كلما تكررت الأفعال وردود الأفعال على الساحة السياسية، سألت نفسي: من يفترض فيه أن يكيف نفسه مع الآخر، الدولة وقوانينها؟ أم الشعب مصدر السلطات جميعاً؟
المنطق يقول إن الدولة تتشكل والقوانين تصمم حسب حاجات الناس ومقدار تطورهم الطبيعي، هذا المنطق يتجسد في الدول التي يوجد فيها نظام ديمقراطي حقيقي تتكشف فيه تحولات الرأي العام يومياً عبر عشرات الوسائل التي يتم من خلالها إفهام “الحكومة والبرلمان” ما يريده الناس.
ما هي تلك الوسائل؟ قد يسألني أحد فأرد: استطلاعات رأي، صحافة حرة، مقالات، ندوات، اعتصامات، إضرابات، مناشدات، توجيه خطابات، مقابلات تلفزيونية وصحافية، تصوير مقاطع وبثها على اليوتيوب وجميع منصات التواصل الاجتماعي.
ما سبق وغيره وسائل تفريغ شحنات لا يستهان بها، ووحدات قياس رأي متاحة لأصحاب القرار دون وسيط (مُهوِّن أو مُهوِّل)، ومؤشرات حساسة لمدى حيوية الرأي العام وصحة المجتمع، في النظم الديمقراطية الحقيقية، تعد وسائل التعبير عن الرأي من المقدسات، وبدونها يغدو أي حديث عن الدستور والديمقراطية هراءً في هراء، فإذا قيدت وحوصرت كما يحصل في الكويت يفقد هذا البلد جوهر تميزه ووقود إبداعه.
إن محاولة خلق كويت أمنية لن توصلنا إلى الكويت الآمنة، ومعاندة التطور وحركة التاريخ لن ينجم عنها سوى تطاحن إرادة الناس، وهي الحجر الأكبر، وإرادة السلطة، وهي الحجر الأصغر، والنتيجة معروفة ومحسومة سلفاً.
إن الكويت المتخيلة في العقل الأمني، كويت لا نعرفها ولا نريد أن نعرفها، لأنها كويت مخيفة ترصد وتحاصر كل صاحب رأي خارج “الحظيرة”، وتستعمل عليه القانون، ولا تطبقه، كما يقول الرفيق أنور الفكر.
أيها السادة ما أنتم فاعلون بأنفسكم وبنا؟ هل يعاقب من يسلم نفسه طوعاً كما فعلت سارة الدريس؟، أليس لديكم خبراء لغة ينجزون مهمة فك وتفسير رموز بضعة أحرف في ثلاث ساعات بدلاً من أيام وأسابيع، لقد تكاثرت الأسماء وتداخلت مواعيد محاكمات الرأي فلا ندري مع من تضامنّا ومن سقط اسمه سهواً ومن هو القادم في متوالية اصطياد المختلفين.
في الختام لا نقول غير الحرية لكل أصحاب الرأي، الحرية للحرية نفسها.