محمد الوشيحي

عباس الشعبي… قيس الكويت وأيقونة النقاء

العلّامة الذي سبق عصره وعصرنا الحالي، علي الوردي، يقول: “لا تُكثر الوعظ والنصائح، افعل وكن قدوة”. وعباس الشعبي، الشخصية الكويتية الشهيرة، فعلَ وكان القدوة. متابعة قراءة عباس الشعبي… قيس الكويت وأيقونة النقاء

سامي النصف

زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان

إحدى الاشكاليات التاريخية المزمنة القائمة على الأرض العربية هي قيام من لا يملك النفط بطلب قطعه عن الغرب، ومن لا يملك الحدود مع إسرائيل بطلب شن الحرب عليها حتى آخر جندي من جنود الدول المحيطة بها، تلك الإشكالية تمتد هذه الأيام لزيارة البطريرك بشارة الراعي المقبلة للقدس وقبلها الزوبعة التي أثيرت إبان زيارة مفتي الديار المصرية للقدس قبل عامين، فالمعترضون ليس منهم أحد من المقدسيين أو فلسطينيي الضفة بل أغلبهم من المترفين الجالسين على المقاهي البعيدة أو من الفلسطينيين المؤدلجين المسيسين الذين تفرض عليهم مثل تلك المواقف.

*** 

زرت القدس مرتين خلال الأعوام الماضية ضمن وفدين كويتيين، وفي المرتين كان دخول القدس خلسة ودون رضا السلطات الاسرائيلية وقد صلينا في مسجديها الأقصى والصخرة واستمعنا لشكوى أهلها من أن المقاطعة العربية والإسلامية والمسيحية هي مقاطعة لهم وليس للاسرائيليين ممن تمتلئ فنادقهم ومحلاتهم ومطاعمهم باليهود الزائرين من مختلف أنحاء العالم، وان استمرار المقاطعة هو إضعاف لهم ودفعهم لليأس.

*** 

ومن يعترض على زيارة القدس والضفة بحجة أنهما محتلتان ينس أن نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم زار وصحابته مكة بعد صلح الحديبية وكان يسيطر عليها الكفار، كما أننا لم نسمع قط بفتوى تحرم زيارة مصر «وكثير من الدول العربية والإسلامية» إبان احتلالها واستعمارها من قبل الانجليز والايطاليين والفرنسيين، وآخر تلك الدول العراق عندما احتلت من قبل أميركا، ولم تصدر فتوى مماثلة للتي اختصصنا بها اخوتنا في القدس والضفة، وقد استمعت من الرئيس محمود عباس المقولة «إن زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان».

*** 

وتقف حماس لأسباب سياسية ضد مبدأ زيارة القدس والضفة وقد سألني د.خالد مشعل إبان لقائنا به وحديثنا معه حول هذا الموضوع: هل كنتم ترضون إبان احتلال صدام لبلدكم زيارة سائحين ومستثمرين لكم؟ وكانت اجابتي هي نعم كبيرة فقد كانت اشكالية الشعب الكويتي إبان الاحتلال أن جميع الزائرين من سياسيين وإعلاميين وغيرهم كانوا يتوجهون لبغداد بدلا من زيارة الكويت ورؤية الجرائم والفظائع التي كانت ترتكبها قوات الاحتلال الصدامية.

*** 

آخر محطة: (1) لا يمكن دون زيارة الضفة والقدس أن تفهم بشكل صحيح القضية الفلسطينية واشكالية المستوطنات التي باتت تغير جغرافية وديموغرافية الوضع هناك، وكلما مر الزمن وزاد المستوطنون صعب اخراجهم.

(2) مما سمعته من المقدسيين اشكالية اسراهم الذين لا يوضعون ضمن عمليات تبادل الأسرى بين المنظمات الفلسطينية واللبنانية واسرائيل، كون اسرائيل تصنفهم على أنهم من رعاياها، وبالتالي لا يجوز تسليمهم لطرف آخر.

@salnesf

حسن العيسى

علتنا في هذا الريع

في برنامج الإصلاح السياسي للمعارضة هناك فقرتان أو ثلاث تتحدث عن الاقتصاد، تبدأ بعبارة "إن اقتصادنا وحيد الجانب يعتمد أساساً على النفط وتصديره، إذ تشكل إيراداته ما يفوق 90 في المئة من ميزانية الدولة. ونظراً لكون الإنفاق الحكومي هو المصدر الرئيسي وشبه الوحيد لجميع النشاطات الاقتصادية أصبحت التنمية مرهونة بما يطرأ على الصناعة النفطية من تطورات" وختمت الفقرات السابقة بجمل عامة عن العدالة الاجتماعية وتفاوت الدخول وتركيز الثروات في أيدي قلة.
مربط الفرس ومنبع الشرور في حاضر الدولة لا ينحصران في كون النفط المصدر الوحيد للثروة، وإنما بمن يهيمن ويسيطر على الثروة النفطية. ثم يوزعها على المجتمع. وتقرر المادة 28 من الدستور أن "الثروات الطبيعية ملك الدولة تقوم على حفظها واستغلالها"،  لكن هذه الدولة التي تمتلك الثروة الطبيعية تدار بصفة مطلقة من حزب الأسرة الحاكمة بمشاركة هامشية من البرلمان، حتى ولو كان هذا البرلمان يحيا في أيام مجده الخوالي. حزب الأسرة هو الحزب الوحيد المصرح له بالعمل السياسي وهو المحتكر للثورة الطبيعية ويقوم "بتوزيعها" وفق دوائر الإنفاق المعروفة سواء تحددت بالقطاع العام وتوابعه، أو الدوائر غير المعروفة المتمثلة بجماعات المقربين لدائرة الحزب ومن يمكن شراء ولاءاته السياسية.
العلة ليست هي النفط كمصدر وحيد، وإنما "الريع" الناتج من هذا النفط. هنا دخل الدولة لا يأتي من عمل وجهد إنسانيين كما هي حال الدولة المنتجة التي تكون القيمة المضافة هي وليدة الضريبة المفروضة، وإنما من "أجرة" مالك صاحب العمارة (الأسرة الحاكمة ووجهها الرسمي الحكومة) ليوزع دخلها على الأفراد، عندها، كما يقرر الباحث غيامو لوشياني في بحث "النفط والاقتصاد السياسي في العلاقات الدولية لدول الشرق الأوسط" أن الدولة هنا منفصلة عن المجتمع، فليست بحاجة له لتستوفي الضريبة من الأفراد كمصدر دخل، في حالة الدولة الريعية التي يقوم نظامها السياسي على المناسبة التاريخية متمثلاً في النظام الأبوي (البطركي) القبلي وتحالفاته لا تعمل قواعد "لا ضريبة بدون تمثيل سياسي، كشعار قديم للثورة الأميركية، وبالتالي الدولة الريعية الأبوية القبلية ليس من شأنها أن يمثل الشعب سياسياً ويشارك في الحكم لأنه لا يدفع ضريبة المساهمة في الدخل العام".
في هذه الدولة الريعية لا مكان لمبدأ سيادة حكم القانون والعدالة، وتعم  فيها ممارسة الرشا والمحسوبيات والواسطة، وتكون سلطة توزيع منافع الثروة كما يقررها الحزب العائلي الحاكم حسب مصالحه، في مثل هذا النظام يؤسس الفساد رسمياً، فلا يوجد طبقة رأسمالية، مثلما لاحظ الباحث الأستاذ بجامعة الخليج فهد الزميعي "أبو فهاد" في ورقة بحثية لجامعة إنكليزية، وإنما يوجد "نوفو ريتش" (حديثو الثراء) يمتلكون ثروات خيالية، فمن منكم يعرف هذا أو ذاك من ملاك المولات والعقارات والأطيان العملاقة قبل بضع سنوات، لا نعرفهم في ذلك الوقت، ولكن بقدرة قادر، أصبحوا من أصحاب المليارات، ونفتح أفواهنا استغراباً وليس حسداً على ثرواتهم الفلكية، كيف جمعوا هذه المليارات، لم يؤسسوا "مايكروسوف" مثل بيل غيتس، ولم يقف أحدهم  أمام شاشة التلفزيون يشرح  عمل الـ"آيباد" مثل الراحل ستيف جوبز. ثرواتهم ناتجة من الفساد الريعي، ومن طبيعة وجودهم ودورانهم في فلك مراكز  القرار، التي هي منطقة الجذب المالي، والطاردة للغير، أي غير المحسوبين عليه. في تلك الدولة الريعية تقبر مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات نفع عام وغيرها ويتم إلحاقها بمؤسسة الحكم عبر العطايا والمنح المالية، فلا مؤسسات تتوسط بين السلطة والحكم، وتكاد "الديوانية" هي المظهر الوحيد لما تبقى من المجتمع المدني كما قرر الأستاذ الزميعي، الذي يؤكد أن الضحايا الحتميين للإنفاق الريعي ليسوا هم دافعي الضرائب، بل الأجيال القادمة الذين ترك مصيرهم للمجهول بسبب هذا التخبط والفوضى  والفساد الريعي. ماذا تركنا لهم… لا شيء غير أنه تم رهن أمرهم للقدر، أليس من حقنا أن نقلق على هؤلاء الأطفال المساكين ضحايا الغد؟ لنتفق أن علتنا اسمها الريع، فهو الفساد الأكبر.                                                          

احمد الصراف

سنغافورة والخصوصية والزبالة

“>تبلغ مساحة سنغافورة 710 كلم2، أكرر 710 كلم2 فقط، ومع هذا يبلغ ناتجها القومي 330 مليار دولار، وهذا يجعل دخل الفرد فيها الأعلى في العالم، واكبر من دخل الفرد في الكويت، التي تبلغ مساحتها 25 ضعف سنغافورة، وتحقق دخلا قدره 270 مليار دولار من مورد طبيعي سهل لم تكتشفه ولم تستخرجه، ولا تعرف حتى كيف تستفيد من عوائده بطريقة حكيمة.
سكان سنغافورة ينقسمون إلى ثلاث اقليات أكبرها الصينية، ولغتهم المندرين، وهم بوذيون، والمسلمون الماليز، ويتحدثون بها، والتاميل، ويدينون بالهندوسية، وتجمعهم جميعا اللغة الإنكليزية، إضافة الى لغاتهم. وليس لسنغافورة أية موارد طبيعية وتشكو من ندرة كل شيء وارضها بالكاد تكفي لإيواء سكانها البالغ عددهم 3.5 ملايين، ومع هذا تتمتع بأرفع مستوى معيشة وباقتصاد قوي وصناعة راسخة ووضع تجاري وملاحي مريح ومربح، وتعتبر الدولة الأنظف في العالم والأندر في الفساد الإداري، والسر وراء كل ذلك إيمان مؤسسها العظيم لي كوان يو، الذي سبق ان سعدت بلقائه وقراءة مذكراته، بالتعليم المميز الذي يمكن أن يخلق شعبا قادرا على تحقيق المستحيل، وهذا بالفعل ما حدث، حيث تعتبر سنغافورة اليوم رائدة في التعليم، خاصة في العلوم الحديثة والرياضيات. وقد قامت الكويت، كما فعلت عشرات الدول الأخرى، والمتقدمة في غالبيتها، بالاستعانة بالخبرات السنغافورية، واستقدمنا فريقا من خبراء التعليم قبل فترة لدراسة الوضع لدينا، وخرج الفريق بمجموعة توصيات تتعلق بضرورة تغيير محتويات المناهج بصورة جذرية، وبشكل جاد. وإعطاء التكنولوجيا دورا أكبر، كأداة ومادة، في النظام التعليمي. والتركيز على تدريس الإنكليزية كلغة ثانية إلى جانب اللغة الأم، والتخلي عن نظام تقييم المعلمين الحالي الذي يمنح الجميع تقريبا درجة الامتياز، عشوائيا. ولكن ما إن اطلع وزير التربية (والتعليم) الكويتي الهمام على هذه التوصيات حتى رفض حتى مجرد التفكير في دراسة إمكانية تطبيقها، مؤكدا أن الدراسات والأهداف يجب أن تنطلق من متخصصين من اهل الكويت لأنهم أدرى بخصوصية المجتمع الكويتي!
وهنا يثير رفض الوزير عدة تساؤلات: إذا كانت للكويت خصوصيتها، وفيها متخصصون من اهلها أعلم من غيرهم بها، فلم لم تتم الاستعانة بهم؟ وأين هم؟ ولماذا لا نطبق الأمر ذاته على الطب مثلا، على قاعدة خصوصية المجتمع الكويتي نفسها ومعرفة أهلها بتلك الخصوصية، ونتوقف عن الاستعانة بالأطباء غير الكويتيين، أو استخدام الأدوية والأجهزة الطبية الغربية واليابانية وحتى الصينية؟
وإذا كانت هذه الخصوصية هي التي تقف في طريق أن نصبح سنغافورة، فلم لا نرميها في سلال الزبالة، أو تحتها، كما اعتدنا؟!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com