“جاستا” هو اختصار “تطبيق العدالة على داعمي الإرهاب” للقانون الذي أقره الكونجرس الجمعة الماضي لمقاضاة الممولين والراعين للإرهاب، في إشارة ضمنية لأحداث أيلول (سبتمبر) والسعودية، ما يعيد الكرة إلى القضية التي بدأت بتمرير القانون منذ أيار (مايو) الماضي حتى إعلان الأوراق الـ28 وتبرئة السعودية من الضلوع في إرهاب أيلول (سبتمبر). ومن المقرر أن يستخدم أوباما “فيتو رئاسي”، بيد أن “الكونجرس” و”النواب” يمكنهما رفض “الفيتو” بتكتل ثلثي الأعضاء.
استمعت إلى مقابلة على CNN الأمريكية إلى رؤية قانونية من كل من جاك جولدسميث أستاذ كلية الحقوق في جامعة هارفارد وزميل في معهد هوفر، المحامي العام المساعد في إدارة جورج دبليو بوش، وستيفن ڤالديك أستاذ القانون في كلية القانون في جامعة تكساس. ركز كثيرون على سابقة خطيرة في أن تجاوز قانون جاستا لحصانة الدول السيادية قد يجر النار إلى ثوب الولايات المتحدة وبالتالي محاكمتها على جرائم في محاكم الدول. ولكن في الدقائق الأخيرة، قام السيناتور الجمهوري جون كورنين، الذي رعى هو ونظيره الديمقراطي تشاك شومر، بعمل مراجعات في نسخة مشروع القانون، وضمَّنه عددا من الشروط الجديدة المضللة بوضع عراقيل أمام مطالبات عائلات ضحايا أيلول (سبتمبر)، حيث بإمكان الحكومة الأمريكية أن تضع الدعاوى في الرف إلى أجل غير مسمى. كما على المدعين أن يثبتوا أن المملكة مسؤولة بشكل مباشر عن هجمات أيلول (سبتمبر) حتى يربحوا القضية. وبحسب القانونيين فحتى وإن كان بوسعهم ذلك، فليس هناك آلية فعلية لإجبار الحكومة السعودية على دفع أي تعويضات. وهذه هي النسخة المعتمدة من الكونجرس في مايو وأقرها مجلس النواب يوم الجمعة. بالتالي، المسألة ليست في القانون نفسه، بل في رمزية القانون وخطورته الكامنة على ملف العلاقات الخارجية والدبلوماسية.
المملكة لا شك ضحية سوء تقدير بين الإرهاب والتطرف والوضع الاجتماعي، وبالتالي استغلال هذه الثغرات بتشويه مستمر لا يواجه بالقدر نفسه. ولا يوجد دولة تحارب الإرهاب أو بإمكانها إدارة ملف محاربة الإرهاب في المنطقة ومن ثم العالم مثل المملكة، وإن كان الحديث يثار عن الفكر المتطرف ونموذج الإسلام الذي أسماه أوباما بالوهابي بشكل متعمد وصريح في حوار مجلة “أتلانتك”. السعودية اليوم بالتزامن مع محاربة الإرهاب تقود عملية تحديث هي الأكبر في تاريخها. هو التحديث الذي يراعي تطور وطبيعة البيئة والثقافة والمجتمع والتقاليد، وهي بالتالي مسائل اجتماعية تقليدية شأن كثير من بيئات العالم المحافظة. ولا يمكن لأحد تجاهل التاريخ والقفز عليه في تاريخ المنطقة باستزراع بذرة التطرف والإرهاب؛ التاريخ الذي دشنته الثورة الإيرانية منذ انطلاقتها. والهجمات الإرهابية التي حدثت في تاريخ السعودية حتى اليوم شاهد على ذلك. وبالتالي فإن من مصلحة أمريكا والعالم اليوم النظر بجدية إلى أهمية المملكة كحليف قديم، في ظل ظروف جديدة ومصالح ليست ظرفية بل استراتيجية.