مبارك الدويلة

قلوب بلا رحمة

ابتداء نتمنى أن تكون زيارة سمو أمير البلاد – حفظه الله – إلى إيران قد تكللت بالنجاح كما كان يرجو سموه، وكما كان يتمنى معظم سكان الكويت والخليج الذين يسعون إلى رؤية خليج آمن ومستقر وخالٍ من خلايا التجسس ونوايا تصدير الثورات.

أقول: أتمنى ونتمنى، لأنني أظن أن «بو طبيع ما يخلي طبعه»، لكن السياسة لها مستلزماتها، وظروف المنطقة لها أحكامها. وهذه الزيارة الميمونة ذكّرتني بسياسة الرئيس المصري (السابق) محمد مرسي عندما قرر فتح صفحة حذرة وإنهاء القطيعة السياسية مع إيران، وكيف تم انتقاده من الطارئين على العمل السياسي، الذين رأوا في هذا الانفتاح الشكلي تشييعاً كاملاً للشعب المصري، مع أنه هو من ترضّى على الشيخين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في طهران، وغفل هؤلاء أن السياسة أحياناً قد تستلزم انفتاحاً كلياً على إيران وتوقيع اتفاقيات وبروتوكولات.. هكذا هي السياسة التي يجهلها هؤلاء، صحيح أن تقارب دول الخليج مع إيران يزعج الكيان الصهيوني، لكن كما قال النائب الفاضل عبدالرحمن الجيران «هذا شأنهم ولا يعنينا»! نسأل الله الرشد والرشاد. متابعة قراءة قلوب بلا رحمة

محمد الوشيحي

قلمات

التخلف الأجمل على الإطلاق هو أن يكون؛ الزوج مسؤولاً عن زوجته، والعاشق مسؤولاً عن معشوقته، والابن مسؤولاً عن أمه، والأخ مسؤولاً عن أخته، ووو، وهلمّ تخلفاً جميلاً. لا تسلني عن المساواة بين الجنسين في المسؤولية. لا مساواة بينهما بحسب مبادئي وقناعاتي، مهما كانت ثروة الأم أو الزوجة أو العشيقة أو البنت أو الأخت، ومهما كانت شخصياتهن. متابعة قراءة قلمات

احمد الصراف

الاحتفاظ بالكيكة وتناولها

يقول المثل الإنكليزي You cant have the cake and eat it! أي، ليس بالامكان الاحتفاظ بالكيكة وتناولها، في الوقت نفسه!
هناك دول متحضرة، وأخرى غير ذلك. وهناك شعوب، أو مجموعة ضمنها، متحضرة، وهناك ما هي غير ذلك، أو عكس ذلك. فاستراليا مجتمع متحضر، ولكن أقلية الأبوريجينز مثلا ترفض كل اشكال الحياة العصرية، بتطرفها وتحضرها، واختارت أسلوب حياتها. وبالتالي ليس هناك عقائد دينية متحضرة وأخرى غير ذلك، فليس هناك حضارة يهودية أو بوذية أو هندوسية، بل هي عقائد، متعددة المصدر، وجدت من أجل وضع نظام حياة معين لمجموعة من البشر، وبالتالي هي لا علاقة لها ببناء الحجر أو تطوير الثقافة أو زيادة الإبداع وتشجيع الاكتشاف وتطوير الاختراع. ولكن مع هذا يطيب للبعض الادعاء بالقول ان هناك حضارة إسلامية، وهذا حلم أو تمن تدحضه الوقائع، والأفضل القول انه «كانت» هناك حضارة «دار إسلامية»، كما كان المفكر الكويتي الراحل أحمد البغدادي يميل للقول. والدليل أنه في أوج وصول الإسلام لمنجزاته الفكرية والعلمية، كان الدين نفسه منتشرا في مناطق شاسعة، ولا يزال، ولكن علامات الحضارة، أو منجزاتها لم تظهر إلا في مناطق محددة، كبغداد العباسيين، وإلى حد ما أندلس الأمويين، ولأسباب وظروف معينة، ولم تشمل المكان الذي كان أساسا حاضنة الإسلام، كدين وعقيدة.
ويقول المفكر المصري سيد محمود القمني انه إذا كان المقصود بالحضارة الإسلامية كوكبة العلماء الذين ظهروا في القرنين الثالث والرابع الهجريين، فإنهم لم يكن بينهم عرب غير الكندي، وكان فيلسوفا متواضع القدر. ولم يكن ظهور تلك الكوكبة بسبب الدين أو علاقة إقامته لحضارة، وإلا كان من الضروري أن يظهروا مع ظهوره، لا أن يظهروا في زمن بعينه، ثم يختفوا باختفائه! فما أنتج تلك الكوكبة من العلماء هي ظروف ذلك الزمن بالتحديد، وهي التي انتجتهم، وليس العقيدة ولا العرق ولا تقاليد العرب. فقد كان الزمن زمن انفتاح حضاري على حضارات العالم القديم بالترجمة والنسخ والإضافة. زمن ذهبي لإمبراطورية قوية لا تخشى على نفسها من الأجنبي، فتحت بلاطها للمستنيرين فجعلوه مكانا «حرا» للعلم بصنوفه، والشعر والموسيقى والأدب، وهذه البيئة المنفتحة هي التي انتجت، ولكن كل ذلك انتهى وذهب علماؤه عندما اغلقت أبواب الحرية، وبقي الدين قبلها واثناءها وبعدها، رغم كل عيوب الانفتاح والفجور.
ويبدو أن البعض في دولنا يحاول الاحتفاظ بالكيكة وتناولها في الوقت نفسه، وهذا لا يمكن أن ينجح. أما الذين لا يحاولون اصلا القيام بأي شيء، وهم الأغلبية، فمآلهم الفناء.

أحمد الصراف

احمد الصراف

جائزة سموه وجائزتنا

يعتبر سمو الشيخ ناصر المحمد، (74 سنة في ديسمبر المقبل)، من بين الأفضل تعليماً من أبناء الأسرة الكريمة، فقد درس في الكويت وأكمل في بريطانيا، وحصل على دبلوم لغة فرنسية، ونال بكالوريوس السياسة والاقتصاد من جنيف. كما راكم خلال مسيرته خبرات دبلوماسية وإدارية ووزارية متعددة، قبل أن يكلف في بداية 2006 بتشكيل الوزارة. ثم كلف بتشكيل وزارة ثانية في يوليو، وثالثة في مارس 2007 ورابعة في مايو 2008، وخامسة في يناير 2011، وسادسة في مايو، وبعدها بسنة شكّل آخر وزارة قبل أن يستقيل نهائياً! خلال تلك الوزارات تعاقب على حقيبة وزارة التعليم في وزاراته وزراء عدة. وفي الكلمة التي ألقاها سموه في حفل منحه وساماً رفيعاً من جامعة بولونيا، ومن منطلق اعتزازه بوطنه، قال إن الكويت تنفق على التعليم والبحث العلمي %14 من ميزانيتها، وإن تلك النسبة قليلة و«يسعى» إلى زيادتها! ولا أدري ما الذي منع سموه من ذلك خلال فترة هيمنته على كل أمور الحكومة والدولة، ولكن هذه قضية أخرى. ما لم يعرفه أغلبية من استمع إلى كلمة سموه أن ما يصرف على التعليم في الكويت، بالرغم من ضخامته، فإنه لا يعني شيئاً في نهاية الأمر، فأغلبيته يذهب رواتب إلى جيش متعب من المعلمين الذي يفتقد معظمهم أبسط مهارات التعليم في ظل مناهج متخلفة ومترهلة، والشاهد واضح في المخرجات! وبالتالي، فليس مهماً ما يصرف على التعليم، بل أين يصرف وكيف؟ كانت فنلندا، طوال تاريخها، دولة زراعية أوروبية منسية. ولكن اكتشف قادتها قبل 40 عاماً فقط أن مستقبل العالم يكمن في التكنولوجيا، وأن المستقبل يكمن في التحضير لها، وهذا لا يمكن تحقيقه بغير تغيير نمط التعليم. وهكذا قامت بتغيير سياسة التعليم، ورفع شأن المعلم، اجتماعياً ومادياً، ليساوي الطبيب والمحامي، وأصبح المدرسون من ذكور وإناث «يختارون» من العشرة المئة الأفضل من خريجي الجامعات، وفرضت عليهم جميعاً الحصول على درجة الماجستير. وحسّنت مناخ التعليم ووسعت الصفوف، ووضعت في كل فصل ثلاثة مدرسين، وخلال جيل نجحت في خلق شعب متعلم، يتحدث كل فرد فيه لغتين عالميتين على الأقل غير لغته، وأصبح الطالب الفنلندي الأول عالمياً في الرياضيات والعلوم، وتحوّلت فنلندا بفضل مخرجات النظام التعليمي الجديد إلى دولة تكنولوجية من الدرجة الأولى!
في الكويت، علمنا قبل 75 عاماً أننا سنكون دولة نفطية، وحتى اليوم لا يوجد لدينا معهد بترول يستحق الإشادة به، ولا ما يكفي من مهندسين، وحتى فنيون، لإدارة هذا القطاع الذي نعتمد عليه بنسبة %93 في معيشتنا. أما أوضاع مدارسنا، التي قام الوزير المليفي، قبل استقالته، بإلغاء كل المواد العلمية من مناهج مراحلها الابتدائية واستبدلها بمواد دينية، فحدث ولا حرج. فأغلبية مبانيها متهالكة، وصفوفها مكتظة، وتفتقد كل وسائل الترفيه والراحة، وأغلبية مرافقها ليست بالمستوى المطلوب. وبالتالي، ما كان يجب الاعتزاز بما يصرف على التعليم بل بمخرجاته، وهذه معيبة وتفشل.

• ملاحظة:
نبارك للدكتور هلال الساير اختياره رئيساً للهلال الأحمر. ونهنئ الدكتور إبراهيم الرشدان على فوز اختراعه باعتراف الاتحاد الأوروبي.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الراقص باسم يوسف

كم تبلغ مساحة الوطن العربي؟ 14 مليون كيلو متر مربع؟ لا. 14 مليون “كلبشة”، 14 مليون قضية، 14 مليون حظر ومنع وخنق وكبت وتوقيف واتهام. هذه هي مساحة الوطن العربي الحقيقية. متابعة قراءة الراقص باسم يوسف

سامي النصف

السيسي رئيس لكل المصريين!

لم يعد الرئيس عبدالفتاح السيسي طرفا في النزاعات السياسية القائمة في مصر أو مع فريق ضد آخر، بل اصبح رئيسا وأبا لكل المصريين بما في ذلك معارضوه من الاخوان وغيرهم، وعلى الفريق الرئاسي للمشير والحال كذلك مع التوجهات المعارضة التعامل مع الأوضاع السياسية على هذا الأساس، خاصة انه لم يشكل حزبا أو تنظيما خاصا به حتى تبرر المعارضة عملها ضده بأنه موجه لحزبه المنافس لها.

***

ان حب مصر والحفاظ على كينونتها ووحدتها أمام تحديات عظام قادمة ومنها القضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية واشكالات الظلام والعطش القادمين سريعا بدايات عام 2016 مع بدء عمل سد النهضة، ومتطلبات واستحقاقات معادلة «ربح ـ ربح» الحكيمة اي ربح الرئاسة وربح المعارضة وعلى رأسها الاخوان والبعد عن معادلة «خسارة ـ خسارة» يفرضان القبول بالمصالحة كخيار استراتيجي ونسيان الماضي والبعد عن العند والعنف والانتقام والمناكفة، ونبذ مبدأ «الغالب والمغلوب»، لذا فعلى الخيرين في دولنا الخليجية والعربية والإسلامية مسؤولية التحرك السريع وغير المعلن لحل الاشكالات في مصر اليوم قبل الغد كي تعود لدورها الفاعل في المنطقة.

***

ونرجو من القيادة الحكيمة القائمة في مصر وفي ظل العلاقات المتنامية لها مع الدول الخليجية ألا تكتفي بالدعم والتعاون الاقتصاديين بل الاستفادة من بعض التجارب الخليجية المتقدمة في مجالات الادارة الحكومية والشفافية والسياحة والفندقة والتعليم والصحة والطيران والاعلام.. الخ حيث وصلت الدول الخليجية لارقى المستويات العالمية في تلك المجالات وقد استفادت دول الخليج في الماضي من تقدم وازدهار مصر قبل ان تضربها القوانين الاشتراكية ولا ضير من الاستفادة المعاكسة هذه الايام.

***

آخر محطة: (1) ان كانت مرجعية بعض المطالبات السياسية هي عودة الشرعية المنتخبة والدستورية فالواجب طبقا لذلك اعادة الرئيس الدستوري والشرعي المنتخب حسني مبارك للحكم لما تبقى من فترة رئاسته حيث انتخب عام 2005 في انتخابات لم يعترض على نتائجها أحد في العالم، او حتى في الداخل حيث شاركت المعارضة في المجلس النيابي في عهده ومعروف ان المظاهرات لا تسقط القيادات في أميركا وأوروبا.. الخ.

(2) وان كانت المرجعية في تلك المطالب السياسية هي الشرعية الثورية وحشد الملايين في الميادين لوجب الاعتراف بعهدي الرئيسين عدلي منصور وبعده عبدالفتاح السيسي فقد فاقت اعداد المحتشدين في يونيو 2013 بكثير اعداد المحتشدين في يناير 2012، كما فاق عدد ناخبيه في 2014 اضعاف من سبقه من المرشحين «السيسي 23 مليونا، مرسي 13 مليونا، شفيق 12 مليونا وحسني مبارك 6 ملايين في انتخابات 2005».

احمد الصراف

دولة الظواهر عند الظواهري

لم تحتل مسألة محور اهتمام البشر، منذ أن وجدوا على الأرض، وحتى زوالهم لسبب أو لآخر، كمسألة من يحكمهم وبأية طريقة. فالفرد بطبيعته يعشق الحرية ويهيم بالانطلاق، ويضيق بالقواعد ويكره القيد، وبالتالي فرضت الدول «العاقلة» السجن كأقسى وأقصى عقاب يمكن أن يُفرض على أي مذنب، فإخضاع الإنسان لنظام معيشة مقيد، وطعام محدد، وساعات نوم ويقظة معينة يشبه، بطبيعته نظام الحكم، أي حكم كان، فهو لا يختلف كثيرا عن حجز الحرية الفردية، فالحكم يفرض نمط معيشة قد لا يتفق مع أهواء ومصالح البعض، وبالتالي كان لا بد أن يتطور الفكر البشري ليجد مخرجا لهذا القيد، وهذا ما خرج به الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو عندما وصف ورسخ مفهوم العلاقة بين الحاكم والمحكوم بالعقد الاجتماعي، والذي فيه صلاح الفرد والحكومة، وأن أي تقييد لحرية الفرد هو في النهاية لمصلحة الفرد نفسه، ومن ثم المجتمع. فالدولة تضع حدا لحرية الفرد في أخذ مال غيره مثلا، ليس فقط لحماية صاحب المال، ولكن أيضا لضمان أن شخصا آخر، أكثر قوة، لن يأخذه ثانية ممن سبق أن سلبه من غيره، وليأتي رابع ويأخذه من الأخير، وهكذا. وبالتالي أصبحت طريقة الحكم وأسلوب إدارة الدولة محور اهتمام المفكرين لقرون، ولا تزال، بالرغم من الاستقرار على أن طريقة الحكم الديموقراطي، مع كل سيئاتها، هي الأفضل.
وعليه، فإن من ينادي بتشكيل دولة دينية تطبق فيها الشريعة لا يعرف حقيقة ما يقول، أو أن له مصلحة شخصية فيما يقول. فمن لهم حق الحكم هم البشر على الأرض، وليس الحكم من وراء الغيب. فالقول إن الحكم لله قد يكون كلاما مقبولا لدى البعض، ولكن من الذي له حق تفسير كلام الله، واعتبار تفسيره هو الوحيد الصالح والصحيح؟ ومن له حق تحديد شكل الحكم أو من يكون الحاكم؟ وكيف يتم اختيار من سيأتي بعده؟ هنا يبدأ الاختلاف، وتخرج السيوف من أغمادها، والمسدسات من جراباتها والرشاشات من مخابئها لتفصل في الأمر لمصلحة الطرف الأقوى، وليس الطرف الأكثر صلاحية.
ونرى أن التمعّن في مثل هذا الكلام كفيل بكشف زيف المتسترين بالدين، الذين لا يهدفون لغير تنصيب أنفسهم أو «أمرائهم» حكاما مطلقي الأيدي. فلو نجحت القاعدة في حكم أي بلد لما اختارت غير الظواهري رئيسا، أو من يقوم الظواهري بتعيينه! ولن يهتم أحد طبعا بقضية من سيأتي للحكم بعدها، وكيف؟ كما أن الدولة الدينية، التي تفتقر، بحكم طبيعتها، إلى العقد الاجتماعي، وهو هنا الدستور، يمكن أن تنسف، من خلال فتوى مثلا، ليعود كل شيء للمربع الأول، أو يحكم السيف، أو الرشاش، مرة ثانية!
ينقل عن الكاتب المصري نهرو عبدالصبور طنطاوي قوله: عندما كنا مسجونين في «طرة»، وكان يسمى «سجن مجمع الأديان»، لتعدد خلفيات نزلائه الدينية، كنا نشارك المساجين الآخرين في النقاش الديني، وكانت النقاشات تنتهي غالبا باستخدام المواسير والقطع الخشبية بدلا من المنطق. ويقول إنهم في إحدى المرات صلّوا المغرب جماعة، ثم بدأ النقاش، ولم يحن موعد صلاة العشاء حتى كان كل طرف قد كفّر الآخر، وصلّوا منفردين!

أحمد الصراف