سأصطحب القراء الكرام – ونحن نستقبل غداً عاماً دراسيّاً جديداً نسأل الله فيه النجاح لأبنائنا ولكل العاملين في قطاع التعليم – عائداً بهم إلى العام 2007، وتحديداً في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، لأطرح من جديد أهمية إيجاد استراتيجية متقدمة أكثر مما هي عليه الآن، للارتقاء بمستوى العاملين في قطاع التعليم مهنيّاً وماديّاً ومعنويّاً.
قبل سبع سنوات، كان الموضوع يتولى في هذه الزاوية تحت عنوان : «المعلمون والمعلمات… المنقذون والمنقذات»، ولربما كان المحور، ولايزال، تأكيد دورهم في إنجاح ما تطمح الدولة إلى تنفيذه مستقبلاً من مشروعات، كإصلاح سوق العمل، وإصلاح التعليم، وتحقيق معدلات تنمية متقدمة، فضلاً عن تنشئة جيل يتمتع بشخصية بحرينية تعي جيداً معاني المواطنة والحقوق والواجبات، لا يكتمل إلا بدور المعلمين والمعلمات.
إنه من أشد الأمور التي تحز في النفس أن تستمع إلى أحد أقربائك أو معارفك من العاملين في قطاع التعليم وتسمع منه أنيناً ورغبةً في ترك (مهنة الأنبياء والرسل)، وإذا فتحنا ملفات المعاناة التي يعيشها الكثير من المعلمين والمعلمات، من البحرينيين ومن (أساتذتنا) العرب من مختلف بلداننا العربية، سنجد أنها متعددة، لكن كلها قابلة للحل، وأولها، أننا لا نرضى أبداً أن يخرج المعلمون والمعلمات من أبواب مبنى المدرسة وكأنهم (متحررون) من سجن الإحباط والبيروقراطية والعذاب وخيبة الأمل والشقاء.
باختصار شديد إلى المسئولين في الدولة… (ضاعفوا الامتيازات المقدمة للمعلمين والمعلمات بأي شكل من الأشكال مهما كانت الظروف، وحافظوا عليها كسند قوي لمواجهة تحديات المستقبل… ضاعفوا رواتبهم… فرصهم في الترقي… صلاحياتهم ولاسيما أولئك الذين في المناصب القيادية)، ولا أريد – على الإطلاق – أن أسوق مقارنة، أيّاً كانت تلك المقارنة، مع أية دولة خليجية أخرى من ناحية الامتيازات! نعم، الامتيازات المقدمة إلى حملة رسالة الأنبياء، وهم المعلمون والمعلمات، الذين إن أغفلت الدولة (من يكونون؟) فسنكون أمام كارثة حقيقية، لها بوادرها في الوقت الراهن، مختصرة في عبارة: (مجتمع المعلمين والمعلمات المحبط بشدة)! وسيكون أيضاً، لها عواقبها الوخيمة في المستقبل.
حريٌّ بنا أن نذكر المعلمين والمعلمات الذين يقومون بدورهم كما يمليه عليهم واجبهم الديني أمام الله، والوطني أمام المجتمع، وهم يستحقون الثناء والشكر، لكن وسط ذلك كله، لا يمكن أن يبقى ملف التعليم والمعلمين عرضة للأهواء تارة، والمطالبات تارة أخرى، والمشاغبات حيناً، والتصادم مع أجهزة الوزارة حيناً آخر… فهذا القطاع يا سادة، هو الذي عليه المعتمد، صدقوني… سيكون المستقبل أكثر ظلاماً إن بقيت الأوضاع في مدارسنا على ما هي عليه: آلاف من الطلاب والطالبات يذهبون ليتلقوا تحصيلهم الدراسي، فيعود طلبة الابتدائية محملين بالغنائم من الواجبات التي تقصم الظهر، ويعود طلبة الإعدادية وقد تسلحوا جيداً للتعبير عن الفرح بانتهاء اليوم الدراسي، ويخرج طلبة الثانوية وهم يتبادلون السجائر ومواد وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الهواتف الذكية التي لا تسأل عما تحتوي!
وبالتأكيد، لا يمكن إغفال ما يقوم به المسئولون بوزارة التربية والتعليم، وحتى بالنسبة للوزير ماجد بن علي النعيمي، ومهما كانت الخلافات والاختلافات معه على الكثير من الملفات والقضايا، بيد أن ما يميزه هو قدرته على استقبال ولقاء والتحاور مع كل الأطراف، حتى التي بينها وبينه (عداوة)! وهذا جانب يمكن أن يسهم في حل الكثير من القضايا المؤرقة التي تشغل اهتمام العاملين في سلك التعليم، ويمكن أن أسوق تعليقاً كتبته إحدى المعلمات على سلسلة المقالات المنشورة في العام 2007 ونتمنى ألا يكون محتوى التعليق قائماً حتى اليوم بعد مرور سبع سنوات من معلمة تعاني من التمييز الطائفي كتبت تقول: «لن يكون هناك إصلاح للتعليم إلا بعد مكافحة الفساد في وزارة التربية والتعليم! فهناك مسئولون طائفيون وعنصريون، وأصبحت الوظائف تعطى للأهل والأصدقاء والأحباب».
نموذج آخر ورد في تعليق من مدرس محايد، كتب يقول: «لا ضير في الاعتراف بأن هناك مشكلات كثيرة تعاني منها وزارة التربية والتعليم، وهي وزارة كبيرة والله يكون في عون وزيرها! لكن من المهم القول إن سلبية بعض إدارات المدارس وعدم رغبتها الجادة في تقديم حلول لتلك المشكلات تضاعف من حجم المشكلات، والقول إن المسئولين لا يتجاوبون مع ما تطرحه الإدارات من تقارير بالنسبة إلى المشكلات القائمة صحيح، إلا أن هذا يجب ألا يكون سبباً للتوقف… لابد من مواصلة المشوار لحين الوصول إلى حل».
نتمنى أن يكون أمامنا مشوار طموح هذا العام لتحسين أوضاع المعلمين والمعلمات، ووضع حلول لكل الملفات التي تؤرقهم… وكل عام والجميع بخير.