يعتبر ابننا البكر «طارق» صاحب معرفة واسعة بأنواع السيارات وسنوات صنعها ومميزاتها، ويعرف ذلك بمجرد نظرة سريعة، هذا على الرغم من أنه لا يستطيع القيادة، بسبب ظروفه الصحية. كما تساعده حاسة سمعه القوية على توقع ما ستصاب به أي سيارة لدينا بعطل، قبل معرفتنا بذلك بفترة، وذلك من خلال ما يصدره محركها من اصوات لا تستطيع الأذن العادية سماعها، دع عنك تمييزها.
أكتب هذا المقال لأرضي جزءا من شغفه الكبير بالسيارات، وكدرس بسيط في جزء من تاريخ صنع هذه المركبة التي قلبت حياة البشر رأسا على عقب.
وعلى الرغم من أن أميركا هي من أكبر المنتجين للسيارات في العالم اليوم، فإنها لم تكن اول من اخترعها، فقد كانت المانيا الأولى في هذا المجال. وفي عام 1902 كان كل إنتاج أميركا لا يزيد على 300 مركبة، وكانت بلجيكا تسبقها، كما أنتجت فرنسا في تلك السنة 23 ألف سيارة. ولكن خلال أربع سنوات زاد إنتاج اميركا ليصبح 60 الف سيارة متجاوزة كل إنتاج أوروبا، والفضل يعود إلى زيادة ثراء الأميركيين وتنامي رغبتهم في اقتناء السيارات، لكن ذلك الثراء لم يكن كافيا بل تطلب الأمر استحداث تقنية تسارع في تلبية ذلك الطلب وتقلل من تكلفة الصنع، وهنا برزت عبقرية الصناعي هنري فورد، الذي تدين له أميركا بالكثير، عندما نجح عام 1908 في تقليل كلفة إنتاج فورد موديلT من 4000 دولار إلى 825، وإلى أقل من ذلك بعدها، من خلال ابتكار طريقة «خط الإنتاج»، الذي يتحرك فيها هيكل السيارة من عامل لآخر على سير متحرك، ليقوم كل عامل بأداء عمل نمطي متكرر يتقنه بصورة عالية، مقارنة بالطريقة البطيئة السابقة التي كانت تتمثل في قيام من يود امتلاك مركبة بشراء الشاصي الخاص بها ومن ثم اخذه لمصنع آخر لصنع المحرك والإطارات والراديتور وغير ذلك، ومن ثم تركيب المقاعد والأبواب وغيرها عليها، حسب رغبة المشتري. وكانت كاديلاك سنة 1910 أول سيارة تصنع بتعاون مصنع الشاصي مع مصنع العربات تحت سقف واحد، وهذه الطريقة لا تزال متبعة حتى اليوم في صناعة السيارات الفاخرة. وكان وراء إصرار فورد على جعل كل انتاج مركباته ذات لون واحد وهو الأسود رغبته في إنتاج أكبر عدد من المركبات، وتعدد الألوان كان يعطل ذلك ويزيد من التكلفة.
وعلى الرغم من كل ما تعرضت له سيارات تويوتا من مشاكل في الإنتاج واضطرارها لاستعادة مئات آلاف السيارات بسبب خلل فني أو غيره، فإنها لا تزال الشركة الأكبر إنتاجا في العالم ( 98، 9 ملايين سيارة). وتحاول شركتا جنرال موتورز وفولكس واجن جاهدتين اللحاق بها! أما أكبر دول تنتج السيارات والمركبات في العالم فهي الصين، حيث تنتج 17 مليون سيارة. كما أنتجت دول العالم 88 مليون سيارة عام 2013، نصيبنا منها يقارب اللاشيء تقريبا.
أحمد الصراف