الأخ الفاضل وزير التربية ووزير التعليم العالي والرئيس الأعلى للجامعة يستنفر الإدارة الجامعية عبر الاتصالات الليلية والضغط المباشر على المسؤولين في هذه المؤسسة منتقداً ومتوعداً وطالباً تشكيل لجان التحقيق والبحث والتحري، ليس لاستعدادات الجامعة لقبول دفعة جديدة من خريجي الثانوية العامة، وليس للحرائق المتكررة في مشروع الجامعة الجديد، وليس لضعف مخرجات التعليم الجامعي، وليس لتقديم عدد كبير من الأساتذة مواعيد امتحاناتهم النهائية قبل موعدها الرسمي والسفر في إجازة خاصة أثناء الدوام الجامعي، وليس لوقف المهمات العلمية عن أعضاء هيئة التدريس، وليس لبقاء جامعة الكويت عاما جامعيا كامل بدون مدير أو نواب للمدير ولا عمداء للكليات، إنما لموضوع أهم وأكثر خطورة يهدد التعليم العالي برمته.
هذا الموضوع الذي هز مشاعر معالي الوزير غضباً وأمر بتفعيل الإجراءات القانونية وغير القانونية يتمثل بملاحقة أحد أعضاء التدريس من الإخوة العرب لمجرد أنه أصيب بمرض خطير، قد لا يتمناه أي إنسان حتى لعدوه، فغادر للعلاج في الخارج بعد عقدين من الزمن في خدمة الصرح الجامعي بكل اقتدار وتفان.
هذا الأستاذ القدير الذي يعدّ علماً من أعلام العالم العربي في مجال تخصصه العلمي، أسس برنامج الدراسات العليا في قسمه العلمي وأشرف على عشرات أطروحات الماجستير، كما أسس عدداً من الوحدات التخصصية للدراسات الإقليمية، ويعد من أفضل أعضاء هيئة التدريس علماً وخلقاً بشهادة طلبته وزملائه، لكن شاءت الأقدار أن يبتليه ربه بمرض عضال فغادر وفقاً للإجراءات القانونية والإدارية للعلاج في الخارج على نفقته الخاصة، واضطر للعودة مجدداً إلى مكان علاجه بعدما رفضت مستشفيات دولة الكويت تقديم الأدوية “الأصلية” له باعتباره غير كويتي والاكتفاء بالأدوية “البديلة”.
بناءً على ضغوط السيد الوزير المباشرة تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق لبحث تواريخ وتقارير هذا الأستاذ الطبية ومدى وجود شبهات قانونية في رحلته العلاجية، والغريب أن يتم ذلك في غيابه وأثناء مواصلة علاجه، ناهيك عن محاولات حثيثة جرت لإيقاف تجديد عقده، والأسئلة المطروحة يا سعادة الوزير: هل تستحق هذه الكفاءات العلمية هذا النوع من المعاملة؟ وهل تعلم أيها الأستاذ الجامعي وأنت محاط بكتيبة من رجال القانون بأن لجان التقصي ليست سوى بدعة قانونية لم ينزل الله بها من سلطان، بل يتعارض تشكيلها مع صحيح قانون جامعة الكويت؟ أليس من المعيب يا معالي الوزير وأنت الرئيس الأعلى للجامعة ألا تثق بالقائمين على الأقسام العلمية وعمادة الكليات، وتستنفر إدارتك الجامعية لرسالة “واتس آب” من “واحد من الربع” حيث ستنكشف الحقيقة وتتأكد في القريب العاجل زيف اتهامه وإضاعته لوقتك الثمين وجهود العاملين بالجامعة؟ أتمنى أن تسأل أيها الوزير ممن زودوك بهذه المعلومات الواهية كم مرة سافروا أثناء الدوام الرسمي دون إذن أو موافقات أو حتى إخطار لجهة عملهم!
مع كل الاحترام والتقدير لشخصك الكريم وموقعك السياسي وزمالتك الأكاديمية، إلا أنه يا دكتور بدر العيسى سوف تشارك بقصد أو دون قصد في ظلم بيّن وتعسّف واضح بحق إنسان كان يستحق منك ومن إدارة الجامعة الأفضل، وكنا نتأمل هذا الحماس، ليس ضد زميل مريض يفترض الوقوف معه في محنته، إنما على صرح جامعي قيد الإنشاء وبكلفة فاقت 4 مليارات دينار وهو يحترق ويحترق دون أن تحرك ساكناً!