ليت النواب الذين شرعوا قانون “الإعدام السياسي” يصمتون ويخجلون قليلاً من سواد الوجه، بعد أن أخذ بعضهم الآن “يرقع” للتصويت الفضيحة للقانون، وكلمة فضيحة قليلة عليه، هـؤلاء النواب أخذوا يرددون الآن أن القانون لن يطبق بأثر رجعي، وأنه قاصر على الحالات التي تقع بعد العمل به، تبريراتهم “الترقيعية” جاءت بعد الحملة الإعلامية من هذه الصحيفة تحديداً ومن التجمعات السياسية الحية مثل “حدس” والتيار التقدمي والتحالف الوطني والمنبر الديمقراطي، والتي يتعين عليها العمل المتواصل لفضح هذه الممارسة السيئة لهذا المجلس والحد من هذه المزايدة التشريعية واستعمال التشريع بندقيةً لقتل المعارضين السياسيين وخنق أصواتهم.
على هـؤلاء النواب أن يراجعوا تصريح العلامة “دوجي العبدالله ” ودوجي هو العالم والمرجع الكبير في الفقه الدستوري الفرنسي في زمن مضى، الشيخ العلامة محمد العبدالله سارع ليوضح التفسير الحكومي بأن كل شخص أدين بحكم قضائي نهائي حسب وصفة “مجلس صيانة الدستور” الكويتي لن يشارك في الانتخابات، على هؤلاء النواب المتورطين أن يراجعوا عبارة “دوجي العبدالله ” السابقة ليعرفوا أن الحكومة صادرت مقدماً سلطة تفسير القانون الفضيحة، ووضعت حدوده مسبقاً، وبالتالي ليس على المتضرر سوى الرجوع إلى القضاء، وعندئذ سيجد نفسه في متاهات التقاضي الطويلة اللامنتهية، والفقه المتعارف عليه والمفروض علينا وعلى كل الدول التي من شاكلتنا يقول لكم يا نواب إنه “إذا تكلم الشيوخ فالكل يأكل تبن”، ويقول أيضاً: “لا اجتهاد مع الشيخ” بدلاً من عبارة لا اجتهاد مع النص.
هذه الثقافة السلطوية خلقت لنا تلك النوعية من النواب وانتقت هذا الشكل من أصحاب القرار الذين لا يمكن مجادلتهم ولا تغييرهم أو تبديلهم مهما صنعوا ومهما أخطأوا ومهما تواضعت كفاءاتهم ومهما تبدل الزمن، يفرضون أنفسهم على وجودنا وحياتنا وحرياتنا ويحاصروننا من كل جانب، فمن اختارهم، وبأي شرع يهيمنون على كل أمور الدولة بلا استثناء وكأنهم قدر مكتوب لا يمكن زحزحته أو تعديل مساره؟!
يبقى واجب القوى السياسية ألا تتوقف عند حدود إصدار البيانات، وتخمد همتها وحماسها للحق فيما بعد، فتحفيز الوعي السياسي عند الناس بمحنة الدولة اليوم هو مهمتها الكبرى، إنها محنة سياسية واقتصادية واجتماعية وأخطر ما فيها أنها محنة لا مبالاة كبيرة.