محمد الوشيحي

رأي وضحة

في انتخابات إحدى الجمعيات التعاونية، اصطحب الأب ابنه المرشح للمرور على ديوانيات المنطقة، وتحديدا ديوانيات أبناء عمومته. ولصغر سن المرشح، كان الأب هو المتحدث الرسمي عن برنامج ابنه: «أخوكم الجالس بجواري أرهقته الديون، ولا يريد سوى النجاح ولمرة واحدة في الجمعية، وأنا الضامن لكم بعد ترشيحه مرة أخرى، فقط امنحوه الفرصة هذه المرة ليسدد ديونه ويتزوج». هكذا من الآخر. خير الكلام ما قل ودل… ولو أخذنا صورتين لرئيس جمعية تعاونية، «قبل وبعد» حصوله على الرئاسة، لضحكنا وبكينا.
وكنت قد سئلت فأجبت بأن أفضل المشاريع التجارية وبالترتيب هي: نائب في البرلمان، فمدير عام هيئة مستقلة، فوكيل وزارة، فكاتب عمود صحافي مؤثر، فتاجر، فرئيس جمعية خيرية، فرئيس جمعية تعاونية، وأخيرا، منصب وزير «الله يعطينا ويعطيه».
وزارة الشؤون، وبضغط من الكبار، لم تشارك في عضوية لجنة تحديد الأسعار في اتحاد الجمعيات التعاونية كي تراقب تحديد الأسعار عن قرب، بل ألغت اللجنة من الأساس، ودفعت ديتها، وسمحت للتجار بالتفاهم مع كل جمعية على حدة، خلف سور المدرسة. ولو كانت لا تزال تعيش بيننا وضحة بنت فهد المنصوري (جدتي من ناحية الأم، التي ماتت منذ سنوات رحمة الله عليها قبل أن تحصل على الماجستير في إدارة الأعمال، وقبل أن تقرأ وتكتب أيضا) وسألناها عن قرار وزارة الشؤون هذا لأجابت ومن دون تردد: «مبروك، سيتزوج رؤساء الجمعيات التعاونية، وسيسددون ديونهم قبل الوقت المتوقع، وستحلق أسعار السلع فوق المدارات، هناك بجانب النسور. وإن لم تقاطعوا هذه السلع المبالغ في أسعارها «بتروحون ملح»، أي ستذهبون ملحا»… الملح أيضا ارتفع سعره يا طيبة القلب.
في الأشهر القليلة الماضية، تعرض الناس للمشكلة نفسها مع العقار الذي أصيب بمسّ من جنون العظمة، بعدما أقبل الناس عليه، هذا يقبل يده، وذاك يقبل كتفه، والثالث يلحس بطنه، والآخر يفتح له باب السيارة، الخ، الخ، الخ، فشعر العقار بما يشعر به البشر عندما يعاملون مثل هذه المعاملة، وانتفخ، وزاد انتفاخه بعدما دخلت الشركات على خط المنافسة، ودهست الناس بأقدامها أثناء الصراع بينها على تقبيل كتف العقار ويده، فارتفع سعر العقار وارتفع وارتفع، إلى أن عجز الناس عن لمسه بأياديهم المجردة، فتوقفوا عن الشراء، مكرها أخاك لا بطل، وأصبح العرض أكثر من الطلب، فتدخل مجلس الأمة قبل أن نموت «بثلث ساعة»، وجاء لنا بقانونين عقاريين استقبلناهما في المطار بالورود، وضممناهما على صدورنا، وقبلناهما ونحن نمسح دموع الفرح… ونتيجة لذلك، بدأت أسعار العقار بالانخفاض، وستنخفض أكثر كما يقول المهتمون في الأشهر الثلاثة المقبلة… فهل نستطيع التوقف عن شراء السلع المبالغ في أسعارها لثلاثة أشهر ليدفع بعض التجار ثمن جشعهم؟

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *