نبارك مبدئيا للقوى المدنية قبول المحكمة الدستورية الشكلي للطعن المقدم ضد قانون منع الاختلاط. ونتأسف على رفض ذات المحكمة الطعن في قانون حظر تجنيس غير المسلم. ففي رأينا، يتشارك القانونان في التمييز بين الناس، ويتميز قانون منع تجنيس غير المسلم في اضطهاده الواضح للمواطنين المسيحيين في اجبارهم غير المبرر على عدم الزواج ممن يشاركهم الدين من غير الكويتيين. واملنا ان يتم قبول الطعن في القانون الاخير في المستقبل، بعد تصحيح اجراءات الطعن.
ونشكر «مجلس الصوت الواحد»، وقبله حضرة صاحب السمو، اللذين جعلا من امكانية الطعن في قوانين التخلف امرا ممكنا بعد عقود من هيمنة الاطراف الرجعية وسيطرتها غير الديموقراطية على مقدرات الامور.
الاعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي وقعت عليه دولة الكويت، واستمد دستورها معظم مواد الباب الثاني والثالث منه، ينص صراحة على ان «للآباء، على سبيل الأولوية، حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى لأولادهم»، الفقرة الثالثة من المادة 26. وفي العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية تنص المادة 181 بصراحة ووضوح لا لبس فيه على انْ «تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة».
الآباء او حتى الاوصياء هم المعنيون بتربية ابنائهم او من تحت وصايتهم وليس «الدولة» ولا حلفاءها من التيارات الرجعية التي تحاول بالقوة، ومن خلال مناهج وزارة التربية وقراراتها فوق المتخلفة ووزارة الاعلام والداخلية ايضا، تحديد سلوك الناس والتدخل في كل صغيرة وكبيرة من حياتهم اليومية الخاصة. الاباء هم المعنيون بتربية ابنائهم، بغوهم «مؤمنين» وفقا لايمان جماعات التخلف، فهذا حقهم. وان ابتغوا ان ينشئوهم مارقين وفاسدين ومنحلين والى آخر قواميس الحط التي يطلقها المتزمتون اخلاقيا ضد غيرهم، ان بغوا ذلك فهذا ايضا حقهم الذي يجب الا يُنازع طالما انهم وابناءهم معنيون بانفسهم وليس بمضايقة او التطفل على الغير.
ليس هناك ضير في ان ينص قانون جماعات التخلف على حظر الاختلاط في مدارس وجامعات الدولة. فربما ان هذا من حقهم طالما انهم يملكون اغلبية القرار. لكن ان يتدخلوا في بقية المدارس والجامعات الخاصة، فهذا اضطهاد للغير وفرض قسري للنظرة الاحادية التي تحظرها المبادئ الديموقراطية والعديد من المواد الدستورية، الى جانب بالطبع العهود والمواثيق والاتفاقات الدولية التي وقعتها دولة الكويت.