الحقيقة تُولد مرتين, عند الولادة وعند الموت, وما بينهما حياة مليئة بالوهم, وبيع الوهم والزيف والنفاق والدجل. الموت حقيقتنا الوحيده التي استطعنا “إثبات” وجودها بيننا, نقتل بعض غدرا وغيلة وببشاعة, وفقا للعدو نجد التصنيف, هنا عدو للثورة, وهناك عدو خارجي, هنا مندس, وهناك ليس من أصول أهل البلد, ثم نبدأ بممارسة ما اعتدناه من توزيع مجاني للموت, أمهات تبكي فلذات أكبادهن, حياة ذل, حياة تهجير, حياة عذاب, وحياة لا تتوافر بها أدنى درجات الامان. الحرية كذبتنا الكبرى التي باسمها اغتصب الجار منزل جاره, وإبنة جاره, ومال جاره, وقتل جاره, وشرد جاره. هذه حرية المغول الذين حملوا معهم راية تحرير الشعوب من “أجسادها”, من منكم حاول زيارة أم لشاب قتله جنونكم؟ هل تعرفون حالها؟ أُم تقوم في منتصف الليل تبحث في سرير فقيدها لعلها تجد جسده البارد لِتُعيد تغطيته, أُم مازالت تُخاطب الصور والأمكنة والملابس, وكل ما تبقى من ذكرى فقيدها, لماذا فجعتم هذه الأُم؟ أنتم كاذبون … حُرية تقودها “قناة مخابرات” ليست حُرية, حُرية تُنَظِر عليها قناة تعتمد على “شاهد عيان” يتوافق مع هوى مُجرميها ليست حُرية.. لا حرية في بلاد الربيع, لا حُرية في بلاد يُقتل فيها الأسير والكسير والفقير وكل من قال لا… أنتم تبيعون الناس وهم “الحُرية”… أنتم عبيد أهوائكم وأمراضكم النفسية, فالقتل ليس طريق الحُرية, لان الأوطان لا تُبنى بالقتل. قالت لي صديقة سورية ذات يوم:”أعظم فرحة في حياتي كانت عندما صرخت في الجامعة :بدنا حرية”, وها هي اليوم تقول, وبعد سنوات على تلك الصرخة :”بدي سورية… بلادي ضاعت, لسنا سوى بائعي وهم, نُحاول أن ندعي الكمال, نتحدث عن الحُرية, لكننا ما أن يسقط النظام إلا وبدأنا عزل بعضنا بعضا باسم حماية الحُرية”. في هذا المُسمى دجلاً “ربيعا”, للمرة الاولى أرى الولاء للثورة يتفوق على الولاء للوطن, الوطن يجمع من مع ومن ضد, الثورة تجمع من يريدها, والنتيجة وطن الثورة وطن بِساق واحدة وعين واحدة ويد واحدة. “مخاض الثورة” هي الكذبة اللاحقة لسقوط الأنظمة, و لتبرير القتل, والسرقة, والاغتصاب, كله يكون بِهذه الكذبة, فالثورة لا تبني وطنا. الثورة للبعض والوطن للجميع. لقد بدأت بِنسيان آدمية قلبي وأنسى الشِعر والحُب, وأتحدث عن القتل والتهجير ربيع الدم, هذا أمر ليس جيدا, لا أُريد أن أخسر نفسي. للأمانة اقولها أنام وباب منزلي مفتوح, لا أذكر أني في يوم أغلقته, آمناً مُطمئناً, نعمة من الله تستحق الشكر ثم يأتي من يُحدثني عن “الحُرية”, “الحُرية” هي العيش في وطن لا تلتفت فيه للخلف خوفا من أن يَغْدُرَ بِك أحدهم, هذه الحُرية التي أعرفها. أُريد حديثاً لا يتخطى كلمات الحُب, فالحياة أجمل من أن نُفسدها بالحديث عن “حُرية” يقودها برنار ليفي شاتم رسولنا الكريم, أنا وأنت وهذا الصباح, وهذه القصائد التي غزلتها بالأمس. يستفيق الصباح على صوتك, و كلماتك, هذا الصباح فتاة جميلة, هذا الصباح أنت, صباحي أنت يابلادي… صباحي حُب وولاء وعهد بأن لا أبيع تُرابكِ لِـ عدو!