مبارك الدويلة

كفى كذباً أيها الليبرال

عندما يكذب البعض ـــ حاشاكم ـــ فإن الامر لا يبدو غريباً أو استثنائياً، فهذه أخلاقه التي تربى عليها. لكن عندما تأتي الكذبة ممن يدعي الثقافة ويفتخر دائماً بليبراليته وتوجهه العلماني، فهنا يجب أن نتوقف قليلاً!

لقد هزت نتائج ثورات الربيع العربي والموقف منها مصداقية العلمانيين في جميع بقاع الأرض، حيث سقطت ورقة التوت التي كانت تستر عورة هذا الفكر المتخلف، فانكشف المستور، وظهرت للعيان حقيقة مدى إيمان العلمانيين بالمفاهيم الديموقراطية ومستلزمات الحريات العامة، عندما أيدوا الانقلابات العسكرية على الأنظمة المنتخبة، وصمتوا عن عمليات القتل الجماعي وإحراق جثث المدنيين العزل، وتخلوا عن شعارات قامت من أجلها الثورة، مثل شعار «لا لا لحكم العسكر»، فأيدوا عودة العسكر إلى الحكم، وقبلوا بإجراء انتخابات من طرف واحد وفي غياب المعارضة عن الساحة السياسية، وهكذا تخلوا عن جميع مبادئ فكرهم وليبراليتهم من أجل خصومتهم مع التيار الإسلامي، مطبقين مبدأ الغاية تبرر التنازل عن المبادئ! متابعة قراءة كفى كذباً أيها الليبرال

محمد الوشيحي

قلمات

هدية بدينار واحد لطفل فقير، تعادل هدية بعشرة آلاف دينار لطفل ثري. هذه ليست موعظة بل حقيقة. كلتاهما تزرع ابتسامة على وجه طفل. بل قد تتحول ابتسامة الطفل الفقير إلى ضحكة مجلجلة، بينما يكتفي الطفل الثري بابتسامة، يتكرم بها على من أهدى إليه.
وفي سنوات مضت قرأت لكاتب مصري (مشكلتي الكبرى في القراءة هي ضعف الذاكرة وعدم التدوين)، أقول قرأت لكاتب مصري يتحدث بانبهار عن “المرحاض في بيت الباشا فلان”، أجلكم الله. يدّعي أن مرحاض حمام الباشا مزود بـ “شطّاف” موصول بمواسير المياه، “فلا يحتاج إلى جردل ماء كما نفعل”، والشهود فلان وعلان وعلنتان! يقول ذلك ويقسم على صدقه.
وكان يكفي هذا الكاتب أن تهدي إليه “مرحاضاً بشطاف” ليودع الدنيا الفانية بسكتة قلبية في الحال. ولو كان يعيش بيننا اليوم وأهدى إليه صديقه مرحاضاً بشطاف “لا يحتاج معه إلى جردل ماء”، لكسر رأس صديقه بالمرحاض. فأي هدية سخيفة هذه.
وكما كان صاحبنا مبهوراً بحمّام الباشا، كان جلساء أحد حكام الخليج الراحلين، وهو أيضاً، مبهورين بـ”كريم الشعر” الذي تلقاه هدية من أحد المسؤولين الإنكليز. وفي اليمن سابقاً كان الحاكم مبهوراً بالتلفزيون الذي تلقاه هدية من الإنكليز (تخيل، دولة تهدي إلى حاكم تلفزيوناً)، ولشدة حماسة هذا الحاكم اليمني، وأثناء اندماجه في مشاهدة فيلم “كاوبوي”، رأى الخيل مقبلة، فنهض واستل خنجره! واليوم لو قدمت بريطانيا طيارة لحاكم ما قبلها لتواضعها.
هي الظروف والحاجة. أقول هذا بعد أن شاهدت صور التبرعات لنازحي الثورة السورية، وفرحة الأطفال المهجرين بألعاب رخيصة، لو اشتريناها لأبنائنا لتبرأوا منا… هي الظروف والحاجة.
* * *
قانون هيئة الاتصالات الذي أقر أخيراً تنقصه بعض المواد كي يكتمل فنفرح به..
ينقصه أن ينضم في “كل مجموعة أصدقاء” في برنامج الواتساب واحد من مباحث أمن الدولة. وأنا مشترك في أربع مجموعات؛ مجموعة العائلة، ومجموعة الأصدقاء، ومجموعة محرري الجريدة، ومجموعة المتهمين في إحدى القضايا. وكلها مجموعات “وردية”، ورجل المباحث الذي يراقبها سيرجع البصر إليه خاسئاً وهو حسير، باستثناء المجموعة الرابعة “الحمراء”، حمانا الله وإياكم… و”سد بوزك، أنت في بلد ديمقراطي”.

حسن العيسى

لماذا نقول الشيوخ «أبخص»؟

حين سألني صاحب دكان "البنجر" القريب من مكتبي ما إذا كانت هناك طريقة للحفاظ على حقوقه في الدكان، فهو سوري والرخصة التجارية، التي لا يعترف القانون بغيرها، باسم كويتي، تذكرت، من جديد، أمراض الريع، فمثلاً صاحب الرخصة الكويتي يتقاضى مبلغاً شهرياً ثابتاً مقابل استعمال اسمه في رخصة "البنجر" أو بالأصح استغلال جنسيته الكويتية، فتذكرت ما كتبته شالروت ليفانز عن تلك الأمراض في بحث "بالإنكليزية" بعنوان "الدولة الريعية وبقاء الأنظمة الملكية المطلقة".
 وهنا أترجم من هذا البحث بعض الفقرات، إذ تقول ليفانز إن من مخاطر العقلية الريعية التي عمادها أن الثروة تخصص لصاحبها من غير عمل، أن صاحب الريع يتوهم أن دخله أبدي والزيادة عليه لن تقف عند حد، وبذلك تصيبه حالة من الجمود والرضا بالحال، والرغبة في الإبقاء على الوضع القائم دون تغيير، لغياب الحوافز، وتسيطر على روحه عقلية الخمول والتواكل، وتضيف الكاتبة عن نمط الإنتاج أن تقسيم العمل الأساسي قوامه التفرقة بين فريقين هما الأجانب والمواطنون، فالأجانب يملأون فراغ الأعمال التي لا يقوم بها المواطنون، وهي معظم المهن والأعمال الحرفية (كحال جارنا البنجرجي، فهي أعمال شاقة فيها تعب ومعاناة)، بينما تكون عوائد الريع للمواطنين كأرباب عمل، وفي تلك الدولة الريعية هناك فئة قليلة تقوم بالإنتاج، بينما تقوم بقية الفئات بتوزيع الريع واستهلاكه.
في تلك الدولة الريعية، التي لا توجد فيها ضرائب، يتم إلحاق المؤسسات الدينية والقبلية بجهاز الدولة التي يهيمن فيها الحكام على كل أمورها، وبتراث تلك الدولة التاريخي القبلي يتم تأسيس الولاءات السياسية للنظام عبر العطايا المادية والمنح النقدية، فمثلاً، في اليمن، الذي يغيب عنه ثروة النفط، يصبح من الصعب السيطرة على القبائل والطوائف لغياب "العطايا" التي يمكن أن يمنحها النظام لأمراء تلك القبائل.
في الدولة الريعية التي يسود فيها القطاع العام يصبح من الصعب التحول للديمقراطية (تعد الكويت استثناءً تاريخياً، طبعاً هذا الاستثناء تقلص كثيراً في السنوات الأخيرة)، فتلك الدولة لم تستوعب الثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
 وتتساءل الكاتبة ما إذا كان يمكن تفكيك النظام الريعي، وتجيب أن هذا صعب جداً مع هيمنة السلطة الحاكمة على مصدر الثروة الوحيد وهو النفط، لهذا (لم تقله الباحثة) يردد الكثيرون هنا دائماً أن الشيوخ أبخص، السبب طبعاً هو "الريع" لا "البخاصة" (يعني العلم والمعرفة).

احمد الصراف

ثلاثية إخوانية

1 – وضعت بضع حكومات – ومنها الحكومة المصرية – تنظيم «الإخوان المسلمين» ضمن لائحة الإرهاب، علما بأن مصر هي مركز الإخوان وحاضنتهم، ومقرهم الرئيسي! ولكن الصحيح أن من وضعها، كما يقول ثروت الخرباوي، القيادي الإخواني السابق والخبير بمؤامراتهم، هو حسن البنا، مؤسس التنظيم، والذي وصمه به. وجاء من بعده سيد قطب وأكده ونفذه، ثم جاء بعدهما محمد بديع ومحمد مرسي وخيرت الشاطر ومحمود عزت وغيرهم من قيادات الإرهاب الإخواني، وتوسعوا في استخدام العنف وسيلة لغاية. وبالتالي فإن دماء آلاف الضحايا الذين سقطوا برصاص الإخوان أو بغيرهم، برقبتهم. وكل العنف الذي بدر ولا يزال يبدر منهم في الأشهر الأخيرة، على الأقل، لا يمكن أن يصنفهم بغير الإرهاب. ويكفي النظر لشعار التنظيم، المتمثل بالمصحف والسيفين، مع كلمة «وأعدوا»، وهي بداية آية: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل «ترهبون» به عدو الله وعدوكم»، لنعرف أهداف مؤسس التنظيم ومن جاء بعده، فالرسم والنص يدعوان لذلك، وهذا من صلب الدعوة، وليس فيهما ما يمكن إخفاؤه أو التنكر له. فحسن البنا، وكل من جاء قبله ومن بعده، آمنوا بأن الإسلام لا ينتشر الا بالسيف، ولا يواجه خصومه إلا بالسيف، والأنكى أنهم اعتبروا الإخوان هم الممثلون الحقيقيون للإسلام، كما هو منطق بقية الجماعات الإسلامية، أو الدينية الأخرى.
2 – يقول صاحبهم، الذي طالما أصابنا بالغثيان، وهو يكرر تبرئة نفسه وحزبه من «وصمة» الانتماء للإخوان، ثم الإصرار المرة تلو الأخرى على تكرار دفاعه المستميت عنهم، والذي اعتقد يوما أن ذاكرة البشر ضعيفة، وأنهم سريعا ما سينسون ما قام به وشريكه المصري في الإيقاع بمجموعة كبيرة من المستثمرين، ودفعهم للاستثمار في مشروع عقاري تبين لاحقا أنه زراعي ولا فائدة ترجى منه، يقول في مقال له انه يتحدى البشر والحجر في أن يثبتوا أنه أثرى يوما أو «تربح» من المناقصات الحكومية! ولا أعتقد أن الأمر يحتاج لكل هذا الغضب والتحدي، فالأمور أكثر من واضحة، ولو كان هناك قانون يتعلق بـ «من اين لك هذا» لعرفنا دربنا له!
3 – قامت جمعية الإصلاح، الفرع المحلي للإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي، بتزيين مقرها في الروضة بطريقة تختلف كثيرا عن السنوات السابقة، وبشكل مثير للانتباه، وسبب هذا «العجاف» والتملق معروف طبعا. الغريب أن الجمعية تخلت هذا العام، ولأول مرة، عن المناداة بـ «دولية» الحركة، وأصبح «الوطن» لديها، وفجأة: أكثر أهمية.

أحمد الصراف