعزة ليستا في فرض مفاهيمنا الدينية على الغير، عنوة أو بغير ذلك، بل بما يمكننا تحقيقه من تقدم اقتصادي وصحي واجتماعي واخلاقي لأنفسنا ولمئات الملايين من الشعوب الإسلامية، التي تشكو من كل مرض وكل ما يجلبه الفقر والتخلف من تبعات. فأميركا لم تحتل يوما أي دولة، وتبقى فيها كقوة مستعمرة لعقود وعقود، كما فعلت فرنسا وبريطانيا مثلا، ولكنها استطاعت بازدهارها الاقتصادي وتقدمها العلمي وحرياتها السياسية ومثلها العليا أن تنجح في ما فشلت في تحقيقه جيوش أقوى الدول المستعمرة، وفرضت ثقافتها وأسلوب حياتها على العالم من دون أن ترسل جنديا واحدا، أو تطلق رصاصة. فحكم العالم اليوم لا يتم عنوة، بل بالعلم والتقدم، فهل تعرف هذه الحركات شيئا عن العلم؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

حضارات سادت ثم بادت

سنة الله في الارض ان الحضارات اذا سادت بادت، و«تلك الايام نداولها بين الناس»، وانه لكل شيء اذا ما تم نقصان، هذه هي الحياة، واليوم نعيش بوضوح زوال الكثير من الانظمة، بعد ان سادت عقوداً طويلة، لم يذكر الناس منها الا الظلم والقهر وحياة السجون والزج بالمعتقلات وتعليق المشانق! وقد أثبتت الايام ان العدل اساس الحكم، ومتى ما زال العدل زال الحكم! وان طالت لياليه السود!

النظام الطائفي في العراق جاء بعد زوال حكم طاغية حول ارض العراق الى مقابر جماعية، ثم جاء حكم الاحتلال الاجنبي الذي ازاح كابوس الحكم البائد، لكنه لم يعرف كيف يكسب تأييد الشعب، لانه كان احتلالاً عسكرياً! ثم جاء الحكم الطائفي الذي لم يكتف بتقسيم العراق الى طوائف وكانتونات، بل اراد ان يقصي اكبر هذه الطوائف ليس من اجل عيون طائفته، بل ربما من اجل زمرة تحكم دولة اخرى اعماها الطمع والجشع عن تطبيق ميزان العدل في سياستها الداخلية الخارجية! متابعة قراءة حضارات سادت ثم بادت

احمد الصراف

مطالبات رجب

يتبين من واقع تقارير المنظمات وهيئات المراقبة العالمية أن الأوضاع في البحرين لا تزال مضطربة، ولن تعود قريبا لسابق عهدها من الهدوء والمحبة والتآلف، وبالتالي فإن السلطات فيها مطالبة بعمل الكثير من أجل تحقيق الحد الأدنى، على الأقل، من العدالة الاجتماعية والسياسية، ومحاسبة كل من تسبب في هذا الخراب والقتل والدمار.
ولا شك أن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصياتها لا تزال تشكو من عدم التنفيذ والتفعيل، وربما جاء خبر إطلاق سراح المناضل البحريني، وداعية حقوق الإنسان نبيل رجب من سجنه، نقطة صغيرة في بحر من القرارات المعطلة التي تتطلب التنفيذ السريع. ومن المؤسف ألا تجد مطالبات كل الجهات الصديقة والمحبة للبحرين للسلطة فيها بالتخفيف من الأحكام القضائية وإطلاق سراح المعتقلين، لا تجد حتى الآن آذانا صاغية.
وفي هذا السياق، طالب الناشط رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان ونائب الأمين العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، طالب حكومة بلاده، عقب إطلاق سراحه، بالحوار الجاد مع المعارضة لانهاء الأزمة السياسية في البلاد. وهذا مؤشر على أن إطلاق سراحه بعد قضائه حكما بالسجن عامين، لم يفت من عضده وتصميمه على مواصلة النضال.
وقال رجب ان أغلب السلطات لم تكن جادة في اجراء اصلاحات أو اجراء حوار ذي معنى مع المعارضة. وانها تحاول فقط كسب الوقت، مع إصرارها على الاحتفاظ بكل مقاليد الأمور في يدها من دون محاولة للوصول لحل للأزمة السياسية المتفاقمة، التي طال أمدها، خاصة بعد تعليق المحادثات بينها وبين المعارضة.
وقال ان الاوضاع أصبحت أسوأ مما كانت عليه عندما دخل إلى السجن، مشيرا إلى القانون الجديد الذي يجرم استخدام الانترنت في انتقاد الحكومة وارتفاع وتيرة العنف في البلاد. وأن القوانين التي صدرت اثناء وجوده في السجن ابرمت لتعطي حصانة أكبر للحكومة، وحصانة أكثر للجيش والشرطة من الانتقاد. وتعهد رجب بمواصلة الدفاع عن حقوق الانسان البحريني رغم كل القيود التي تفرضها السلطات على مثل هذه الأنشطة، وأشار إلى أن الحل لوقف العنف يتمثل في عدم منع التظاهرات السلمية ووقف كل الاجراءات التي من شأنها أن تقيد الحريات.
ومن واقع محبتنا للبحرين وشعبها نضم صوتنا لصوت كل الأحرار، ونطالب الحكومة بفعل شيء لحلحلة الوضع.

أحمد الصراف