كل الشكر لجمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت على دورها النقابي خلال الفترة السابقة التي انتهت بالانتخابات الجامعية الأخيرة التي حملت القائمة الأكاديمية المستقلة إلى دفة الهيئة الإدارية الجديدة، وذلك في تنافس كان شديداً عكست مؤشراته مراكز الثقل الفكري والتوجهات السياسية بين الكليات المختلفة، في حين كان اللافت الرأي العام الجامعي المحايد المتمثل بالأصوات المشتركة بين مرشحي القائمتين المتنافستين وهي التي حسمت النتيجة النهائية لمصلحة الهيئة الإدارية الجديدة.
القائمة الجديدة تمثل إلى حد كبير التنوع الأوسع للطيف المجتمعي، كما أنها تحمل إلى الواجهة جيلاً من الشباب الأكاديمي، وهذه الاعتبارات تمنح الهيئة الإدارية الجديدة دفعة متحمسة تزيد حدتها الملفات العالقة حول حقوق ومكتسبات أعضاء هيئة التدريس لاستعادة هيبة العمل النقابي في جامعة الكويت.
انتخاب الهيئة الإدارية الجديدة قبل تعيين مدير الجامعة الجديد وعهد الإدارة الجامعية الجديدة يعفيها من أي التزامات مسبقة أو اتهامها بإبرام صفقات خاصة، وهذا بحد ذاته مكسب مهم للتركيز على المهنية في طرح الطموحات الجامعية، لا سيما في ظل توجهات الإدارة الحالية الفردية والمنتشية، وما آلت إليه الأمور من أخطاء جسيمة وآثار ذات تبعات سلبية على المؤسسة الجامعية.
نعم هناك طموحات يسعى إليها الأستاذ الجامعي، ولعل السنوات الأخيرة جعلت تصنيف النخبة الأكاديمية في تراجع كبير مقارنة مع المهن الأخرى الأقل في عطائها والأضعف في تأثيرها المجتمعي، وحتى داخل الحرم الجامعي أصبحت المهمة العلمية كعضو هيئة التدريس للمشاركة في مؤتمر تخصيصي نوعاً من «الطرارة» أمام أعذار نقص الميزانية، كما أن البحث العلمي الجامعي وتمويله تحول إلى عذاب بيروقراطي، حيث تستغرق إجراءات تقييم مشاريع البحوث والشروط التعجيزية لها وقتاً يزيد على فترة الانتهاء من الدراسة، أما الكثافة العددية في الشعب الدراسية التي تنافي أبسط معايير العمل الجامعي، فهي آخر ما تفكر في حله الإدارة الجامعية.
هذه الطموحات والمزايا حق أصيل، من أجلها يتم انتخاب نقابة للدفاع عنها وتحقيقها دون «منه» من الإدارة الجامعية، ويجب أن تكون محل اهتمام جمعية أعضاء هيئة التدريس بلا أدنى شك.
لكن في الوقت نفسه نشد على يد الزملاء الجدد في الجمعية، للعودة إلى أولوية قانون الجامعة الجديد الذي دفن في دهاليز مجلس الأمة لعقود من الزمن، وضبط إيقاع الإدارة الجامعية التي سمحت لنفسها التمادي والتدخل السافر في غير شؤونها، وتطبيق المركزية المباشرة، ضاربة عرض الحائط باختصاصات الأقسام العلمية والكليات الجامعية بنظرة مستعلية واجتهادات شخصية ومزاجية كان من أبرز نتائجها الوقوع في أخطاء قانونية فادحة، أبطلت المحاكم الكثير من قراراتها الارتجالية، وقد آن الأوان لوقف مثل هذا التخبط عبر «العين الحمرة» الرقابية بدلاً من روح الإحباط والاستسلام التي أخذت تشل الحياة الجامعية!