يحاول البعض أن يصطنع شطارة سياسية من خلال استغلال اقتراح بقانون قدمه نواب مجلس 2009 بشأن إنشاء شركات مساهمة تتولى بناء وتنفيذ مصافي النفط في الكويت، ويعتبره “رزقة” نزلت عليه من السماء لتبرير مشاريع الخصخصة التي تبنتها الحكومة بشكل واسع ومخيف ومنها بيع المرافق النفطية.
الترويج لهذا المقترح عبر مواقع التواصل الاجتماعي والذي تزامن مع الإضراب النفطي يعكس طبيعة الخلاف في المواقف السياسية، ومحاولة بائسة لضرب مصداقية مقدمي القانون وموقفهم من الخصخصة، ولذلك اكتفى الخصوم بنشر عنوان القانون دون أن يملكوا الشجاعة في عرض مواده وخاصة المادتين الأولى والثانية منه.
كوني أحد مقدمي هذا المقترح لابد من الإشارة إلى القول إن قانون إنشاء شركات المصافي كان ضمن حزمة واسعة لإنشاء شركات مساهمة كويتية في مختلف القطاعات، ومنها إنشاء المدن العمالية وتزويد خدمات الإنترنت ونقل المعلومات وإنشاء محطات القوى الكهربائية، وتحلية المياه بالإضافة إلى الشركات الخاصة بمعالجة الوضع البيئي، وذلك بهدف استعادة الدور الريادي للشركات المساهمة الوطنية وتوسعة نشاطها، كما كانت عليه الحال في عصر التنمية الحقيقية في حقبة ما بعد الاستقلال.
الهدف الآخر من هذه القوانين هو ضمان حق المواطن الكويتي في الاقتصاد الوطني وتحقيق العدالة في نصيبه من هذه الشركات التي يفترض أن تكون ناجحة وذات جدوى كبيرة بكل المقاييس، وذلك عبر قيام الدولة بدفع قيمة الاكتساب نيابة عن المواطنين بالتساوي بين الكبير والصغير والغني والفقير.
الفرق بين هذه القوانين واستماتة البعض على الخصخصة واضح وضوح الشمس، فالخصخصة هي بيع الأصول والخدمات القائمة، في حين إنشاء الشركات الجديدة مبعث للتنافس والتنوع، ناهيك عن أنها تأسيس لمشاريع جديدة، وهذا ما لا يفهمه الخصوم السياسيون لمبادئ العدالة الاجتماعية. وإذا كان منتقدو هذه الاقتراحات بقوانين يعتبرونها مثالاً للخصخصة فلماذا لا يتبنونها أو أن يأتوا بمثلها ليتحقق الإجماع لوطني عليها كجزء من الإصلاح الاقتصادي لحل مشاكل الدولة المالية، وهي على حافة الإفلاس؟ لكن رفض هذه القوانين دليل واضح على الفرق الشاسع في معنى الخصخصة والغايات المصلحية منها والمنافع التي تستهدفها فئة محدودة في مقابل شعب كامل.
أما النواب الذين نبشوا مقترح قانون إنشاء شركات بناء المصافي الذي قدم في وقته بديلاً عن قانون الخصخصة الذي أقر بفارق صوتين فقط في مجلس 2009، فيا ليتهم تحلوا بالجرأة على إظهار حزمة القوانين المكملة لقانون المصافي التي ذكرنا بعضها، بالإضافة إلى قانون المحافظة على الثروة النفطية وحسن استغلالها وقانون إنشاء المجلس الأعلى للبترول، وقانون صندوق جابر للجيل الحاضر، أو أن يقترحوا مثلها أو أفضل منها إن كانوا صادقين في الدفاع عن حقوق الشعب الكويتي، وصون حقه في الثروة النفطية، وهذه من سابع المستحيلات لأن فاقد الشيء لا يعطيه، بل يكفيهم فخراً أنه تم بيع الكويت أخيراً في ظل مجلسهم المهاب!