ماذا بعد إغلاق حقلي الخفجي والوفرة؟ ومن المسؤول في الجانبين الكويتي والسعودي؟ وكيف بدأت الخلافات بين الطرفين في المنطقة المقسومة؟ ولماذا لم يتم تداركها منذ البداية؟ وما هي وجهة النظر الكويتية؟ وما حجم الخسائر تحديداً للاقتصاد الكويتي جراء الإغلاق؟ وما الذي نفهمه من وجهة النظر السعودية؟ وهل هناك تشدد من أي طرف لحلحلة الجمود القاتل في الحقلين؟ وهل هناك “تعنت”، إذا صح مثل ذلك التعبير، في حل “الأزمة”؟ وهل القضية سوء فهم بين الإداريين النفطيين “شيفرون السعودية” و”نفط الخليج الكويتية” في منطقة الخفجي ترتب عليه وقف الإنتاج أم أنه فرض وهيمنة سياسية من أحد الطرفين على الآخر…؟
بعض الإجابات عن التساؤلات السابقة نُشرت في الصحف، وكان طرحها يتم بخجل أو بخوف، وكأن الحديث عنها يعد من المحرمات، وهذا غير مقبول، حين يكون الكلام عن علاقة بين دولتين، هما الأعتق في السيادة والاستقلال بين دول مجلس التعاون.
ويمكن النظر إلى العلاقة التاريخية بين هاتين الدولتين على أنها “وجودية” في نشأتهما، فلجوء الراحل مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز إلى الكويت، أيام الشيخ مبارك، ليعد الأول بعد ذلك لقيام دولة المملكة الثالثة وتوحيد أراضيها من الأرض الكويتية، ثم هناك الاحتضان، بعد عقود، للشرعية الكويتية من قبل المملكة بعد الاحتلال الصدامي، وانطلاق حرب التحرير من الأرض السعودية عام 1991، وبناءً على ذلك فالدولتان حالياً مدينتان لهذا الواقع التاريخي، الذي لا يصح تناسيه أو تجاوزه، ومن المفترض أن تملي مثل تلك الاعتبارات التاريخية تجاوز أي قضية خلافية بين الدولتين.
النائب حمدان العازمي، طرح فكرة قيام لجنة تحقيق أو مناقشة برلمانية لأزمة المنطقة المقسومة لتحديد مواضع الاختلاف بين وجهتي النظر السعودية والكويتية، وتلك مسألة مستحقة الآن، لاعتبارين، أولاً، الوضع المالي بعد تدهور أسعار النفط وما يمثله إغلاق الحقلين من خسائر تجاوز الـ5 مليارات دولار للجانب الكويتي، وضرره بالدرجة الأولى على الكويت، والمملكة العربية بدرجة أقل.
وهي مستحقة، ثانياً، لاعتبار سياسي، فلا معنى للحديث عن تحالف، وترتيب أوضاع دول المنطقة بعد أزمة اليمن، واتفاقيات أمنية، إذا كان “الأمن السيادي” مختلفاً عليه بين دول المنطقة “المتحالفة”… صارحوا الناس بما يجري دون لف ولا دوران، وماذا يمكن أن تصنع القيادات السياسية أمام هذه العقدة، وما هي تصوراتها لتجاوزها، فالصمت ليس حلاً، الناس تحيا بقلق وحيرة وتسأل ما العمل؟!