من الطبيعي جدا أن أي مشروع أو قانون يتعلق برواتب المواطنين قبل أن يُقر ويرى النور، نجد من يؤيده ومن يرفضه، بل وقد يتطور الأمر ليصبح محطة للجدل العقيم.
باختصار لأن أغلب من يجادل لم يقرأ القانون جيدا، وكل ما بالأمر إن تم تضليله بكلام غير منطقي بأن القانون المسمى بالبديل الاستراتيجي للرواتب سيمس الرواتب، رغم أن القانون واضح وضوح الشمس لكل من اطلع عليه بأنه لن يمس راتب أي موظف كويتي حالي في أي قطاع من قطاعات الدولة.
ولكن للأسف غالبا ما تكون المصلحة العامة لدى البعض خارج الحسبة، لأن الثقافة التي اعتاد عليها البعض في مجتمعنا تتمثل في مصالح ضيقة ويطبقون مقولة «أنا وبس.. ومن خلفي الطوفان» وهذا النفس يأتي من دون أدنى شعور بحقوق الآخرين من المظلومين من أصحاب الرواتب المتدنية الذين اصبحوا من الطبقة الكادحة بسبب أن رواتبهم لا تتناسب مع غلاء وظروف المعيشة، هذا ما شاهدناه أثناء الجدل الذي دار في الوسط السياسي والنقابي والشعبي بسبب مشروع البديل الاستراتيجي.
وللأسف تم تضليل كثير من الناس بشأن مشروع البديل الإستراتيجي وجاء بحملة منظمة من البعض لتشويه صورته بالكامل رغم أنه يحمل مميزات كثيرة وإن كانت هناك بعض المثالب التي قد تتعدى على مميزات بعض القطاعات لا بأس بالمطالبة بتعديلها بدلا من المطالبة بنسف المشروع بأكمله، وكأن المشروع خاص بفئة أو فئتين فحسب، وهذا الأمر تتحمله السلطتان التنفيذية والتشريعية، والأجدر على الحكومة ان توضح كل بنود البديل الاستراتيجي وتنوير المجتمع من خلال لقاءات إعلامية في القنوات والصحف، وتكون مقابلها حملة توعوية من قبل أعضاء لجنة الموارد البشرية البرلمانية من خلال توضيح حقيقة البديل الإستراتيجي للمجتمع بإيجابياته وسلبياته، حتى الكل تصبح لديه دراية كاملة بالمشروع، ولكن للأسف اعتدنا على سياسة الكتمان وترك الحبل على الغارب.
اطلعت على القانون عندما كثر الجدل حوله، وجدت أنه قفزة جيدة للأمام ومتميز مقارنة بسلم الرواتب الحالي الظالم، ولا بأس ببعض التعديلات عليه، ومن أبرز مميزاته أنه سيرفع من رواتب أكثر من 50% من موظفي الدولة كمساواة بنظرائهم أصحاب التخصص المماثل، فضلا عن أنه سينهي التهديدات بالإضراب والابتزاز من قبل بعض النقابات التي تنظر لمصالح انتخابية اكثر من المصلحة العامة، وأيضا سينهي الواسطات لتنقلات الموظفين لأماكن تحمل كوادر مالية كبيرة، كما سيساهم القانون في مساواة أصحاب الدرجات الوظيفية في الراتب الأساسي والبدل الوظيفي والمهام الوظيفية.
ولكن مهما رسمت القوانين بطبيعتها لن ترضي جميع الناس، وذلك لطبيعة بعض الناس التي تتمثل بنظرتهم الفضولية عن غيرهم، وهناك نظرة أخرى لفئة ترى أن حقوقها ستهضم، وهذا الأمر لا يحتاج إلى توضيح، مادام هناك من ينظر لنفسه ولا يرى مصائب غيره.
البديل الاستراتيجي للرواتب ليس مثاليا ولكن يعتبر جيدا لحل مشكلة تتمثل بـ 50% من موظفي الدولة في معظم قطاعاتها، وهو ليس كما يشاع أنه يساوي الرواتب بقدر ما هو سيقلص الفروقات الجنونية بين أصحاب المؤهل والدرجات الوظيفية المماثلة في القطاع الحكومي فحسب، والأمر الجيد أن القانون لن يمس أصحاب الرواتب العالية، وليس صحيحا أن هذا المشروع سيساوي رواتب موظفي القطاع النفطي والأطباء وأساتذة الجامعة بموظفي القطاع الحكومي حسب الدرجة الوظيفية كما يشاع، بل سيستمر القطاع النفطي والأطباء وأساتذة الجامعة متميزين عن القطاع الحكومي.
ولكن هناك لغط كبير يتناوله البعض بأن ستكون هناك مساواة بين كل القطاعات بالدولة، لذا أتمنى الاطلاع على جداول الرواتب في البديل الاستراتيجي لتروا الحقيقة بأنفسكم، وكل ما بالأمر أن البديل الاستراتيجي سيخفض الميزة المالية التي تمنح لموظف القطاع النفطي بعد تقاعده كونها ستحسب على السلم الجديد، ومن حق نقابات القطاع النفطي المطالبة بتعديلات هذا البند لصالحهم في القانون وهذا حق مشروع لهم، ولكن ليس من حقهم المطالبة بنسف المشروع بأكمله بحجج واهية.
أما فيما يتعلق بالأطباء ليس كما يدعي البعض أن القانون ظالم ولكن كل ما بالأمر أن الجمعية الطبية اعتبرت البديل الاستراتيجي فرصة سانحة للمطالبة بمساواة الأطباء بالقضاة في سلم الرواتب والمزايا.. وأترك التعليق لكم.
المصيبة أن معظم من يرفض البديل الاستراتيجي للرواتب هم من أصحاب الرواتب العالية فقط لأن رواتبهم ستبقى على حالها، ولم يفكروا بإخوانهم في المواطنة الذين ظلموا واستمرت رواتبهم متدنية لسنوات طويلة إلى درجة أنهم لا يستطيعون العيش الكريم، متى تشعرون بمصائب غيركم؟.
٭ نقطة مهمة: أي نائب يرفض البديل الاستراتيجي من دون أن يقدم حلولا سريعة تساهم في رفع الظلم عن أصحاب الرواتب المتدنية، سأعتبره ظالما لتلك الفئة.