فجّر ديوان المحاسبة فضيحة في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بشأن الساعات الزائدة المصروفة لبعض أعضاء هيئة التدريس. وكالعادة، لم تعط تحذيرات الديوان ما تستحق من أهمية، على الرغم من أن المسألة هنا أخلاقية أكثر منها مالية، وخطورتها تتجاوز مبالغها، فأن يقوم «أستاذ ومربي أجيال» بسرقة الدولة، وهي دولته في نهاية الأمر، فتلك مسألة لا يمكن السكوت عنها!
فكيف قبلوا أن تصرف لهم مبالغ كبيرة من دون وجه حق؟ وأين رقابة الضمير والخلق، والدين، قبل الرقابة الإدارية؟!
إن المسألة يجب ألا تقف عند معاقبة هؤلاء إدارياً ومالياً، ويجب ألا تقف عند تعديل الثغرات في إجراءات المحاسبة والصرف، بل تجب معرفة سبب هذا السلوك عند فئة من المفترض أن تربية الأجيال القادمة منوطة بها، وهم أصلاً سُرّاق ومزوّرون. وكيف يمكن أن يقوم عضو هيئة تدريس بإدراج شُعب وهمية في بعض جداول أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية الأساسية، من بعض الاقسام، تتضمن أسماء طالبات من دفعة قديمة؟! وكيف تمكّنت أستاذة و«مربية أجيال» من سرقة 36 ألف دينار من خلال تسجيل ساعات عمل وهمية، وهو ما أقرت به كتابياً، وربما لا تزال تعمل أو ذهبت لأداء العمرة؟!
كما بيّن تقرير ديوان المحاسبة أن عضوين من هيئة التدريس اشتركا في تدريس نفس المقرر، للانتفاع المشترك بالساعات الزائدة، وكذلك صرفت مبالغ عن ساعات عمل زائدة لبعض الأعضاء، وهم في إجازات مرضية أو حج أو أمومة، فكيف يذهب إلى الحج بمال مسروق؟!
وأكد الديوان أن هناك قراراً يشترط ألا يقل عدد الطلبة المسجّلين في بعض المجموعات عن 6، واتضح أن هناك 141 مجموعة تم التسجيل فيها ما بين طالب واحد في المجموعة إلى 6 طلبة، وقد جرى صرف الساعات الزائدة التي وصلت إلى مبلغ 6 آلاف دينار لكل مجموعة على حدة، ومن بين هذه المجموعات 13 مجموعة، كل واحدة تضم طالباً واحداً، و14 مجموعة تضم طالبين، و15 تضم 3 طلبة، و31 مجموعة تضم 4 طلبة.
وذكر الديوان أنه تمت تجزئة الشعبة الدراسية الواحدة إلى أكثر من شعبة بقصد الاستفادة من الساعات الزائدة لأكبر عدد من أعضاء هيئة التدريس، وهذا يعني أن السرقة والتزوير والاختلاس والكذب والغش سمة لبعض أعضاء هيئة التدريس المرموقة! ولا يعقل أن كل هؤلاء من الليبراليين والعلمانيين، الذين يوصفوا دائماً بأقذر الصفات!
نعود ونكتب للمرة الخمسين ان التدين لا علاقة له بالأخلاق. فما يعتبره أتباع دين ما أخلاقياً، لا يعني بالضرورة الشيء نفسه عند أتباع الديانات الأخرى. ولو كان الأمر كذلك، لما احتاجت البشرية، قبل نصف قرن، إلى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، علماً بأن العالم ممتلئ بالديانات، وشرائع حمورابي صدرت قبل أكثر من 3800 عام!