مؤسف أن أنتظر من نصاب أن يأتي، بعد ربع قرن، ليؤيد بأفعاله القذرة، ما كنت أدعو إليه وأكتب عنه، ولا أزال، وأحذر منه، وسأستمر من التحذير منه، من أن غالبية من يدعون التدين، والانتماء للأحزاب الدينية، ومن «المنشغلين» بجمع التبرعات، ومن المهووسين بقضايا الفقراء، والداعين لجمع الأموال لهم، ولحفر الآبار ومساعدة مجاهدي سوريا وغيرها، ما هم، في غالبيتهم، إلا مجموعة تهدف الى تحقيق مصالحها الشخصية والحزبية، وكل ما يصدر عنهم ومنهم من ادعاءات بالغيرة على الدين، ومحاربة المعادين للتزمت، ليست صادقة، في الغالب.
ينقل عن أحمد فؤاد نجم قوله إن رجال الدين ليسوا نصابين، ولكن النصابين يصبحون رجال دين، ولا أعتقد أن هذا القول ينطبق على شخص مثل انطباقه على ذلك المحتال، الذي دخل الكويت قبل 4 سنوات حلاق رجال، لينجح، على الرغم من تواضع تعليمه، خلال أقل من 3 سنوات، في أن يجمع عشرات آلاف الدنانير، ويضحك على كثير من القادة الدينيين، ويميط اللثام، من دون قصد، عن مؤسسات طالما تحدثنا عن أوضاعها الهشة، على الرغم من كل ما كان، ولا يزال يحيط بها من مظاهر الوقار. والحقيقة أنني لم أفاجأ بمشاهدة فيديو يبين قيام واحد من اكبر الرؤوس الشيعية بتكريمه بعمامة السادة واعتباره من بيت الرسول، من دون اي تحقق او إثبات نسب، فكم هناك من أمثاله؟!
لقد آن الوقت لكي نتساءل عن مصير ما يجمع من أموال «خيرية»، ثبت انها تصرف على كل شيء إلا على التعليم، ولولا سوء حظ ذلك المحتال، لبقي «سيداً»، وليصبح خلال سنوات قليلة من كبار أثرياء وفقهاء «الأمة»، نكتب، وخبر فضيحة الداعية السلفي «ن.م.» الذي قُبض عليه متلبسا بشهادة دكتوراه مزيفة، لم يجف، والذي عاد، من دون حياء، للاضواء مؤخرا!
إن نجاح المحتال في النصب على زعماء شيعة وسنة وصوفية، والذي لو كنت أعرفه لما ترددت في تشجيعه على كشف زيفهم، دليل على خواء بعض «مؤسساتنا الدينية».
فكيف يمكن أن يقبل وزير سابق، وزعيم للصوفية، أن يضحك عليه حلاق رجال، مع الاحترام للمهنة، ويحصل منه على ذلك المبلغ الكبير؟!
وكيف نجح هذا المحتال في الضحك على مسؤولي الأوقاف، ويصبح خطيبا في أحد مساجدها، وهو الذي لا يعرف من الدين شيئا؟
إن قضية هذه الرجل، إن كنا بالفعل جادين في محاربة الفساد والجهل والتخلف، يجب أن تدفعنا لمراجعة كل انظمة جمع التبرعات، وأموال الخمس والزكاة التي تدفع سواء لأشخاص أو مؤسسات شبه حكومية أو حكومية، ومعرفة اين تصرف! فخلال أكثر من مئتي عام على الأقل، لم يثبت ان هذه الأموال لعبت دورا في تنمية أو تقدم أي دولة! فهل نتعلم ونتعظ؟!