لا أدري إن كان هذا مجلساً يمثل الأمة أم هو محطة غسل سيارات!
في المحطة، تقف بالدور، وتدخل السيارة غرفة الغسل من ناحية وهي تسير مدفوعة بجهاز أوتوماتيكي وتخرج نظيفة من الجهة الأخرى. إذن ما الفرق بين غسل السيارات وغسل مشروع القانون غير أن الأخير يخرج من مبنى المجلس قذراً ملوثاً بشبهات استغلال النفوذ وتصفية المنافسين سياسياً وخرق أحكام الدستور ومبادئ العدالة مثلما حدث في تشريع الإعدام السياسي للمواطنين وليس فقط للمعارضين؟!
تعالوا معي وتأملوا كيف تم خلق ذلك المشروع:
1) في العشرين من هذا الشهر تقدم فيصل الدويسان، أحمد مطيع، عادل الخرافي، فيصل الكندري، وسعدون حماد باقتراح بقانون لسواد الوجه التشريعي.
2) في التاريخ ذاته تفضل الرئيس بكل “حياد وموضوعية” بإحالته إلى اللجنة التشريعية! ربما كان الرئيس يخشى أن يتبخر المشروع من حرارة الطقس.
3) اللجنة التشريعية تجتمع على هامش الجلسة وتقر الاقتراح وتحيله بدورها إلى لجنة الداخلية والدفاع.
4) هذه اللجنة تقر الاقتراح وتحيله إلى المجلس بتاريخ 22، أي بعد يومين! والله يعطيهم العافية على نشاط همتهم.
5) المجلس يجتمع ويقر عدة مشروعات ومعها مشروع الإعدام السياسي بالمداولتين وفي جلسة واحدة تختم بمثل نهاية الأفلام الرومانسية بقبلة ساخنة من الحكومة للمشروع ولمن قدمه ولمن كان وراءه محرضاً ومزايداً ومنتقماً!
في ثمانٍ وأربعين ساعة تم خلق مشروع قانون يفرض عقوبة تبعية بالغة القسوة في قضايا الرأي وحرية الضمير، بعد أن تم تغطيتها رياءً بالثوب الديني لاستغلال المشاعر والعواطف الدينية وتصويرها على أنها مجرد “شروط تنظيمية”. طبعاً هذا من أصول الشغل بحكم العادات التي رسختها السلطة بالمجلسين من سنوات طويلة.
انتهت الحكاية، وتم إقرار مشروع بقانون يبصق على دستور الدولة، لا يلتفت إلى أبسط قواعد العدالة، ينتقم من مواطنين أبرياء، يشرع عقوبة حرمان أبدية على أفعال تصنف عند دول السنع تحت بند حرية الضمير… فماذا بعد؟
ألا يخطر ببال المواطن الذي صوت لهذا النائب أو ذاك في مجلس غسل السيارات أن يحاسبهم على ما فعلوه من جرم بحق الدستور والعدالة، مثلما صنع مع عدد من النواب “القبيضة” قبل سنوات بسيطة وأخرجهم من شرف تمثيل الأمة؟!
أمام هذا المواطن اليوم الحقائق المحزنة في كيفية “سلق” التشريع بمدة لا تتجاوز ثماني وأربعين ساعة لتحقيق مصالح متنفذين بلعوا الأخضر واليابس، فهل سيعيد انتخاب نواب محطة شارع الخليج لغسل التشريعات… أم ماذا؟!
ملاحظة: من التجمعات السياسية الرافضة للمشروع حركة العمل الشعبي “حشد” أصدرت بياناً مستقلاً بإدانة المشروع.