من السهل استغفال بعض الناس كل الوقت، واستغفال كل الناس بعض الوقت، ولكن من الاستحالة استغفال كل الناس كل الوقت، وهذا ما ينطبق على زعماء «الإخوان المسلمين».
عودة حركة الإخوان في الكويت عن سابق قرارها المتعلق بمقاطعة المشاركة في أي انتخابات نيابية، يعود أساسا لما أصاب كبارهم وكتّابهم من ضرر معنوي ومادي.
وما صدر عنهم حتى الآن من تبريرات هدفها استغفال الكل كل الوقت، وكأن خداع الأمم أمر سهل، خاصة عندما نعلم ذاكرة الشعوب، قد تكون أحيانا ضعيفة، ولكنها أصبحت مؤخرا، بفضل أرشيف وسائل الإنترنت، نشطة ورحبة، وبالتالي فإن خطاياهم لن تنسى، وذنوبهم لن تمحى، فأصوات حناجر كبارهم وهي تلعلع معلنة، تحت غليظ القسم، أنهم لن يشاركوا في أي انتخابات نيابية على أساس الصوت الواحد، ولو أجريت عشرين مرة! كما لا يزال فضاء «اليوتيوب» العظيم يختزن كل تصريحاتهم وكتاباتهم! ولكنهم جماعة هدفهم الوصول الى الحكم، ولا يهمهم عدد مرات تقلبهم بين موقف ونقيضه، فذئاب «الإخوان»، كما سبق أن ذكرنا، لا تهرول عبثا، فقد كانت، تاريخيا، غير مكترثة بأمور الدين والدعوة بقدر اهتمامها بمصالح كبارها، والولاء لمبادئ حزبهم.
وعلى الرغم من اتفاقنا مع آراء من رحَّب بعودة أي مكوّن سياسي عن سابق قراره بالمقاطعة والمشاركة في العمل السياسي، فإن حركة الإخوان لا تعتبر نفسها، ولا يعتبرها الكثيرون حركة سياسية، تتقلب بتقلب الظروف، بل هم يعتبرون أنفسهم أنقياء وفوق الشبهات، ودعاة إصلاح، وبالتالي من غير المقبول تجاوز كل ما صدر عن كبارهم من عنيف القول في حق قانون الصوت الواحد، وتحت غليظ القسم، وكأنهم حزب عمالي أو اشتراكي، وليس إسلاميا متشددا يفترض أنه يعطي القسم حقه، وكلمة الشرف ما لها من قدسية، ولكنهم في الحقيقة جماعة وصولية، كغيرها، وهم غالبا لا يعبأون بمبدأ!
كما ان رجوعهم، وقبولهم المشاركة في الانتخابات المقبلة لن يتضمن أي اعتذار عن سابق ما بدر منهم وعنهم من قول وفعل، وبالتالي سيعودون بنفس سابق أفكارهم البالية والأهداف المائعة، من دون الإعلان عن أي مراجعة، ولو جزئية، لسابق مواقفهم من حكم المحكمة الدستورية، ومن العملية السياسية برمتها، بل عادوا، حانثين في قسمهم، وكأن شيئا لم يكن. كما يمكن اعتبار التعليقات التي صدرت عن مناوئيهم «الدينيين» على قرار عودتهم للمشاركة في الانتخابات دليلا على سطحية أفكار الجهتين، حيث ذكر النائب السلفي عبدالرحمن الجيران ان الظهور المتردد لــ «الإخوان» دليل على عدم رسوخ اقدامهم، وبخاصة في السياسة الشرعية، التي أنكروها في مؤتمر وزارة الاوقاف الاخير!
نترك الحكم للناخب، ليقرر مدى صحة عودتهم لممارسة سابق ألاعيبهم.
• ملاحظة:
عُيِّن اللواء المتقاعد عبدالفتاح العلي رئيساً للجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة، وهو الأمر الذي طالبنا به في مقال سابق، وسعينا لتحقيقه مع وزير في المجلس، فشكراً له، وللرئيس.