من يتابع العديد من القرارات أو التشريعات التي يتم إصدارها في الكويت، لا بد وأن تتحرك لديه غريزة الفضول، ليتساءل: هل مصدر التشريع مغيب عن المعلومات؟ أم أنه محيط وعالم بها، لكن اتخذ قراره من دون أي اعتبار لها؟
وإليكم نماذج من هذه القرارات الهشة والسريعة الانهيار:
– فأول نموذج لهذه الحالة مشروع ما يسمى بالبديل الاستراتيجي، فهو في الأساس لم يولد من خلال معلومات ودراسات، وإنما جاء كونه ردة فعل لمطالبات وإضرابات العديد من الجهات الحكومية بزيادة مرتباتها، ما دفع الحكومة للإعلان والتعهد بطرحها لـ«مشروع بديل وشامل» لمعالجة مطالبات زيادة الرواتب، وهو إعلان وتعهد لم يكن مبنيا على أية معلومات أو بيانات، وفجأة تدافع له مجلس الأمة مع الحكومة وعرف باسم «البديل الاستراتيجي»، وهو مشروع هلامي متغير تطرأ عليه تعديلات إرضائية سياسية، وهو كل يوم بحال، لأنه لم يبن على معلومات، ما جعله في مهب الريح.
– ونموذج ثان، هو قواعد تعيين القياديين وإحالتهم الى التقاعد، فقد استبشرنا خيرا، حينما صدرت قواعد تعيين القياديين، وبعد قراءتها كانت خيبة الأمل كبيرة، لأن القواعد لا تتضمن ما يستحق أن يطلق عليه ضوابط تعيين القياديين، فالمفروض أن الدراسات والمعلومات شخّصت إشكالية «هزالة» تعيين القياديين، ومن ثم تمخض عن ذلك تحديد معايير تحقق جدية التعيين وحسن الاختيار، لكن الواضح أن قواعد تعيين القياديين وضعت من دون أن ترتبط بالدراسات والمعلومات، وانما بنيت على الانطباعات الشخصية، ما جعلها كـ«الغثاء» لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو ما يعني أن قرارات تعيين القياديين ستكون مبنية على المزاجية والشخصانية، بعيدا عن المعلومات اللازمة، وهو ما يكشف عن سبب استمرار انهيار المؤسسات الحكومية.
– أما النموذج الثالث، فهو قانون التأمين الصحي للمتقاعدين، إذ إن منطلقاته في الأساس سياسية وانتخابية لشريحة معينة من الناخبين الذين سعى أعضاء مجالس الأمة طوال سنوات عديدة ماضية الى مغازلتهم بمشاريع ومقترحات هزيلة، لا غاية لها سوى الترضيات، وفي ظل تلك الأجواء البعيدة عن المعلومات والبيانات، جاء قانون التأمين الصحي للمتقاعدين، ومضى عليه فترة سنتين من دون أي تنفيذ! لأنه لا أساس معلوماتيا له، وتحاول الحكومة بلورة إخراجه للوجود بتوليف مجموع أفكار، ولكن أيضا من دون دراسات ومعلومات رصينة، ولذا فهو سيمثل هدرا للمال العام من دون أن يحقق النتيجة المطلوبة،