يصرخ الطلبة الكويتيون في “بوكاتيلو” الأميركية في وجه حكومتهم: “أنقذونا من اللصوص والصيّاع الأميركان”، وكأن الحكومة هي المسؤولة عنهم، وكأنها تملك وقتاً لهم، وكأنها أمهم التي خلفتهم. يصرخون فيها مستنجدين، دون أن يقدّروا وضعها وانشغالها بخصخصة النفط لمصلحة بعض ذوي البشوت الشفافة، وخصخصة المدارس والمستشفيات، وتسليم كل هذه المرافق كـ”نقصة رمضان” لبعض التجار الكادحين، كبدي عليهم.
ثم هل قالت الحكومة لهؤلاء الطلبة لا تتعلموا الكاراتيه والجودو وفنون الدفاع عن النفس؟ هل قالت لهم لا تتدربوا على طريقة المقاتل الصيني “بروس لي” في استخدام قطعتي الحديد المربوطتين بسلسلة؟ هل منعتهم من معرفة أبجديات استخدام “الكف المفتوح”، وأن الكف المفتوح إلى الأعلى للهجوم، وإلى الأسفل للدفاع؟ لم تمنعهم الحكومة من التدرب والتعلم، بل علمتهم الاعتماد على النفس، وكأنهم بلا حكومة. وكل ذلك من أجل أن تُصقل معادنهم صقلاً مبيناً، لذا عداها العيب.
ولو تخلص هؤلاء الطلبة من الأنانية لأدركوا أن الوطنية تحتم عليهم ألا يزعجوا الحكومة في هذا الوقت العصيب، وقت توزيع الغنائم. ولو أنهم وضعوا أنفسهم مكان الحكومة وفكروا كيف يمكن ترضية هؤلاء “التجار” جميعاً، لو فكروا بعمق لأدركوا حجم معاناتها.
أيها الطلبة، حماكم الله، لا تزعجوا حكومتكم بكثر الصراخ، فتؤذوا طبلة أذنها… لتُسرقوا بهدوء، ولتموتوا، إن لزم الأمر، بصمت، وسيكتب عنكم الناس في “تويتر”، ولتوطّنوا أنفسكم على مستقبلكم في بلد كان نفطياً، فالدنيا لا تدوم، والنفط لا يدوم، ودوام الحال من المحال، ولتتركوا الحكومة تؤدي مهمتها الكبرى، بتوزيع الغنائم والحقول والمصافي على أعمامها وأسيادها، بصمت أيضاً.