لم يتعرض صحافي للنقد والتجريح والإشادة في تاريخ الكويت الصحافي كالزميل أحمد الجار الله.
تعود معرفتي «السطحية» بالزميل أحمد لنصف قرن تقريبا، يوم كنا ندرس في كيفان في الفترة المسائية. كان حينها يعمل صحافيا في الرأي العام، وكنت أعمل في أحد المصارف.
للزميل أحمد مزايا كثيرة، ربما ابرزها حلو معشره، وشخصيته الدمثة، وذاكرته الحادة، وكم القصص والنكت التي يحفظها، وقد ساعده كل ذلك، إضافة لعلاقاته بأصحاب القرار، في إجراء مجموعة من المقابلات المهمة مع أبرز حكام المنطقة، كالملك حسين، وشاه إيران، والسادات، وملك المغرب الحسن، وغيرهم الكثير، هذا بخلاف نجاحه عام 1963 في إجراء اول لقاء صحافي مع محمد البدر حميد الدين الابن الأكبر لإمام اليمن الذي خلعه عبدالله السلال في انقلاب عسكري.
من صفات الزميل أحمد حسه التجاري الحاد الذي أتاح له بجدارة توظيف الثروة التي حققها من الصحافة، بأفضل ما يمكن، وبالتالي حقق نجاحا صحافيا وتجاريا ونفوذا سياسيا لم يتح لغيره، إضافة لآرائه ومواقفه المعروفة، وهذا ربما ما أوغر صدور الكثيرين عليه، وكان سببا في تعرضه لمحاولتي اغتيال عامي 1985، 2003، كاد أن يفقد حياته في الأولى. كما كان لآرائه ومواقفه الأخيرة من «المعارضة»، او «الأغلبية» دور في ما تعرض له من هجوم مبرمج على وسائل التواصل الاجتماعي، بقصد النيل منه والتلميح لبداياته المتواضعة، وربما بالتالي وجد في سيرة النبي (ص) ما يكفي للرد على مهاجميه، كونه كان عصاميا، وكيف بدا حياته بأعمال متواضعة. وهنا استطيع القول إن الغالبية العظمى من أغنياء الكويت كانت بداياتهم أكثر من متواضعة، ولم يكن الكثيرون منهم يعرف كيف يكتب اسمه، فكيف بتحرير صحيفة قبل نصف قرن!
وبالتالي لا نعتقد أن اتخاذه الرسول الكريم قدوة ومثلا كان يستحق صدور حكم بالسجن عليه، فالرجل لم يتهجم على أحد، بل ذكر ما درس لنا في مدارس الكويت الحكومية، ولا يزال يدرس، فأي عيب في ذلك. وبالتالي يجب عدم إخراج ما قاله الجارالله عن نطاق الدفاع عن النفس في وجه من انتقده، وحاول التقليل من شأنه، ولا أعتقد أنه كان ينوي الإساءة لأي رمز ديني.
وهنا نشارك الزميل الآخر، والصديق عبداللطيف الدعيج في ما ذكره من دفاع عن الزميل الجارالله، وقوله إن تحويل استذكار، والاشارة الى قيام الرسول بالاعمال الشريفة الى اهانة واساءة اليه، يعني الحط من قيمة هذه الاعمال، والتعدي على القائمين بها. بهذا تصبح هذه النظرة الى الاعمال الشريفة مخالفة صريحة لنصوص الدستور التي ساوت بين الناس، وقدرت القيام بالشريف والنافع من الأعمال.
نتمنى أن تنتهي محنة الزميل الجار الله لما فيه خيره وخير حرية الرأي، التي عانت مؤخرا من الكثير من التضييق غير المبرر.