شيء ما حدث لهذا الوطن الصغير، تباعدت مكوناته الأساسية وانزوت كل واحدة بعيدا عن الباقية، ونلاحظ كل يوم ازدياد معالم هذا الابتعاد مع وجود البعض، سامحهم الله، من المنتمين إلى كل تلك الأطياف، يقومون بزيادة ذلك التباعد والانشقاق بين مكونات المجتمع تلك، أنا من جيل السبعينيات ما زلت أتذكر أن الكويت كلها كانت شبه منصهرة في بوتقة واحدة لم يدخل في وعينا في تلك السنين أي إحساس باختلاف أو تنافر كما نحسها ونراها هذه الأيام.
ما زلت أذكر في منطقتنا القديمة في الرابية كان شارعنا يسكن فيه كل أطياف المجتمع الكويتي وهو أمر شبه مختف هذه الأيام، فما أن تذكر اسم منطقة سكنية حتى تستطيع إلى درجة كبيرة تخمين مكوناتها، وهو أمر لم يحدث فجأة بل استغرق ربع قرن ولم تنتبه له الحكومة.
حتى تحول البلد إلى ما يشبه كانتونات سكنية تتمايز بين بعضها بمكوناتها.
وتوقف شيء جميل ورائع كنا نعيشه في الماضي وهو رؤية بعضنا البعض، وما زلت أتذكر المداخلة الجميلة والرائعة للأستاذ الكبير سامي النصف حينما كنت أنا وإياه ضيفين في برنامج المواجهة للإعلامي المبدع عبدالوهاب العيسي وكانت عن التجنيد، وكان رأي الأستاذ سامي مؤيدا للتجنيد ومن أحد الأسباب التي جعلته يقف هذا الموقف حسب حد تعبيره هو «أبناؤنا وشبابنا يحتاجون أن يروا بعض ويعيشوا لفترة مع بعض فالوضع حاليا كل شاب عنده ديوانيه ديوانيتان لا يذهب لغيرهما ولا يعرف احدا خارج محيطه فأصبحنا غرباء في وطن واحد».
كلمات الأستاذ سامي في الصميم، فنحن كشعب واحد منتمون لوطن صغير نحتاج أن نقترب من بعض أكثر وأكثر، فقد أبعدتنا الطائفية والقبلية والحزبية عن بعض حتى تحول كل مواطن إلى جزيرة خاصة.
وجزء من هذا الدور يقع على وزارتي الإعلام والشباب لتستغل فرصة العطلة الصيفية لتحضير برامج وطنية موجهة للشباب والمراهقين يقوم بإعدادها أساتذة تربويون أفاضل سواء من جامعة الكويت أو حتى من القطاع الخاص، تلك البرامج يكون هدفها الأساسي محاولة إعادة اللحمة الوطنية وبث الشعور أننا كلنا شركاء في وطن صغير واحد ولا خيار لنا غير وحدتنا والتفافنا مع بعض.
٭ نقطة أخيرة: مسؤولية كبيرة وخطيرة تقع على وزارتي الإعلام والشباب في البدء بمخاطبة النشء الذين لم يجدوا من يخاطبهم سوى الأحزاب والتيارات المتناحرة كل واحدة تحاول دفعهم في اتجاه مختلف حتى تشتت عقولهم، مطلوب برامج وطنية رصينة تعيد تذكير الشباب بحقيقة أنه لن ينفعكم غير وطنكم الذي لا يمكن الحفاظ عليه ان تشتتنا وتفرقنا، اطلبوا منهم طلبا واحدا فقط «تعالوا نعود لبعض».
www.leeesh.com
آخر مقالات الكاتب:
- الإستجواب الغير مستحق
- أمنية من أهالي «عبدالله المبارك» لعناية وزير الأوقاف
- لا والله إلا شدو البدو يا حسين
- درس كبير في السياسة من صاحب السمو
- 2017 قررت أن أكون سعيداً
- بديت أشك في الوسادة
- توظف 8000 كويتي وتربح سنويا 200 مليون..لماذا تخصخصها وتفككها؟!
- مرحبا بملك السعودية التي هي سندنا يوم غيرنا مالقي له سند.
- إخضاع عمليات السمنة في «الخاص» لرقابة أقوى
- انتهت انتخاباتكم تعالوا نرجع وطناً