سامي النصف

«الفسيخ والشربات» في قضية مغنية

تمتاز الامم الحية والشعوب المتقدمة بقدرتها على تحويل «الفسيخ» او الشيء السيئ الى «شربات» حلو المذاق، ومن ذلك كيف حولت اميركا انهيارها الاقتصادي الكبير عام 1929 الى مشروع «الاتفاق الجديد» الذي جعل منها ورشة عمل، والحال كذلك مع المانيا واليابان اللتين احالتا دمارهما الى نهضة اقتصادية علمية غير مسبوقة، بالمقابل استطاعت الانظمة الثورية العربية والاسلامية في مسارها المعاكس ان تحيل دولا يفترض فيها ان تكون الاكثر انجازا وثراء وقدرة الى دول فقر وهزائم وبطالة ومجاعات.

ان بامكاننا ان نحول «فسيخ» التأبين الى «شربات» نشربه هذه الايام ونحن نحتفل بأعيادنا القومية عبر إحياء الروح الوطنية لدى شعبنا الكويتي من سنة وشيعة بعد ان فرقتنا الخلافات المستدامة والازمات السياسية المتلاحقة، وهو ما سيوقف استقطاب قوى التطرف والارهاب وقيادات المخيمات القتالية للشباب الكويتي من مختلف المذاهب.

كما استطاعت تلك الازمة ان تذكرنا بان الكويت هي الوطن النهائي للجميع، وان علينا رفض ولفظ اي ولاء آخر غير الولاء للكويت المعطاء التي تمتد حدودها من العبدلي شمالا حتى النويصيب جنوبا والتي عاب علينا احد الكتاب ذات مرة، في مقال معلن ومنشور! ان ولاءنا لها لا يزيد على تلك المساحة في وقت كان يفاخر بان ولاءه يمتد من مقاتلي قاعدة طالبان شرقا حتى مفجري السعودية جنوبا وقاطعي الرقاب في العراق شمالا الى انتحاريي فلسطين غربا، اي ان ذلك الزميل قد احال «شرباتنا» (ولاءنا الوطني) الى «فسيخ»، و«فسيخه» (ولاءه البديل) الى «شربات»، وكم هانت الوطنية والكويت معها آنذاك.

ومن «شربات» ما حدث الدور الريادي والقيادي الفاعل للمسؤولين في الدولة، فلا مهادنة ولا مجاملة لمن يريد تهديد امن البلاد وغرس بذرة الخلاف بين الكويتيين، كما اختفت هذه الايام الانقسامات المناطقية السيئة التي شهدناها في الفترة الاخيرة والتي نرجو الا تستبدل بأنواع اخرى من الانقسامات بين ابناء الوطن الواحد.

واحدى كبرى فوائد ما حصل تنبه الجميع الى ان هناك قوى خارجية لديها اجندات خفية غير معلنة تقصد من خلالها تحويل الكويت الى ساحة صراع اخرى لها – كحال العراق ولبنان وفلسطين – مع القوى الدولية تحت الرايات المدغدغة المعتادة، اي تحرير القدس ومحاربة اميركا واسرائيل.. الخ، واتت الازمة لتكشف بصورة جلية تلك المخططات الموجهة نحو بلدنا والا فلماذا تفردت الكويت دون غيرها من الدول باقامة ذلك التأبين؟!

آخر محطة:
حان الوقت لأن يسدل الستار وتطفأ الاضواء على تلك القضية تاركين المجال لرجال السلطات الثلاث للتعامل الحكيم معها بعيدا عن اضواء الابهار الاعلامي.