محمد جمعة الياسين

متى ينتهي التخبط؟

الحكومة هي محرك أي بلد في العالم، بما تقوم عليه من تعليم وصحة وإسكان، وغيرها ذلك، فالحكومة والوزراء هم المسؤولون أمام الحاكم وأمام الله من قبله، والشعب ومجلسه المتمثل عندنا في مجلس اﻷمة هو الرقيب على هؤلاء الوزراء، فمن حقه إيقاف القرارات التي لا تصب في مصلحة الشعب الكويتي، ولكننا حينما نجد الحكومة تضرب بالمجلس والشعب عرض الحائط فإننا نصبح أمام معضلة كبيرة لا تصب أبداً في مصلحة الديمقراطية، بل تفسد الحكومة ومجلس اﻷمة واﻷمة نفسها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر قضية ضمن سياق القضايا الكثيرة، وأعني بها تلك القضية المتعلقة بالأراضي التي تم توزيعها، والتي أثيرت في الأيام اﻷخيرة عن طريق اﻹعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ولاقت رواجاً كبيراً؟ لنا أن نسأل: من المتسبب فيها؟ وكذلك تصريح وزير التربية عن المدارس “المتهالكة التي لا تصلح للطلبة”… إلخ.

ألا تظهر هذه القضايا التي تطل بين الحين والآخر من هنا وهناك ذلك التخبط الحكومي حينما تعطى الأراضي دون وجه حق، رغم أن هناك من ينتظر قطار الإسكان الطويل، ليأتي السيد وزير التربية قبل ثلاثة أيام من الدراسة ليتجول على المرافق التعليمية ثم يكتشف فجأة أن هناك مدارس في دولة الكويت متهالكة… فأين كنتم؟!

وأنا أكتب هذه اﻷسطر هدفي الوحيد هو اﻹصلاح ما استطعت، لم أكتبها قدحاً في ذمة أحد أو طعناً في كفاءة أحد، ﻷنني وببساطة أحب هذا الوطن، وطني، وأرجو له التوفيق والسداد والتقدم إلى الأمام، أما النقد فهو موجه فقط إلى المتخبط، فليس بهذا التخبط يعلو شأن الوطن الغالي، وفي النهاية أهمس في أذن كل مسؤول أن اضرب على يد المتخبط وكافئ الذي يستحق المكافأة.

ظنكم لكم وحسن نيتي لي ورب البيت كريم.

متابعة قراءة متى ينتهي التخبط؟

سعيد محمد سعيد

«هرتزيليا 2016»… سكتم بكتم!

لم تعُد دولة الكيان المحتل الصهيونية تكترث كثيرًا بتنفيذ الخطط التدميرية في عمق المجتمعات العربية، فقد نجحت إلى حدٍّ كبير، وعلى مدى سلسلة مؤتمرات (هرتزيليا السنوية منذ العام 2002)، في أن تشرب نخب الانتصار وهي تشاهد أكثر من بقعة عربية تتمزق تمزيقًا، وتأنس بما تتابعه من تقارير استخباراتية وإعلامية بالصدام والتناحر السياسي والمذهبي والاجتماعي في الكثير من المجتمعات العربية… إذن، هل لايزال الكيان الإسرائيلي في «عين العاصفة؟».

مرت ثلاثة أشهر منذ عقد مؤتمر «هرتزيليا» هذا العام في (يونيو/ حزيران)، تحت شعار: «أمل إسرائيلي… رؤيا أم حلم»، ولم نجد حتى الآن من مراكز الأبحاث العربية أو من الإعلام العربي وفضائياته أي تركيز أو معلومات أو تحليلات أو حتى ندوات حوارية مصغرة تتحدث عن هذا المؤتمر، وتربطه بشكل متعمق بنسخه السابقة، ليعلم المواطن العربي ما الذي يحيكه هذا الكيان الخبيث ضدَّ الأمة العربية والإسلامية، والحال أن الإعلام العربي و(بلاعيم) الخبراء والساسة وأباطرة الفضائيات الذين (يلعلعون) لنشر الكراهية والصدام في المجتمعات العربية، كلهم (سكتم بكتم)! ما يجعلنا نتساءل: «هل يمكن أن يتفرغ الإعلام العربي ومراكز البحوث ومن يسمون أنفسهم متخصصين وخبراء استراتيجيين، في جهدهم الأكبر، للتحاور في فوائد الحروب والقمع وتبرير الإرهاب ودعمه، ويغفلون تمامًا عما يحيكه الصهاينة ويعلنونه من خلال هذا المؤتمر المنسوب اسمًا إلى مؤسس الصهيونية «تيودور هرتزل»؟ وهل تلك (البلاعيم) القوية شديدة على السياسيين والحقوقيين والحركات المطلبية في الوطن العربي، ورحيمة على مخططات الصهاينة؟». متابعة قراءة «هرتزيليا 2016»… سكتم بكتم!

احمد الصراف

هبي بيرث داي أفيروس

وAverros هو الاسم الاوروبي للعالم والفيلسوف والطبيب ابن رشد، رائد التنوير، الذي احتفل العالم الغربي، «فقط»، بمرور 890 عاما على ميلاده، لدوره في انتشالهم من ظلام التعصب والجهل لرحاب المعرفة والنور، في الوقت الذي اهمله اهله، العرب، وحاربوه، واصبحت تسمية اي مبنى او صرح في اي دولة اسلامية امرا اكثر من نادر، وفي الكويت هناك مدرسة ابتدائية باسمه، وشارع صغير في حولي، وهو الذي قال عنه جورج سارتون، عالم الكيمياء والمؤرخ الاميركي، في كتابه «المدخل الى تاريخ العلوم»، ان ابن رشد كان من اعظم فلاسفة الإسلام، وله اكبر الاثر على فلاسفة اوروبا، متجاوزا تأثير ارسطو نفسه. متابعة قراءة هبي بيرث داي أفيروس

جمال خاشقجي

حنين إلى زمن الأبيض والأسود

كم كان الشرق الأوسط واضحاً صريحاً حتى زمن قريب، يسهل فيه تحليل تحولاته وفهم ثوابته. كانت العداوات صريحة، والتحالفات معروفة. حتى المجاملات بينهما واضحة جلية، يعرف الجميع أنها مجرد مجاملات. كان ذلك في زمن «الأسود والأبيض»، أما الآن فنحن في زمن «الرمادي»، حيث يقول القوم، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، ما لا يفعلون.

وقف الثلثاء الماضي على منبر الأمم المتحدة يعظ. قدّم مرافعة بليغة في الدفاع عن الديموقراطية والتعددية، منتقداً تحول الهويات العرقية والدينية إلى سبب لرفض الآخر، وخص بذلك منطقة الشرق الأوسط. لكن في اليوم نفسه نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تفاصيل تدخّل إدارته لإجهاض قانون يفرض عقوبات على النظام السوري وحلفائه، النظام نفسه والحلفاء الذين تخندقوا طائفياً لقتل الغالبية السورية. زعمت إدارته أنها تدخلت كي لا يؤثر صدور القانون في اتفاق الهدنة الأميركي – الروسي في سورية، وهو اتفاق لم يُحترم لحظة، واخترقه النظام والروس على مشهد من العالم، ويخرج نظام بشار ليقول إن الاتفاق سقط، فيرد عليه وزير الخارجية الأميركية بأن الاتفاق لا يزال قائماً، فننشغل نحن – معشر المحللين – في محاولة تفسير هذه التصريحات المتباينة، فينتصر بعضنا لفكرة أن «موسكو هي المتسيدة»، وآخر لفكرة أن «واشنطن استيقظ ضميرها وهي عائدة لنصرة الشعب السوري»، وثالث يتفرغ لشرح فقدان نظام دمشق السيادة؛ إذ تتفق القوتان العظمى خلف ظهره! لكننا ننسى أجمعين أن اتفاق الهدنة فاقد لمعناه، إذ «لا توجد هدنة»، فالقتل مستمر، والبراميل المتفجرة مازالت تسقط بالعشرات فوق المدنيين، بل حتى قافلة الإغاثة أغير عليها، فعن أي هدنة يتحدث كيري؟ وعن أي اتفاق تدافع واشنطن، وهي تضغط على النواب الديموقراطيين في الكونغرس لسحب قانون ضد النظام السوري وحلفائه؟ وهي لم تفعل ذلك في حق قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب الشهير بـ «غاستا»، والذي صدر بإجماع أعضاء الكونغرس، ليهدد العلاقة مع حليف أساسي للولايات المتحدة يفترض أنه أهم لديها من «بشار الأسد وحلفائه»، وهو المملكة العربية السعودية!

هذا ما أقصده بالسياسة الرمادية التي باتت سائدة هذه الأيام في كل المنطقة من سورية حتى اليمن وليبيا، ولا يختص بها أوباما وحده، بل غالبية القوى المتنفذة في الشرق الأوسط. ربما الروس والإيرانيون هم الأوضح، ولكن وضوحهم لا يساعد أحداً، ذلك أنهم متحصنون في جانب الشر من الصراع.

في زمن مضى كان استهداف قافلة إغاثة بغارة جوية ومقتل عشرات المتطوعين والعاملين في منظمة دولية كافياً لأن يتحرك مجلس الأمن، ويتخذ إجراءات عقابية صارمة. حصل هذا مساء الأحد الماضي. أقرت الأمم المتحدة و «الصليب الأحمر» بالحادثة فوراً، ولم تسميا المعتدي. في اليوم التالي خرج النظام بكل صفاقة، ومع حلفائه الروس يتهمون المعارضة، ما أثار سخرية المعلقين، الذين تحدثوا عن «طيران أحرار الشام». استمر الكذب والتجاهل، مع علم الجميع أن الفضاء السوري مغطى بالكامل من غرفة عمليات شبه مشتركة تتبادل المعلومات، أسسها الأميركيون والروس لضمان ألا يصطدما بالخطأ وهما يقومان بعمليات على الأرض السورية، كلٌّ ضد أهدافه المفضلة. مساء الثلثاء كشف البنتاغون حتى عن نوع الطائرات التي قامت بالاعتداء وعددها، طائرتا «سوخوي»، قال إنهما في الغالب تابعتان لسلاح الجو الروسي، لكن يمكن أن تكونا سوريتين. هذا أفضل، فهو سبب وجيه لأن يقوم التحالف باستهداف المطار الذي انطلقتا منه بمثابة إجراء عقابي، بل حتى تنفيذاً لأحد بنود الهدنة القاضية بمنع طيران سلاح جو النظام.

ما فائدة الاتفاقات إذا لم تلتزم الأطراف المعنية بها؟ هل هذه الرمادية سياسة حقيقية، أم أنها مجرد تغطية لحال انسحاب أميركية، فتنثر خلفها هذا الكم من الاتفاقات والتصريحات والاجتماعات والغضب والتحذير لتضليل القوى الإقليمية؟

هل الوجود الروسي القوي في سورية هو ما يمنع الولايات المتحدة من التدخل؟ لكنها قصفت مقرات للنظام في دير الزور الأسبوع الماضي، ولم تسقط السماء الروسية على الأرض الأميركية، واستمر التواصل والاتفاق والخصام بينهما. قالت واشنطن إنه «كان خطأ». يمكنها أن تقصف مرة أخرى «بالخطأ» مدرجات وحوامات البراميل المتفجرة. هي الأخرى قوى عظمى، أو لعلها في حاجة إلى من يذكّرها بذلك.

هذه الرمادية نجدها أيضاً في ليبيا، حيث أجهد العالم نفسه، فجمع الليبيين بمختلف مشاربهم السياسية في الصخيرات المغربية، وبعد مفاوضات شاقة خرجوا بحكومة وفاق دعمها مجلس الأمن، وبالتالي المجتمع الدولي. ومثل أي اتفاق لابد من أن يكون هناك معارضون له. في زمن الأبيض والأسود، ستفرض عقوبات على المعارضين وإجراءات لإخراجهم من اللعبة السياسية، طالما أنهم لم يلتزموا بها، ولكننا في الزمن الرمادي. احتل جنرال، زعم أنه قائد الجيش الليبي، هلال النفط الليبي، في تعدٍّ سافر على الحكومة الوطنية الليبية. تزداد الرمادية ضبابية إذ تتكشف معلومات عن مشاركة فرنسا التي يفترض أنها شريك للاتحاد الأوروبي الذي دعم حكومة الوفاق، فإذا بها توفر طائرات تشارك الجنرال حفتر معاركه. مصر أيضاً لا تخفي تأييدها حفتر في مخالفة للشرعية الدولية. أقصى ما سيفعله العالم هو إصدار قرار يمنع شراء النفط الليبي المصدر من الموانئ التي يسيطر عليها الجنرال الخارج على الشرعية. في النموذجين السوري والليبي، تكمن مشكلة الرمادية، وهي انها تعقد الأزمات، وتطيل أمد الصراعات، وتزيد معاناة المواطنين، والأخطر أنها تولّد أزمات جديدة وخلافات إقليمية أخرى.

مملة هذه السياسة الرمادية ومكلفة. تجعلنا نحن إلى سياسة الأبيض والأسود، مثل ما جرى في آب (أغسطس) 1990 حين غزا صدام حسين الكويت، فصرح الملك الراحل فهد قائلاً: «يا نعيش سوا، يا نموت سوا»، ليبدأ وصول نصف مليون جندي من الولايات المتحدة، ويحتشد أكبر جيش منذ الحرب العالمية الثانية في السعودية، ويأخذ الجميع ينتظر متى تبدأ حرب تحرير الكويت. وعندما حاول صدام حسين أن يأخذ العالم إلى ساحته الرمادية، صرح الرئيس الأميركي الأسبق بوضوح بأن «صدام يجب أن يترك الكويت»، ولم يتراجع عن خطه الأحمر. كانت السياسة يومها أبيض وأسود. أو كما قال الملك الراحل: «يا نعيش سوا، يا نموت سوا».

متابعة قراءة حنين إلى زمن الأبيض والأسود