سامي النصف

وماذا عن الكبار؟!

لي صديق مخضرم يشغل مركزا مرموقا في الدولة وله آراء قيمة وحكيمة في كثير من قضايا الحياة اكتسبها من قراءاته المختلفة وعمله الدؤوب داخل وخارج الكويت، تحدثت قبل ايام مع الصديق العزيز وكانت له وجهة نظر تستحق الكتابة حولها.

يرى المتحدث انه من الطبيعي ان تهتم الدولة بالنشء الجديد والبراعم الشابة إلا ان عليها في الوقت ذاته ألا تهمل جناح الوطن الآخر اي المخضرمين من المتقاعدين او من باتوا قريبين من سن التقاعد بعد ان اكتسبوا من الخبرات الثرية المتراكمة ما لا يقدر بثمن عبر مسيرتهم الطويلة في العملين الحكومي والاهلي.

واول ما يلحظه الصديق هو عدم وجود برامج جادة للاستفادة من تلك الخبرات في حال رغبتها بالعمل في مجالات اخرى بعد التقاعد رغم ان الدولة تستورد الخبرات المختلفة من مشارق الارض ومغاربها وان كثيرا من تلك الخبرات قد تقاعدت في اوطانها، فلم الاستفادة – حسب قوله – من تلك الخبرات وعدم الاستفادة من متقاعدينا؟!

وهناك من يرغب بعد طول العطاء بالراحة ويلحظ الصديق كذلك عدم وجود برامج «طوعية» يمكن من خلالها استقطاع مبالغ اضافية ممن يرغب من المواطنين، على ان تمنح لهم بالمقابل مزايا تقاعدية عديدة وجديدة كأن يصبح لهم ضمان صحي خاص يوفر لهم العلاج بالخارج او في المراكز الطبية الراقية في الداخل!

كما يمكن لذلك الاستقطاع الاضافي ان يوفر خصومات معينة في الاندية الصحية كوسيلة لإطالة الاعمار والحفاظ على الصحة بدلا من ركون المتقاعد للدعة وقلة الحركة والاكتئاب والتعرض بالتالي للأمراض المختلفة، كما يمكن لجهة معينة ان ترتب لهم خصومات مع شركات الطيران والمنتجعات السياحية والفنادق حتى يحظى من قدم زهرة شبابه للوطن بحياة مريحة ومرفهة حتى انقضاء اجله.

وما سرني في حديث الصديق ومقترحاته خروجهما بعيدا عن الكليشيهات النمطية المعتادة التي تستهدف بقاء الاحوال على ما هي عليه عبر مقولات مترسخة في الوجدان مثل «الله لا يغير علينا» و«ليس بالإمكان احسن مما كان» او المطالبات الضارة بالوطن كالدعوة لتقليل سن التقاعد او الاخذ دون عطاء، اننا بحاجة كل صباح الى سماع آلاف الافكار الجديدة على ان يقابلها – وهذا هو الاهم – التعامل الجاد معها ودراسة امكانية التطبيق السريع، ودون ذلك تتحول الافكار القيمة الى .. دخان ساخن متصاعد في فضاء العدم.

آخر محطة:
من وسائل تعامل الولايات المتحدة وغيرها من دول متقدمة مع المتقاعدين وكبار السن خلق نظام مزايا عام في الدولة لمن يسمون بـ SENIOR CITIZEN اي من هم فوق 55 عاما، وهناك آلاف المنتجعات والمعاهد المتخصصة لهم في كليفورنيا وفلوريدا حيث يتجاوز معدل اعمار منضويها التسعين والمائة عام بسبب برامج الرياضة والحركة والاكل الصحي، كما تختص معاهد اخرى بتدريسهم علوم العصر من كمبيوتر وانترنت حتى لا يتخلفوا عن ركب المجتمع.