لماذا يحرص اعلاميو وحناجر المعارضة الجديدة على التنديد باتهامات اساءة استخدام حق التعبير، التي توجه لمن انتقد الحكومة، او تطاول على الذات الاميرية، بينما يلوذون بالصمت التام، حين تكون التهمة متعلقة بنقد الطرح الديني او حتى البحث العلمي فيه؟ ولماذا لا يختصر السادة طلاب الحكومة المنتخبة، والداعون الى الديموقراطية الامر، ويلغون قانون المطبوعات وبقية القوانين المقيدة لحرية التعبير؟!
يملؤون الدنيا ضجيجا باستمرار، بسبب حجز هذا او تقييد حرية ذاك. ويتفننون في معارضة التشدد الحكومي ضد حرية التعبير. لكنهم في الوقت ذاته، يتجاهلون القوانين المقيدة لحرية الرأي والتعبير، وضرورة تغييرها او تعديلها، بحيث يتم اطلاق حرية الرأي، او على الاقل الغاء عقوبة السجن من هذه القوانين. أليس هذا اكثر فعالية واجدى نفعا من معالجة كل حالة على حدة؟!
بالتأكيد هو اجدى وافضل، وهو يختصر الوضع كله، ويعالج الخلل بشكل اساسي. لكن جماعة المعارضة وبقية مجاميع التخلف والتطرف ليسوا معنيين على الاطلاق بحرية التعبير. وليس من اهتمامهم اطلاق الرأي وتحرير الفكر، بل هم على العكس من ذلك، هم من يتشدد في المنع، وهم من يتفنن في الحجر على الفكر، وهم وليس السلطات من يحرص على الابقاء على الموروث والتقليد من دون تغيير او حتى نقد وتجديد.
لهذا هم معنيون بتناول كل «حادثة» على حدة. هنا يتمكنون من الاختيار. فينتفضون ان كان المتهم او المحتجز احدهم، ويصمتون او حتى يؤيدون ان كان المتهم من الجماعات السياسية او الاجتماعية المناوئة لهم.
ليس من اجندة مجاميع التخلف، وليس من مصلحتها الغاء القوانين المقيدة لحرية الفكر. فهي تسعى اصلا الى المحافظة، والى الابقاء على الاوضاع على ما هي عليه. اطلاق حرية التفكير والتعبير، يعني اتاحة الفرصة امام الجديد للتعريف بذاته. واتاحة الفرصة ايضا امام ابراز مساوئ القديم وتبيان انتهاء صلاحيته وتناقضه وقضايا العصر. لهذا يصر المتخلفون اياهم على الابقاء على القوانين المقيدة للحريات، بل يعملون وعملوا على تشديدها وتعظيم قدرتها على القمع والتنكيل، كما في قانون اعدام المسيء للذات.. فهم ضد التنوير والتفكير، ومع الابقاء على الاوضاع على ما هي عليه.