النظرة الدونية

عندما تريد أن تعرف أي شخص فعليك أن تعرف نظرته لبعض الأمور، فإن كان يفكر بالمستقبل فهو إنسان حكيم وصاحب نظرة بعيدة، وإن كانت نظرته قصيرة أو كما نقول بالعامية «نظرته تحت قدميه» فعليك أن تنتبه منه فهو شخص لا يفرق بين النظرة والنظارة وقد تتورط بما سيوصلك له بسبب قصر نظرته.
لا تهمنا نظرات الجميع، فهناك من عرفنا أن نظرته دونية وهو الشخص الذي تكون نظرته أقل بكثير من النظرة القصيرة فهو شخص يبحث عن مصلحته الخاصة وقد يتسبب بأذى كبير للكثير من الناس، والمصيبة الأكبر حين يكون ضحاياه ممن يصفقون له ويؤيدونه بذلك كما حدث في كثير من الأمور السابقة.

منذ بداية الحياة البرلمانية في الكويت ابتلينا ببعض مشرعين نظراتهم قصيرة ويبحثون عما يجعلهم يجلسون في كراسيهم أطول مدة، ضاربين بمصلحة الكويت العامة عرض الحائط دون التفكير بعواقب نظرتهم الدونية التي بدأت نتائجها تظهر للسطح حاليا.

لقد أدت بعض الزيادات المالية لبعض القطاعات إلى التسبب بمشاكل لكثير من الأسر وسأذكر لكم قصة حقيقية على سبيل المثال، فقد تخرج شقيقان في نفس الجامعة ونفس التخصص وعمل كل منهما في وزارة مختلفة وقد منح أحدهما كادرا وظيفيا فيما لم يحصل الآخر على أي كادر في وزارته وبفوارق كبيرة مما تسبب بمشاكل عائلية بين زوجتيهما كانت نهايتها الانفصال.

اليوم تتخوف الكويت من المرور بضائقة مالية حالها حال دول العالم وقد بدأت بمحاولة إصلاح بعض أوجه الصرف والتبذير وقد بدأت بخطوة المطالبة بمشاركة الشعب في المساهمة بالحلول، فمثلما كان يردد البعض بأنهم شركاء بالحكم والمال فقد أتى الوقت الذي يكونون فيه شركاء بالتوفير لخدمة وطنهم، فليس من المنطق أن نتعامل مع وطننا كمكينة صرف فقط.

أتمنى أن تكون نظرة الجميع نظرة بعيدة المدى فنحن لسنا بمنأى عما يحدث في العالم من أزمات مالية تعصف بالجميع، فالنظرة الدونية والقصيرة جعلت بعض البلدان تئن من وطأة الديون العالمية وباعها أهلها لمن يدفع أكثر.

أدام الله نظرة صاحب السمو، البعيدة والثاقبة، ولا دامت النظرات الدونية للبعض والذين يبحثون فقط عن كراسيهم.