أدخن السيجار منذ أوائل الثمانينات، مع فترات انقطاع تقصر أو تطول، كما الغندقور. وليس في التجربة ما يدعو إلى الفخر، ولكنها تجربة اكتسبت منها شيئاً، وخسرت أشياء، وقد يجد من يدخن السيجار بعض الطرافة مما اكتسبت.
يختلف السيجار عن السيجارة، كون الأول مصنوعاً من التبغ فقط، بخلاف السيجارة التي يكتنف الكثير من الغموض مكوناتها، خصوصاً ما يخلط بها من مواد كيماوية، وما يسحب أو يضاف إليها من نيكوتين، حسب المنطقة الجغرافية التي تستهلك فيها. كما أن القطران الذي يتجمع في الفلتر، الناتج أساساً عن احتراق الورقة التي تلف السيجارة، يتسرب إلى الرئة ويسبب مخاطر صحية كثيرة. ويقول ساخر إن السيجارة في أحد طرفيها شعلة نار، وفي طرفها الآخر أحمق، وليس لديّ تعليق على ذلك، فقد يكون على الطرف الآخر من السيجار أحمق أكبر، لما يدفع فيه غالباً من ثمن كبير.
لا معنى للسيجار إن لم يحفظ بدرجة رطوبة وحرارة مناسبة، وبخلاف ذلك يبدأ بيض خنفساء التبغ lacioderma، الذي قد يبقى ضمن أوراق التبغ التي يتم جمعها، بالتفقيس عندما ترتفع درجة حرارة مكان حفظ السيجار، وتبدأ الحشرة بالتغذي على ورق التبغ، محدثة ثقوباً فيه، ومخلفة لوناً أخضر حولها. وبالتالي، فإن السيجار، الذي يزرع عادة في المناطق الاستوائية، بحاجة لأن يحفظ، بشكل دائم ومستمر، في بيئة مماثلة، وهذا لا يمكن توافره خارجها بغير حفظ السيجار في علبة خاصة أو براد humidor والذي قد يتراوح ثمنه بين 200 دولار وبضعة آلاف من الدولارات، ولكن يمكن الاستعاضة عنه بصندوق خشبي، توضع به ساعة ضبط الحرارة والرطوبة مع قطعة اسفنج مبللة بالماء، والفرق هنا أن الطريقة الأخيرة تتطلب مراقبة مستمرة، لكي لا تزيد الحرارة داخل العلبة أو الصندوق الخشبي عن 21 ودرجة، رطوبة تتراوح بين 67 و%71، وهذا سيعطي المدخن المتعة التي يبحث عنها، من سيجار يبقى مشتعلاً طوال الوقت، ولا يصدر حرارة غير عادية، مع احتراقه ببطء.
كما أن للرطوبة العالية مضارها على السيجار، حيث يصعب تدخينه، ويتطلب تكرار إشعاله. كما يجب أن يعرض صندوق حفظ السيجار للهواء بين الفترة والأخرى. ومن الطرق السهلة لمعرفة مدى صلاحية السيجار للتدخين هو التأكد من أن قشرته الخارجية لم تنفصل عنه بسبب قلة وزيادة الرطوبة، وأنه خال من التشققات، الناتجة عن قلة الرطوبة. كما يمكن الضغط، باصبعين، على أي طرف منه لبرهة ثم تركه فإن عاد لشكله السابق فهو صالح للتدخين. ومساهمة منا في فتاوى رمضان، فإن بعض رجال الدين لا يرون أن التدخين يبطل الصيام من منطلق أن التبغ هو أصلاً نبات جاف، وأن الأمهات كن يطبخن الإفطار باستخدام السعف أو الأعشاب الجافة، وكن أثناء ذلك يستنشقن ما يصدر عنها من دخان، ولم يقل أحد أن هذا أبطل صيامهن!