لماذا لا نعترف بأن لدينا فوضى مجتمعية حقيقية تظهر على السطح مع كل قضية جديدة، حتى نتمكن من تشخيص واقعنا المر ونسعى للحل؟!.
وهذه الفوضى المجتمعية لم تأت الا بعد تراكمات من الأخطاء في القرارات المصيرية التي تتعلق بالعدل والمساواة، والتي تراكمت من قبل الحكومات المتعاقبة ومجالس الأمة، على اعتبار انهما أساس الإدارة والرقابة والتشريع، وللأسف هذا الأمر انعكس على الحالة المجتمعية للبلد.
وعلى ضوء ذلك، اختلط الحابل بالنابل، فأصبحت المصلحة الشخصية لدى معظم الناس تتقدم على المصلحة العليا للبلد، ومهما شرحت الحالة الحقيقية للوضع، فلن تكون النتائج إلا آراء وتنظير نهايته يتذيل بمصلحة ضيقة سواء كانت انتخابية او وظيفية او تجارية، فلم تجد للحقيقة من نصير، فالغالبية ستنطق بمصطلح واحد «البلد ماشي چذي»!
والأدهى من ذلك، ان دائما ما نجد اللوم يتجه حول الحكومة او مجلس الأمة، وهذا امر طبيعي كونهما يمثلان الواجهة التنفيذية والتشريعية للبلد، رغم انه في حقيقة الأمر أن الشعب مشارك في هذا الخلل، كونه هو من يعين أعضاء مجلس الأمة عن طريق الانتخاب، ومن ثم يتدخل بعض أعضاء المجلس والتيارات السياسية في تعيينات الوزراء، والاستجابة تأتي نتيجة المحاصصة والترضيات والحسبات السياسية وليس للمصلحة العامة، وهكذا تدور الدوائر، ولو رأينا الوضع على حقيقته لوجدنا كل فوضى الدائرة جاءت نتيجة خلل مجتمعي تسببت به كما وضحت تراكمات سابقة.
فالحل، إن وجد لن يأتي الا بمحاربة التراكمات السابقة ولو لفترة زمنية طويلة، وذلك يأتي من خلال اغلاق باب المجاملات سواء عن طريق الشعب في اختيار نوابه او الحكومة في اختيار أعضائها الذين يفترض ان يأتوا من خلال الكفاءة وليس الحسبات السياسية، ما يعني ان الإصلاح بحاجة إلى نفضة مجتمعية تتخللها ثقافة مجتمع يرغب في الإصلاح والتطوير وليس بنظرة الانتقام والحسبات الشخصية بشأن المكاسب الخاصة، وأخيرا أقول: «حسافة علينا»!