وكأن ما فينا من جرعات التمييز واستصغار الآخر، وما هو موجود غير كافٍ، ليتم طرح اقتراح بقانون يُبحَث في لجان المجلس بفرض ضريبة على تحويلات الوافدين العاملين في الكويت إلى الخارج، وحدد الاقتراح نسب الضريبة بـ%2 على المبالغ التي تقل عن 100 دينار، و%4 للمبالغ من 100 إلى 500 دينار، و%5 على ما تجاوز 500 دينار.
ويأتي هذا الاقتراح بعد أن أقر المجلس تمييز المواطنين ممن يسكنون في شقق مؤجرة في العمارات التجارية، بأن يطبق عليهم تعريفة استهلاك الكهرباء المطبقة على الكويتيين في السكن الخاص بـ2 فلس للكيلو واط، بدلاً من 5 فلوس التي يدفعها جاره غير الكويتي الساكن في نفس العمارة أو نفس الدور.
السؤال: ما حاجتنا إلى مثل هذه الاقتراحات والمواقف التي لا تدر إلا مكاسب مالية تافهة، لكن آثارها على المجتمع وخيمة؟! فهي توغر الصدور وتزرع الكراهية لدى أناس يعيشون بيننا.
التمييز في تطبيق تعرفة الكهرباء أثره طفيف على ميزانية المواطن بحكم أن استهلاك الشقة من الكهرباء والماء قليل لا يقارن باستهلاك بيوت السكن الخاص، وعدد المواطنين الساكنين في شقق مازال محدوداً.
لكنْ أن تتحول مثل هذه الاقتراحات (وهي إلى حد كبير تعكس مواقف موجودة في المجتمع قد تكون جزءاً من الفولكلور الاجتماعي) إلى سياسة دولة، فذلك كارثة، وقد يكون فضيحة، وسيبدو ذلك أمام المجتمع الدولي ظاهرة من ظواهر التمييز والعنصرية، وقد يعتبر نوعاً من اضطهاد الآخرين.
جزء من أمن الكويت يرتبط بما لديها من سمعة طيبة يقدرها الجميع لمواقفها في مجال الانتصار لحقوق الإنسانية وعلاقاتها الدولية المعتدلة، وقد كانت في الآونة الأخيرة موقعاً احتُضِنت فيه مؤتمرات رعاية حقوق الإنسان ومساعدة الشعوب المنكوبة بالحروب والصراعات.
ومنذ أوائل الستينيات كانت الكويت سباقة إلى تقديم المساعدات والقروض للتنمية الاقتصادية للدول النامية في الإقليم العربي، ومختلف أقطار العالم، وحصيلة ذلك رصيد غني من السمعة الطيبة.
الوافدون الضيوف هم قوة العمل الأساسية في الكويت، عددهم نحو مليونين، منهم 500 ألف يعملون مساعدين ومديري منازل في بيوتنا ومربيات لأطفالنا، فهم يشكلون %82 من العمالة داخل الكويت، مقابل %18 للمواطنين، وهذا العدد الكبير والنسبة الضخمة هما نتيجة للتطور الاقتصادي والاجتماعي ونمو أنشطة لا يكفي عدد الكويتيين للقيام بها، كما أن بعض الأنشطة المهمة لا يمارسها الكويتيون مثل البناء والإنشاءات.
وبدلاً من معاملتهم بما يليق والاعتراف بفضل ما يقدمونه من أعمال، هل يجوز أن نعاملهم بما يعتبر معاملة تمييزية بامتياز تؤدي إلى شعورهم بالغبن والظلم، وتوغر صدورهم وتزرع الكراهية في نفوسهم؟!
الإجراءات التمييزية في ضريبة التحويلات وتخصيص جزء من النهار في المستشفيات والمستوصفات، عبر وقت للكويتيين وآخر للوافدين، بدون دراسة، والتفرقة في تعرفة الكهرباء، وأخيراً الضريبة على من يحول 100 دينار إلى أهله، متناسين أنهم ما جاء إلا لتوفير قرشين لأهاليهم وهذا حقهم.
نحن نقدم مساعدات وقروضاً من صندوق التنمية بما يقارب 150 مليون دينار سنوياً، هذا غير القروض والمنح من وزارة المالية، وأصحاب الاقتراح يقدرون أن حصيلة الضريبة 120 مليوناً، وهو أقل من %10 من صفقة مقاولة مطار الكويت.
فلا تزرعوا الكراهية مقابل حفنة دنانير.
آخر مقالات الكاتب:
- انتخابات 2016 فرحة لم تكتمل
- أول مجلس يحلّ نفسه
- لا تزرعوا الكراهية فنتائجها وخيمة
- الانتخابات المقبلة… المقاطعة أسلم أم المشاركة؟
- الفساد وصل إلى العظم
- منع الاختلاط والحول الفكري
- الدمار والقتل في حلب مسؤولية روسيا
- المأزق الذي نواجهه من صنع السلطة
- وداع… وإنقاذ
- برنامج الحكومة الإصلاحي… لا جديد فيه ولا يحمل جدية